احتل لقاء المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسيفرانسوا هولاند مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأكثر من ست ساعات بدائرة المستشارية الألمانية ببرلين مكانا بارزا بصحف ألمانيا الصادرة الجمعة، ووصفتها بقمة اللغة القاسية.
وتحدثت مقالات الرأي عن دبلوماسية ميركل مع سيد الكرملين، وتعرضت لما وصفته “بإحباط المستشارة الألمانية من قمة اللغة القاسية” مع بوتين، وتوقعت تلك المقالات أن تدفع تهديدات العقوبات الجديدة على روسيا بوتين للتفكير طويلا في الخسائر الفادحة له ولنظامه جراء استمراره في الاعتماد على آلته العسكرية في سوريا.
وتحت عنوان “الدبلوماسية على طريقة ميركل” كتب شتيفان راون في “زود دويتشه تسايتونغ” أن “من المحتمل أن لقاء ميركل وهولاند مع الرئيس الروسي لم يسفر عن أي نتيجة، وأن معاناة السوريين بعده ستستمر، وربما ستواصل موسكو رهانها على القوة العسكرية لتحقيق نصر تتطلع إليه، لكن لقاء برلين كان له رغم ذلك طابع استثنائي”.
كلمات مؤلمة
وقالت الصحيفة إن المستشارة الألمانية “سعت بقوة إلى ثني بوتين عن المضي في طريقه الضال بسوريا”، وأوضحت أن ميركل لم تفعل ذلك بتهديد ضيفها الروسي بعقوبات جديدة فقط، أو بتحذيره من عمل عسكري غربي، وإنما قالت له إن إستراتيجيته في سوريا فاشلة لا محالة.
وذكر براون أن “هذا الأسلوب وإن بدا مثيرا للسخرية فإن معرفة ميركل الجيدة ببوتين جعلتها توجعه مثلما لم يؤلمه أكثر من أي شيء آخر بقولها إن مصيره الفشل والخسارة الحتميين”، وأضاف أن رسالة ميركل للرئيس الروسي هي أنه حتى لو انتصرت بلاده على أشلاء مئات آلاف السوريين فلن تستطيع تحقيق هدف واحد مما تسعى لتحقيقه في سوريا والمنطقة.
وأوضح الكاتب أن رسالة مستشارة ألمانيا هي أنه “حتى لو بقي بشار الأسد رئيسا فسيكون مرفوضا دوما من السوريين، وأن تطلع روسيا لمزيد من النفوذ بالشرق الأوسط لن تقبل به قوة إقليمية واحدة بالمنطقة، والعكس هو الذي سيتحقق من سعي الروس لقوة أكثر لأن كلفة هذا ستكون في النهاية باهظة وغير محتملة”.
وخلصت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” إلى أن ما قالته ميركل لبوتين كان مجرد كلمات، لكنها كانت شديدة الإيلام للرئيس الروسي.
حدة ووضوح
وتعرض الكاتب ألبريشت ماير في “دير تاجسشبيغيل” للأجواء التي خلفها اللقاء الألماني الفرنسي الروسي، وكتب تحت عنوان “قسوة للقاسي” أن ميركل وهولاند لم يسبق لهما أبدا أن انتقدا الحملة العسكرية الروسية في سوريا بهذا المستوى من الوضوح والحدة مثلما فعلاه أثناء اجتماعهما ببوتين.
وقال الكاتب إن المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي بدت عليهما علامات إحباط شديد وهما يتجهان إلى قاعة المؤتمر الصحفي المشترك، وأضاف أن ظهورهما كان استثنائيا لأن نبرتهما اختلفت عن مثيلاتها في مؤتمرات صحفية سابقة، وحتى في قضايا حرجة مرت بها أوروبا.
وأضاف ماير أن لغة ميركل وهولاند كانت استثنائية بتعبيرها عن صدمتهما من سياسي آخر لم يتجاوب مع مساعيهما الدبلوماسية هو فلاديمير بوتين.
ورأى بيرتهولد كوهلر في صحيفة “فرانكفورتر ألغماينة” أن مبادرة النية الحسنة لميركل وهولاند والمتمثلة في استقبال بوتين ببرلين كانت مناسبة استغلتها آلة الدعاية الروسية داخليا وخارجيا.
وقف الغارات
وأضاف كوهلر أن قمة اللغة القاسية مع بوتين لم تحقق معجزة مثلما توقعت ميركل، إلا أنها أسهمت في تمديد وقف القصف الروسي على حلب ثلاثة أيام على الأقل، وأبقت الاتهام موجها لروسيا بارتكابجرائم حرب في سوريا.
ورأى الكاتب أن التهديد الأوروبي بفرض عقوبات ضد روسيا لإرغامها على تغيير سياساتها بسوريا لن يحول بوتين إلى ديمقراطي خالص، لكنه سيرغمه على التفكير مليا أكثر من أي وقت مضى في الخسائر والتكاليف الفادحة لحملته العسكرية بسوريا، وتأثيرها المدمر عليه شخصيا وعلى نظامه.
الجزيرة