ساهمت عوامل كثيرة في أزمة شحّ الدولار في السوق اللبناني. رئيس مجلس النواب نبيه بري عزاها الى العقوبات الاميركية التي قال إنها أخافت المودعين من تدهور الأوضاع في البلاد نتيجة للإجراءات الأميركية، وولّدت خشية لدى المغتربين من تحويل أموال إلى لبنان للسبب عينه، الا ان معلومات كثيرة تقاطعت في الساعات الماضية عند التأكيد ان انقطاع العملة الخضراء، يعود الى محاولات لتهريبه من لبنان الى سوريا.
وبحسب ما تقول مصادر مصرفية لـ”المركزية”، يستشعر المصرف المركزي منذ مدة وجود مخطط كهذا، تضطلع به شبكة منظمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات اخرى، مقربين من النظام السوري، تُقدم على عمليات غير سليمة عبر أجهزة الصراف الآلي (ATM) الموزعة في الشوارع، بحيث تسحب الدولارات منها، بكثرة، في سبيل تحويلها الى سوريا، نقدا او عبر شراء مواد اولية وبضائع، يدخل معظمها الاراضي اللبنانية مهرّبا عبر المعابر غير الشرعية.
هدف هذه العمليات يتمثل أولا في مد عروق النظام السوري الاقتصادية والمالية، ببعض الاوكسيجين، لتمكينه من الصمود في وجه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل الاميركيين.
والحال ان هذه الحركة ليس مسارها سوريا – لبنان فقط. فقد تحوّلت في الاشهر الماضية معاكسة، مع النقص الحاد الذي باتت تواجهه دمشق في المحروقات جراء العقوبات الاميركية المفروضة عليها وعلى ايران. فبدأ بعض التجار المحليين ينقلون نفطا لبنانيا الى سوريا، وقد حذر مسؤولون غربيون القيادات اللبنانية من مسار الالتفاف على العقوبات الاميركية.
والى نجدة دمشق، تقول المصادر ان المخطط يضرب في حجر واحد، الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي اللبناني، ويخلق بلبلة قوية في الداخل، على الصعيد الشعبي والتجاري، تماما كما هو حاصل اليوم. كما انه يستنزف المصرف المركزي الذي يضخ الدولارات في الاسواق، ويظهره في صورة العاجز عن مواجهة الأزمة، علما ان جهات محلية اعلامية وسياسية، لم تتردد في اتهامه بالاحتفاظ بالعملة الخضراء وحجبها عن الأسواق.
على اي حال، تشير المصادر الى ان مصارف كثيرة فضحت أمر الشبكة العتيدة، بعد سحبها دولارات، في شكل غير طبيعي من الصرافات الآلية، فاتخذت تدابير واجراءات ردعية لمواجهتها وضبطها ومنع عملية افراغ السوق من العملة الصعبة، فقررت سحب كمية كبيرة من الدولارات من الـATMs.
واذ تقرّ بأن هذا الاجراء كان موجعا وكانت له تداعيات سلبية على الحركة التجارية الاقتصادية، تقول المصادر ان الخطوة كان لا بد منها من قِبل المصارف، لوقف المخطط الخطير. الا انها تطمئن الى ان الدولار موجود، تماما كما قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أعلن أن “لدى البنك المركزي احتياطيات تتجاوز 38.5 مليار دولار، وهو حاضر في السوق”.
وتعتبر ان الازمة يُرجّح ان تسلك طريقها الى الحل في الايام القليلة المقبلة، مع دخول “المركزي” على خطها، حيث كشف سلامة امس انه “سيصدر تعميما يوم الثلثاء المقبل، ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي”، وقال “ان ذلك سيتم بعد مراجعة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والوزراء المختصين”، من دون الكشف عما سيتضمنه من اجراءات.
نقلا عن موقع ” المركزية “