قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن اتفاق ما بين 100 و150 من جماعات المعارضة السورية رغم اختلافاتها البينية على رفض أي دور للرئيس بشار الأسد في مستقبل بلادها، يفرض الحاجة إلى التخطيط لمرحلة انتقالية للسلطة من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية.
وحث شتاينماير -في ندوة نظمتها مساء الثلاثاء الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه- المجتمع الدولي على تفهم أن الأسد هو جوهر المشكلة في سوريا، إلى جانب أهمية قتال تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشار إلى وجود مباحثات حاليا لإدخال المساعدات الإنسانية إلى شرق مدينة حلب في الأيام القادمة عبر تركيا بواسطة ائتلاف متعدد الجنسيات يشارك فيه الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليان، لافتا إلى أن هذه المباحثات غير مضمونة النجاح.
ودعا شتاينماير “إلى تحقيق هدنة في سوريا وآلية للمنظور المتوسط يتم فيها إرغام القوى الإقليمية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لتسوية اهتماماتها السياسية والأمنية”، متوقعا أن يحدث انتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة تغييرا في سياسة واشنطن تجاه سوريا والشرق الأوسط، ولافتا إلى أنه لا أحد يعرف طبيعة هذا التغير.
نزاع دولي
وعقدت الندوة حول الأزمة السورية بمقر البرلمان الألماني (بوندستاغ) وشارك فيها مبعوث الأمم المتحدةإلى سوريا ستفان دي ميستورا وسياسيون ألمان وممثلون لمؤسسات بحثية وكنسية ومنظمات غير حكومية، واعتبر وزير الخارجية أن الأزمة السورية لم تعد حربا أهلية وتحولت إلى نزاع دولي تشارك فيه القوى الإقليمية بشكل مكثف.
ورأى دي ميستورا أن انتخاب ترمب يمكن أن يؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة في سوريا وتحقيق تقدم في حل أزمة هذا البلد.
وقال دي ميستورا إن إعلان ترمب قبل انتخابه عزمه التركيز على قتال تنظيم الدولة يظهر أن الأمور الأخرى لا قيمة لها عنده، وأنه يمكنه التوصل إلى قواسم مشتركة بهذا الشأن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
جانب من فعاليات الندوة حول الأزمة السورية في البرلمان الألماني (الجزيرة) |
وذكر المبعوث الأممي الذي أجرى في دمشق قبل وصوله إلى برلين مباحثات مع المسؤولين السوريين، أن الحكومة السورية تراهن على إنهاء الأزمة بانتصار عسكري سريع.
وأشار إلى أن الرئيس السوري يريد مواصلة هجماته المدمرة على حلب قبل أداء ترمب لليمين الدستورية يوم 20 يناير/كانون الثاني القادم.
وأوضح دي مستورا أن “الأسد يعتقد أنه إن سيطر على شرق حلب سيحطم معارضيه، لكن هذه الإستراتيجية لن تنجح لأن روسيا غير مهتمة بها”، معتبرا أن السيطرة على حلب لن تنهي الحرب وستتلوها حروب عصابات تزيد الأوضاع تعقيدا.
الدور الروسي
من جانبه، اعتبر سفير الائتلاف السوري المعارض في برلين بسام عبد الله أن حديث دي ميستورا عن وصول مساعدات إلى 60% من السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام؛ يعزز قناعة ملايين السوريين بانحياز الأمم المتحدة إلى نظام الأسد.
دي ميستورا: انتخاب ترمب قد يؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة في سوريا (الأوروبية) |
وقال عبد الله في تصريح للجزيرة نت “نحن لا نعترض على وصول أي مساعدات إلى السوريين، لكن تقارير عديدة وثقت ذهاب جانب كبير من هذه المساعدات الأممية إلى جيش النظام السوري وشبيحته والمليشيات الداعمة له”.
من جانب آخر، كشف مدير المؤسسة الألمانية للدراسات السياسية والأمنية البروفيسور فولكر بيرتس عن وجود ثلاثة آلاف روسي يقاتلون على الأرض في سوريا.
وقال بيرتس -وهو مستشار للمبعوث الأممي إلى سوريا- إن هؤلاء الروس لا علاقة لهم بجيشهم النظامي، ويعملون ضمن شركات أمنية خاصة كالشركات الأميركية التي عملت في العراق بعد غزوه.
وأوضح الخبير السياسي الألماني أنه فهم من اجتماعات أسبوعية مع ممثلين للحكومة الروسية أن موسكو لا تريد إطالة أمد الحرب في سوريا أو التورط بأفغانستان ثانية، وأشار إلى أن الروس يعتقدون أن تدخلهم العسكري حال دون سقوط سوريا ليس بيد المعارضة المعتدلة وإنما بيد تنظيم الدولة، وأنهم أسدوا بذلك خدمة للحضارة الإنسانية.
وذكر بيرتس أن روسيا -التي تدرك أن حليفها بدمشق ليس جيدا أو قادرا- ترى أن مرحلة انتقالية في سوريا بعد انتصار عسكري يحقق أهدافها تعني بقاء النظام مع بعض التغييرات في المناصب، وربما تعديلا للدستور أو انتخابات برلمانية وليس أكثر.