عربي 21ـ أمل عبد المنعم الزمراني
نشرت صحيفة “نويه زيورشر تسايتونغ” الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن اتجاه الولايات المتحدة والصين إلى خطر الحرب، مشيرة إلى التطورات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وما ستكون عليه العلاقات الدولية خارج المنطقة في السنوات المقبلة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تواجه عقدا حاسما. واليوم، يصطدم النظامين الأمريكي والصيني بالفعل في هذه المنطقة، بدلا من العمل على ضمان الاستقرار لصالح الاقتصاد العالمي. هذا التصادم لا يمثل البداية المؤكدة لمعركة إزالة الهيمنة على نطاق عالمي، ولكن التطورات في آسيا والمحيط الهادئ ستشكل طابع العلاقات الدولية خارج المنطقة في السنوات المقبلة. وسوف تتأثر أوروبا أيضا.
الخوف من حرب بين قوة مسيطرة وقوة صاعدة
أشارت الصحيفة إلى أن المواجهة بين الولايات المتحدة والصين ليست وحدها موضع التساؤل، إذ أن شكل التنافس الاستراتيجي هو أيضا محل شك. في الواقع، يرى العديد من صناع القرار السياسيين والاقتصاديين أن النزاع العسكري مستبعد، غير أن بقاء الصراع بين الولايات المتحدة والصين بعيدا عن عتبة الحرب بصفة دائمة هو قرار يظل مفتوحا.
إن استمرار احتمال وقوع حرب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا يعزى إلى التحولات الهيكلية في السلطة فحسب، بل أيضا إلى القرارات السياسية الملموسة. وفي حين أن التغيرات في السلطة ترجع أساسا إلى التطور الاقتصاد الصيني السريع على مدى العقود الثلاثة الماضية، فإن القرارات السياسية تتأثر بصناع القرار ومصالحهم والعوامل السياسية المحلية. إن دراسة جميع هذه العوامل سيوضح أسباب توجه الولايات المتحدة والصين حاليا نحو مرحلة أكثر إثارة للجدل في علاقاتهما.
تريد الصين أن تكون قادرة على الفوز
بينت الصحيفة أنه في الصين، تنمو الميزانية العسكرية بوتيرة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي منذ سنوات. ولكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو جمع التحديث العسكري وجهود التسلح مع العنصر الإقليمي في “الحلم الصيني” لشي جين بينغ، الذي ينص على إعادة إدماج الأراضي “المفقودة” في العقود المقبلة. وهذا النهج يتعارض بشدة مع رؤية الولايات المتحدة للنظام، ومع معظم البلدان المطلة على المحيط الهادئ.
وأوردت الصحيفة أن التيارات القومية تتصدر الساحة السياسية في كل من واشنطن وبكين، ويمكن أن تكون مساهمة استعدادها للتصعيد، على المستوى التجاري غالبا، في تفاقم الوضع، مجرد حكم خاطئ. فمن ناحية، هيأ شي جي بينغ الظروف للحفاظ على السلطة مدى الحياة، ومن ناحية أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق مصالح في علاقتها مع الصين.
وذكرت الصحيفة أنه من الجانب الصيني، لم يعد الأمر يتعلق فقط بالقدرات المتنامية لجيش التحرير الشعبي فحسب وإنما بالتغيير التدريجي في التفكير العسكري كذلك. تنعكس المطالبات الإقليمية الصينية من خلال الاهتمام برفع تكاليف التدخل الأمريكي، وهزيمة القوات الأمريكية في المنطقة بشكل استباقي وحاسم. وينبغي أن يكون جيش التحرير الشعبي قادرًا على تحقيق انتصارات، بفضل قواته الجوية والبحرية، قبل أن يتمكن الخصم من تطوير إمكاناته العسكرية بشكل كامل.
وتظل أفضل السبل لمواجهة هذه الطموحات الصينية محور جدل واسع في الولايات المتحدة بعد سنوات من المناقشات التقنية. تثير المقاربات التي تقوم على فكرة توجيه ضربات عسكرية ضد أهداف داخلية في الصين الجدل بسبب خطر التصعيد الهائل المترتب عليها. وينطبق الأمر ذاته على القدرة على التعامل مع العدوان الصيني بحصار بحري إذا لزم الأمر.
وليس من الممكن تماماً استبعاد حقيقة أن الوباء يُثبط الطموحات الصينية. بيد أنه في الوقت الراهن، يبدو أن الحالة في غرب المحيط الهادئ تسير في الاتجاه المعاكس. فعلى سبيل المثال، تستخدم الصين حالياً هذا الوباء لصرف انتباه الغرب من أجل ممارسة المزيد من الضغوط العسكرية على تايوان. وفي أغلب الأحيان، واجهت القوات المسلحة التايوانية استفزازات من جيش التحرير الشعبي في الأشهر الأخيرة.
أوهام خطيرة
وفيما يخص “السلام النووي” أفادت الصحيفة بأن النظرية التي تقول إن وجود أسلحة نووية من شأنه أن يَحول فعلياً دون نشوب حروب بين القوى الكبرى باتت محل شكوك إلى حد كبير. وفي العلاقة بين الولايات المتحدة والصين على وجه التحديد، فإن هذه الفكرة بعيدة كل البعد عن الواقع. صحيح أن الأسلحة النووية تمثل أسلوب ردع فعال ولكنها لا تستطيع منع الحرب إلا إذا اقتنع الجانبان بأن العمل العسكري التقليدي يمكن أن يتصاعد إلى المستوى النووي.