قالت روسيا يوم الجمعة إن مشروع قرار للأمم المتحدة بشأن هدنة في مدينة حلب السورية غير مقبول بينما تواجه موسكو ضغطا دوليا متزايدا لوقف قصف مدمر للمدينة بدعم من القوة الجوية الروسية.
وذكر نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف يوم الجمعة أن مشروع القرار الفرنسي يحوي عددا من النقاط غير المقبولة وإنه سيّس قضية المساعدات الإنسانية.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال إن موسكو على استعداد لدعم مقترح مثير للاهتمام لمبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا بشأن قيامه شخصيا باصطحاب مقاتلي جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليا) خارج مدينة حلب.
وأضاف لافروف أن روسيا على استعداد لدعوة الحكومة السورية للسماح لمقاتلي جبهة النصرة بالانسحاب من مدينة حلب وأسلحتهم في أيديهم.
كان لافروف يتحدث بعد يوم من عرض الرئيس السوري بشار الأسد عفوا عن المقاتلين وأسرهم لمغادرة شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة بموجب ضمانات بمرور آمن إلى أجزاء أخرى من سوريا تسيطر عليها المعارضة.
لكن مقاتلين معارضين قالوا لرويترز إنهم لا يثقون في الأسد وعبروا عن اعتقادهم بأن هذه الخطوة تهدف إلى إخراج السنة من شرق حلب.
ويأتي العرض بعد أسبوعين من بداية أعنف قصف في الحرب الأهلية المستمرة منذ خمسة أعوام ونصف على المحاصرين داخل القطاع الشرقي من حلب تسبب في نسف مبادرة سلام تدعمها الولايات المتحدة.
ويُعتقد أن أكثر من 250 ألف شخص محاصرون في شرق حلب ويواجهون نقصا حادا في الطعام والدواء.
وأودت الحرب بالفعل بحياة مئات الآلاف من الأشخاص وشردت نصف السوريين واجتذبت إليها قوى عالمية وإقليمية وتركت مساحات شاسعة من البلاد في أيدي متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين نفذوا هجمات في أنحاء العالم.
وتقاتل كل من الولايات المتحدة وروسيا الدولة الإسلامية لكنهما تدعمان طرفين مختلفين في الحرب الأهلية الأوسع إذ تقاتل موسكو لحماية الأسد بينما تدعم واشنطن معارضيه.
“جرائم فظيعة”
حثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل روسيا يوم الجمعة على استخدام نفوذها لدى الحكومة السورية لإنهاء القصف المدمر لحلب كما فتحت حكومتها الباب أمام إمكانية فرض عقوبات على روسيا لدورها في الصراع.
وفي واحد من أشد تصريحاتها حتى الآن قالت ميركل إنه لا يوجد في القانون الدولي ما يبيح قصف المستشفيات وإن موسكو يجب أن تستخدم نفوذها على الأسد لوقف قصف المدنيين.
وقالت لأعضاء حزبها في ألمانيا “لروسيا كثير من النفوذ على الأسد. لا بد أن نوقف هذه الجرائم الفظيعة.”
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الأعمال الروسية والسورية ومنها قصف المستشفيات في سوريا تستدعي تحقيقا في جرائم حرب.
وأضاف كيري للصحفيين “الليلة الماضية هاجم النظام (السوري) مستشفى آخر وقتل 20 شخصا وأصيب 100. روسيا والنظام مدينان للعالم بأكثر من تفسير بشأن ضرب المستشفيات والمنشآت الطبية والأطفال والنساء.. تلك أعمال تستدعي تحقيقا مناسبا بشأن جرائم حرب ويجب محاسبة مرتكبي هذه الأعمال.”
وذكرت وكالة تاس للأنباء أن روسيا قالت يوم الجمعة إن الدعوات التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لفتح تحقيق في أفعال موسكو في سوريا هي محاولة لصرف الانتباه عن فشل وقف إطلاق النار الذي دعمته روسيا والولايات المتحدة.
