قال مراقبون ومستشرقون إسرائيليون إن دعم إسرائيل لأكراد العراق كمن يضع أصبعه في عين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن دعمها للبارزاني يعيد للأذهان الدعم الذي قدمته تل أبيب للرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل الذي اغتيل بسبب ذلك.
الكاتبة في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ألكسندار لوكاش أن دعم إسرائيل علانية للأكراد قد يدفعها لمواجهة مع تركيا رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يطمح من دعمه للأكراد إلى إقامة قاعدة استخبارية على حدود إقليم كردستان العراق مع إيران.
وبحسب شبكة “الجزيرة”، نقلت الصحيفة عن المستشرق مردخاي كيدار المحاضر بجامعة بار-إيلان أن مصلحة إسرائيل تكمن في إعلان دعمها لانفصال كردستان العراق، لأنه يحقق لها أغراضا اقتصادية متعلقة بالنفط، واعتبارات أمنية واستخبارية.
وأضاف مردخاي كيدار أن إقامة دولة كردية تقرب إسرائيل أكثر من حدود إيران عبر وسائل التنصت والمراقبة والتجسس، وهي التي كانت تشكو طوال السنوات الماضية من ابتعاد المسافات عن إيران، مما يجعل الأخيرة تعارض إقامة دولة كردية خشية أن تتحول إلى “ثكنة إسرائيلية”.
لكن الباحث في منتدى التفكير الإقليمي بجامعة تل أبيب عيدان برير له رأي آخر، إذ يقول إن الدعم الإسرائيلي للأكراد يسبب الكثير من الإشكاليات، فتل أبيب يجب عليها ألا تكون جزءا من السجال الحاصل بالمنطقة، ولا تدعو إلى تفكيك دول لأن ذلك قد يطالها أيضا، مما يتطلب منها الوقوف على الحياد.
وأضاف الباحث الإسرائيلي أن إسرائيل تقيم علاقات تاريخية مع الأكراد منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إذ عمل رجال الاستخبارات الإسرائيلية في إقليم كردستان بتعاون كامل مع نظرائهم من رجال مصطفى البارزاني والد رئيس الإقليم حاليا مسعود البارزاني.
علما بأن وجود دولة للأكراد في محيط معاد لإسرائيل مثل العراق وتركيا وإيران سيجعل من الصعب على هذه الدولة أن تكون دولة مناصرة لإسرائيل.
ويقول الكاتب الإسرائيلي في صحيفة “معاريف” جاكي خوجي إن إسرائيل على غير العادة التزمت الصمت إزاء إعلان نتائج استفتاء كردستان العراق حتى أن وزراءها ومساعديهم المعتادين على التفوه بتصريحات مثيرة للجدل لم ينبسوا ببنت شفة رغم أن إسرائيل كانت قبل أسابيع الدولة الأولى والوحيدة بالعالم التي باركت الاستفتاء.
وأضاف خوجي أنه حاول الحصول على تعقيب من وزارة الخارجية الإسرائيلية على تصريحات للرئيس التركي الذي حذر الأكراد من احتمائهم بالدعم الإسرائيلي، لكن لم يصله أي رد.
وفسر خوجي -وهو محرر الشؤون العربية في الإذاعة العسكرية- الصمت الإسرائيلي بأن إسرائيل ربما وصلتها إشارة من جهة ما بضرورة خفض صوتها فيما يتعلق بالملف الكردي، والتوقف عن تكرار موقفها بدعم مسعود البارزاني، لأن ذلك تسبب له بإحراج في العالم العربي.
ويشير الكاتب الإسرائيلي بموقع “نيوز ون” إلياهو كاوفمان إلى أن العلاقة الغرامية القائمة بين إسرائيل والأكراد مضى عليها عقود من الزمن، ومع ذلك يجب على تل أبيب التصرف بحذر في دعمها لهم، لأن رفع أعلامها في مدينة أربيل مركز إقليم كردستان قد يسيء للأكراد.
وأضاف كاوفمان أن هذا الدعم الإسرائيلي للبارزاني يعيد للأذهان الدعم الذي قدمته تل أبيب للرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل الذي اغتيل بسبب علاقاته الوثيقة مع إسرائيل، مما يتطلب من الأخيرة التعامل في المسألة الكردية بهدوء بعيدا عن وسائل الإعلام.
ويتوقع باحثون ومحللون سياسيون أن يزداد التصعيد بين تركيا وإسرائيل، وأن يصل إلى حدود الأزمة السياسية الحقيقية، بسبب دعم الأخيرة استفتاء انفصال إقليم شمال العراق الذي عدّته أنقرة تهديدًا للأمن القومي التركي.
ويشدّد هؤلاء على أن التوتر الجديد يكشف عن هشاشة العلاقات التركية الإسرائيلية، رغم تجاوزها أزمة سفينة “مافي مرمرة” التي قتلت إسرائيل فيها عشرة ناشطين أتراك أثناء إبحارهم في سفينة كسر الحصار عن قطاع غزة الفلسطيني أواسط عام 2010.
فقد انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم إسرائيل للانفصال الكردي، وقال إنها الدولة الوحيدة التي تدعم هذه الخطوة، معتبرا ذلك “خيانة” لن ينفع الإقليم اعتماده عليها.
وتتوالى ردود الفعل الحادة من إيران وتركيا على استفتاء إقليم كردستان. لكن الإجراء الأقسى جاء من بغداد التي أوقفت الرحلات الجوية الدولية إلى مطاري أربيل والسليمانية بعد رفض الجانب الكردي تسليم إدارتهما.
واعترضت أربيل قائلة إن الحكومة العراقية تجوّع الإقليم، بينما تؤكد بغداد أنها تبسط سيادتها وفق الدستور وتستهدف سلطة الإقليم لا الشعب.
ترك برس