يبدو رئيس النظام السوري مصمماً على المضي قدماً نحو انتخاباته الرئاسية، ولسان حاله يقول ـ ربما ـ : وهل بوتفليقة والسيسي أحسن مني؟ قد لا يكونان أحسن منه من حيث منطق الحكام المستبدين ومسلكهم، ولكن مؤكد أنهما لم يدمرا بلديهما كما فعل، ولم يتسببا بقتل وإعطاب وأسر وتشريد ملايين من السكان، وهما يسيطران عملياً على كامل الأرض وإن كانت شرعيتهما المجردة مشوبة مثله. حتى في هذه هما في وضع أفضل لأنهما لم يرثا الجمهورية في بلديهما من أبيهما كما فعل. أما من حيث ‘السيادة’ التي يطنب عليها كل يوم، فهو أيضاً خاسر في مضمارها أمام قرينيه. لا أحد من المعارضين السوريين يصرح بأحلامه علناً بطبيعة الحال، لكن مؤشرات كثيرة لا تخطئ تخبرنا بطموحاتهم وأحلامهم الجامحة. ولا بد من القول، قبل كل شيء، إن الناس أحرار في طموحاتهم السياسية، ومن حق كل سوري، مبدئياً، أن يسعى إلى شغل مناصب عامة بآليات محددة في نظام سياسي مأمول قيامه بعد سقوط النظام الساقط. ولكن بالمقابل لن ينجو معارض يعتقد نفسه زعيماً أو نبياً وتشي أقواله وأفعاله عن طموحات رئاسية في غير أوانها، من سخرية الناس في بيئة مفتوحة من حرية التعبير أتاحتها الثورة السورية لعموم الناس. أول من يخطر في البال من المعارضين الحالمين بالرئاسة شخصية اكتفت مؤقتاً بـ’رئاسة فخرية’ لأحد أطر المعارضة السياسية بعدما خسر ‘معركة’ جنيف2 بـ’إقصائه’ والإطار السياسي الذي يمثله عنها بقرارات دولية و’تواطؤ’ معارضة ‘الخارج’. في مرحلة سابقة وظروف مختلفة، تداول الإعلام اسمه كرئيس حكومة انتقالية محتمل في ظل رئاسة بشار الأسد. وحين طرح عليه السؤال عن ذلك، في إحدى الصحف العربية الموالية لنظام بشار، لم ينفِ ولم يؤكد، بل اختار جواباً حكيماً ملتبساً عن أن الوقت مبكر على افتراضات مماثلة, وغيره من الأمثلة. شهوة الرئاسة في ثقافتنا ظاهرةً كرسها استبداد عمره قرون ودكتاتوريات فظة بدائية استولت على الحكم بعد الاستقلال، وهي ‘سدرة المنتهى’ في شهوة السلطة بصورة أعم وأوسع. وإذا كانت هذه الشهوة لدى الحكام الفعليين مأساة كبيرة، فهي لدى معارضين في زمن ثورة ‘جيولوجية’ كالثورة السورية ملهاة كبيرة.
بكر صدقي .. كاتب سوري, #القدس #العربي