ونقلت وكالة الاعلام الروسية عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها “من الخطورة بمكان اللعب بمثل هذه الكلمات لأن جرائم الحرب تثقل أيضا كاهل المسؤولين الأمريكيين.”
وتتهم روسيا وسوريا الحكومة الأمريكية بتأييد الإرهابيين بدعمها لجماعات المعارضة. وتقول الحكومتان السورية والروسية إنهما تستهدفان المتشددين فقط.
في غضون ذلك أظهر تحليل أجرته رويترز لبيانات معلنة أن روسيا عززت قواتها في سوريا منذ انهيار وقف إطلاق النار في أواخر سبتمبر أيلول حيث أرسلت قوات وطائرات وأنظمة صاروخية متطورة.
ويُتوقع أن يصوت مجلس الأمن الدولي يوم السبت على مشروع قرار يدعو إلى هدنة فورية في حلب وفرض منطقة حظر طيران والسماح بدخول مساعدات إنسانية. كما “يطالب جميع الأطراف بأن تنهي القصف الجوي والطلعات العسكرية فوق مدينة حلب.”
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو عبر مترجم للصحفيين مع كيري في واشنطن “غدا سيكون لحظة حقيقة – لحظة حقيقة بالنسبة لكل أعضاء مجلس الأمن. ’أجب بنعم أو لا’ هل تريد وقفا لإطلاق النار في حلب؟ والسؤال موجه لشركائنا الروس على وجه الخصوص.”
ومن المتوقع أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو).
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف لوكالة إنترفاكس الأنباء إن موسكو كانت تأمل أن المحادثات مع أيرو الذي زار موسكو في وقت سابق هذا الأسبوع “ستساعد في إيجاد سبيل للمضي قدما.
“وبدلا من ذلك لدينا الآن في نيويورك محاولة للابتزاز السياسي من خلال طرح مشروع قرار فرنسي بشأن الأزمة السورية للتصويت ربما غدا وهو غير مقبول بالنسبة لنا.”
* القتال في حلب
اشتبك الجيش السوري وحلفاؤه يوم الجمعة مع مقاتلي المعارضة في جنوبي حلب.
وتركز القتال في منطقة الشيخ سعيد وهي منطقة خاضعة للمعارضة قريبة من الراموسة التي شهدت أعنف المعارك في وقت سابق من الصيف لكن وردت تقارير متضاربة بشأن المعارك.
وظلت الضربات الجوية على المناطق الخاضعة للمعارضة في حلب أخف بدرجة كبيرة من القصف خلال الأسبوعين السابقين بعد إعلان الجيش يوم الأربعاء عن تخفيف القصف.
وقال عمار السلمو مدير الدفاع المدني في حلب إنه لم يقع أي قصف على الأحياء بالمدينة يوم الجمعة حتى الآن لكن الأمور قد تتغير خلال ساعة.
وقال مصدر بالجيش السوري إن الجيش سيطر على مواقع عديدة مهمة في منطقة مرتفعة بالشيخ سعيد لكن المعارضين قالوا لاحقا إنهم صدوا الهجوم ولا يزالون يسيطرون على المنطقة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عددا من الغارات الجوية استهدفت في وقت لاحق يوم الجمعة منطقة الشيخ سعيد. ومن ناحية أخرى أفاد التلفزيون السوري بأن قصف المعارضة لأحياء تسيطر عليها الحكومة أودى بحياة أربعة أشخاص وأصاب عددا أكبر كثيرا.
ومنذ بدء الهجوم قبل نحو أسبوعين عقب انهيار وقف إطلاق النار قصير الأجل حقق الجيش وحلفاؤه بعض التقدم في أحياء بشمال ووسط منطقة شرق حلب.
لكن دي ميستورا قال يوم الخميس إن اجتياح شرق حلب بالكامل قد يستغرق شهورا وسيتضمن تدمير المدينة وخسارة كبيرة في الأرواح.
رويترز