وصفت شخصيات فلسطينية سياسية في قطاع غزة، اليوم الأحد، السلوك الهولندي الأخير تجاه تركيا بأنه “غير الحضاري”.
واعتبرت الشخصيات في حوارات منفصلة مع الأناضول، سحب هولندا تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أراضيها، ورفضها دخول وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية فاطمة بتول صيان قايا، إلى مقر قنصلية بلادها في روتردام “عدواناً دبلوماسياً، يتنافى مع قيم الديمقراطية التي تُنادي بها هولندا”.
وقال المفكر الفلسطيني أحمد يوسف، مدير مركز “بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات” إن “تصرف هولندا لا يليق بدولة من الاتحاد الأوروبي”.
وشدد أن هذا السلوك “غير حضاري، ولا يليق بالعلاقات القائمة بين البلدين”.
ورأى يوسف أن التصرف الهولندي يعكس “تحاملاً كبيراً جداً من هولندا تجاه تركيا”.
وأضاف أن “تركيا قامت بجهد كبير جداً باستيعابها لملايين اللاجئين، الذين هربوا من صراعات داخلية في دولهم، فحملت بذلك أعباءً وهموماً كبيرة، كما خففت الكثير من المشاكل التي كانت دول أوروبية ستقع فيها”.
وشدد يوسف أن “تركيا تستحق التقدير والاحترام لمواقفها الإنسانية”.
وأكد “عدم وجود أي مبررات للتصرف الهولندي الذي يتنافى مع مبادئ وقيم الديمقراطية”.
بدوره، قال مصطفى الصواف المحلل السياسي والكاتب في عدد من الصحف الفلسطينية، إن “التصرف الهولندي غير لائق ويتعارض مع قيم الدول الأوروبية التي تنادي بالديمقراطية”.
ولفت إلى أن “هذا السلوك بيّن الوجه القبيح لهولندا، الذي كان من المفترض عليها أن تتعامل بما يتوافق مع القيم التي تنادي بها”.
وأوضح الصواف أن “علاقة الشراكة السياسية بين تركيا وهولندا، تفرض على الأخيرة أن تتعامل بأدب مع تركيا”.
ورأى أن “الأزمة الدبلوماسية التي تسببت بها هولندا مع تركيا تحمل طابعاً سياسياً بامتياز”.
وفي السياق نفسه، اعتبر إبراهيم المدهون، رئيس مركز أبحاث المستقبل (غير حكومي)، أن “سلوك هولندا تجاه تركيا، بمثابة عدوان دبلوماسي”.
وقال المدهون إن “ما حصل ناجم عن قلق من نمو تركيا المتصاعد، والذي يعبر عن حالة خوف لدى دول أوروبية، من بسط تركيا نفوذها الاقتصادية والسياسية في المنطقة”.
وأرجع “السلوك الهولندي إلى وجود نية مسبقة لدى دول أوروبية من أجل إرباك حسابات تركيا”.
وشدد أن “تركيا دولة حكيمة وسوف تواجه كل من يحاول أن يضعفها”.
وتوقع أن “تحل تركيا بحكمتها ودورها، هذه الأزمة الدبلوماسية التي أطلقت هولندا شرارتها”.
بدوره، وصف عضو المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) إبراهيم دحبور التصرف الهولندي بـ”الشاذ والغريب والمستهجن”.
وأضاف أن “هذا تصرف لا ينم عن ذوق دبلوماسي”.
ووصف ردة الفعل التركية بأنها “طبيعية وتنم عن دولة تتمتع بسيادة وتحترم نفسها.
وأكد أن “البادئ أظلم، وهولندا من تعدت على السيادة التركية”.
من جانبه قال سليمان بشارات، الباحث في مركز الدراسات المعاصرة (خاص)، إنه “لا يمكن فصل التصرف الذي قامت به هولندا عن النظرة الأوروبية تجاه رفض التبعية الذي تحاول تركيا تعزيزه في مؤسساتها، سيما أن التعديلات الدستورية متوقع أن تعزز الاستقلالية لتركيا كدولة مؤثرة ولها دور في المنطقة”.
وأضاف أن “الخطوة الهولندية لم تكن خطوة عابرة أو وليدة سياسة دولة بحد ذاتها، وإنما قد تكون باتفاق وتشاور مع الدول الأوروبية الأخرى التي أرادت أن ترى طبيعة ردة الفعل التركية تجاه هذا الحدث، وأرادت إيصال رسالة غير مباشرة لم تستطع الدول الأخرى قولها، مفادها رفض الاستقلالية التركية”.
ولفت إلى أن “التصرف الهولندي غير اللائق والمستهجن، يظهر أن الممارسات الأوربية ترفض أي خطوات تعزز مكانة تركيا الجديدة وفقا للرؤية التي يقوم عليها حزب العدالة والتنمية”.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن “ما حصل من جانب هولندا مؤشر على رغبة أوروبية بالتصعيد مع تركيا، فهولندا ليست دولة مزاجية، وهذه الخطوة محاولة لإثارة تركيا وجس نبضها”.
وأضاف “السيد رئيس الجمهورية (أردوغان) يسوق أن تركيا لم تعد دولة يمكن المس بسيادتها، وقد أثبت ذلك بالتعامل مع الأزمة الروسية مؤخرا، وبالتالي هولندا ومن يدعم سياستها يريدون أن يختبروا كيف يمكن أن تتعامل تركيا مع دولة عضو في الاتحاد الأوربي”.
ولفت إلى “المسألة فرضت على تركيا، ولذلك على القيادة التركية أن تتعامل معها بحكمة”.
وأمس السبت، سحبت هولندا تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو على أراضيها، ورفضت دخول وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية فاطمة بتول صيان قايا إلى مقر قنصلية بلادها في روتردام، لعقد لقاءات مع الجالية ودبلوماسيين أتراك، ثم أبعدتها إلى ألمانيا في وقت لاحق.
تلك التصرفات التي تنتهك الأعراف الدبلوماسية وُصفت بـ”الفضيحة”، ولاقت إدانات من تركيا التي طلبت من سفير أمستردام، الذي يقضي إجازة خارج البلاد، ألا يعود إلى مهامه لبعض الوقت، فضلاً عن موجة استنكارات واسعة من قبل سياسيين ومفكرين ومثقفين ومسؤولين من دول عربية وإسلامية.
المصدر:وكالة الأنضول