قالت ثلاث صحف تركية رئيسية، إن الجيش التركي يعمل بشكل متسارع وبتوجيهات من المستوى السياسي على وضع مخططات لإقامة منطقة عازلة على طول 110 كم وعمق 35 كم داخل الأراضي السورية، وذلك بهدف إبعاد الخطر المتزايد لتنظيم «الدولة الإسلامية» على تركيا، ومنع إقامة كيان كردي على حدود البلاد.
ولم تؤكد مصادر رسمية تركية هذه الأنباء، لكنها تتزامن مع اجتماعات مكثفة أجراها كبار القادة الأمنيين والسياسيين في البلاد في الأيام الأخيرة التي شهدت عمليات تهجير واسعة قامت بها القوات الكردية للقرى العربية والتركمانية شمال سوريا، وتصاعد الهجمات التي يشنها تنظيم «داعش» على المناطق الحدودية مع تركيا، وبعد يومين من تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن بلاده لن تسمح بإقامة كيان كردي على حدودها.
واتهم القوات الكردية التي طردت تنظيم «الدولة الاسلامية» من مناطق عدة مجاورة للحدود مع بلاده بأنها تريد «تغيير التركيبة الديموغرافية» في المناطق التي سيطرت عليها، كما نقلت عنه وسائل الإعلام التركية.
وذكرت صحيفة «يني شفق»، أن الجيش التركي يعد مخططاته المتعلقة بإقامة منطقة حدودية آمنة شمال سوريا بعمق 35 كم وطول 110 كم، مشيرة إلى أن محاولات حزب «الاتحاد الديمقراطي» لإنشاء دولة كردية شمال سوريا وتوجه تنظيم «داعش» إلى الأهداف الاستراتيجية دفعت الحكومة التركية إلى توخي الحذر والتهيؤ لإنشاء الممر الآمن.
وتفيد الصحيفة بأن رئاسة أركان الجيش وجهاز الاستخبارات التركي سيتعاونان في وضع اللمسات الاخيرة على المخطط، الذي يتضمن دخول 18 ألف جندي من بوابتي مرشدبنار وقرقامش إلى عمق ثلاثة وثلاثين كيلومترا حتى يوم الجمعة المقبل، لافتةً إلى أن قرار إقامة المنطقة الآمنة تم الاتفاق عليه بين رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، حيث طالبا رئيس أركان الجيش نجدت أوزال إنهاء استعداداته بهذا الشأن والذي أكد بدوره جاهزية القوات المسلحة التركية للقيام بالعمليات العسكرية المطلوبة.
وبحسب الصحيفة، فإن وزارة الخارجية التركية بدأت في إرسال رسائل إلى النظام السوري عبر إيران وروسيا تخبره فيها أن تشكيل المنطقة الآمنة يمنع تقسيم سوريا.
وتقيم وحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتل «تنظيم الدولة» في شمال سوريا علاقات مع حزب «العمال الكردستاني» الذي تعتبره أنقرة منظمة «إرهابية». حيث يشكل احتمال إقامة منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا خاضعة لحزب «العمال الكردستاني» مصدر قلق كبير لتركيا التي تخشى ان يتأثر أكرادها بذلك فضلا عن ان هذه المنطقة ستكون مجاورة لإقليم كردستان العراق.
من جهتها، قالت صحيفة «حرييت» التركية إن السلطات التركية جهزت نحو 12 ألف جندي تركي للتدخل البري وإقامة منطقة أمنية قرب الحدود مع سوريا.مضيفةً: «ما لا يقل عن 12 ألف جندي تركي أصبحوا جاهزين للتدخل في سوريا بهدف إقامة منطقة أمنية قرب الحدود بين البلدين».
ونقلت الصحيفة عن ما وصفتها بـ»مصادر مسؤولة» في أنقرة أن «الحكومة التركية ترغب في تحرك أكثر نشاطا من جانب الجيش لدعم «الجيش السوري الحر» المعارض ضد الحكومة السورية والقوات الكردية والجهاديين في الأراضي السورية»، لافتة إلى أن «هناك مباحثات بين الحكومة وقيادات الجيش حالياً لإقناع الجيش ورسم الخطط من أجل ذلك».
وادعت الصحيفة أن «الجيش التركي يبدي معارضته لذلك ويسعى لكسب الوقت»، في حين ما تزال المباحثات جارية لتشكيل الحكومة الجديدة في تركيا.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة «ميلليت» التركية، آراء بعض المصادر السياسية التي تتحدث عن ضرورة تدخل الجيش التركي، لأن الحكومة التركية مصرة على منع سيطرة حزب «الاتحاد الديمقراطي» الجناح السوري لتنظيم «بي كا كا» أو سيطرة تنظيم «داعش» على منطقة جرابلس، مشيرة إلى أن للجيش التركي القدرة على السيطرة على شريط حدودي بعمق 40 كيلومترا باستخدام المدفعية الثقيلة، وقدراته الجوية دون الدخول في سوريا مما يساعد «الجيش السوري الحر» في إعلان الشريط الأمن، كما أن صلاحية الحكومة التركية تسمح بتوغل الجيش التركي أو القيام بعمليات تعقب في هذه المنطقة عند الحاجة.
واعتبرت الصحيفة أن إعلان رئاسة أركان الجيش التركي، بأن قواتها المسلحة لن تتهرب من المسؤوليات الملقاة على عاتقها يأتي «رداً على ادعاءات بعض المصادر التي تقول بأن الرئاسة تتهرب من تنفيذ أوامر القيام بفعاليات عسكرية داخل سوريا».
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال، الجمعة: «لن نسـمح أبـدا بإنشاء دولة شمال سوريا، على حدودنا الجنوبية، وسيسـتمر كفاحـنا في هـذا السبـيل مهـما كانـت التـكلفة».
وأضـاف «النتائج على أرض الواقع تظهر قيام الأسد (رئيس النظام السـوري) وتنظيم داعش، والتنظيم الانفصالي (في إشارة لحزب بي كا كا)، بالسير على الخط نفسه.»
واعتبر أردوغان أن جهود من وصفها «الأطراف المعادية لتركيا» تهدف إلى توجيه الرأي العام الداخلي، وشحنه ضد البلاد، موضحا أن تلك الأطراف تهدف من وراء ذلك إلى «تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة من خلال إرغام تركيا على البقاء خارج الأحداث».
القدس العربي