لم يعد ممكنا أمام الشباب في القلمون الذهاب إلى الجامعات أو التفرغ للعمل في الورش والمصانع، فبعد سيطرة النظام السوري عليها أصبح الشباب هدفا للتجنيد الإلزامي والاحتياطي الذي بات يستهدف كل من هو دون سن 45.
لم يترك النظام السوري عقب سيطرته على القلمون الخيار للشباب في العودة لحياتهم التي كانوا عليها قبل الثورة، فإما العمل لصالح قوات النظام والتطوع في صفوفه خوفا من الاعتقال أو المضايقات، وإما اللحاق بأهلهم النازحين في دول الجوار والعمل على خدمتهم.
فلم يعد يُسمَح بالذهاب إلى الجامعات أو التفرغ للعمل في الورش والمصانع، حيث يقوم النظام السوري بحملات للتجنيد الإلزامي والاحتياطي التي باتت تستهدف كل من هم دون سن 45 عاما، في محاولة لتفريغ القلمون من مؤيدي الثورة السورية لا سيما أنها كانت مركز ثقل لها عند انطلاقتها.
تجنيد أو تهجير
وفي هذا السياق، قال مدير تنسيقية يبرود محمد اليبرودي -للجزيرة نت- إن النظام عمد إلى تجنيد كل الشباب الذين بقوا داخل القلمون من خلال الضغط عليهم للانضمام لصفوفه، بعد تقديمه بعض الميزات المادية والمعنوية لهم ولذويهم.
وأضاف اليبرودي أن من لم ينضم لصفوف النظام فإنه يعرض نفسه وذويه للمضايقات الأمنية والاعتقال التعسفي، الأمر الذي جعل الشباب مجبرين بين خيارين: الانضمام لصفوف النظام أو الهجرة هربا من المضايقات، وهذا ما لا يستطيعه معظم من عاد إلى المنطقة بسبب الفقر وضعف الإمكانات.
وأفاد بأن عدد المتطوعين في صفوف النظام -بحسب تقديرات ناشطين- في مدينة يبرود وحدها بلغ أكثر من سبعمئة مقاتل، فضلا عن المئات ممن تم سحبهم إلى الخدمة الاحتياطية في جيش النظام بمناطق مختلفة من سوريا.
وأوضح أن منطقة القلمون كانت تتميز بحيويتها، حيث ترتفع فيها نسبة الشباب، كما أن أكثر من 70% من شبابها طلاب جامعيون، ولكنهم اضطروا للتوقف عن الدراسة تباعا مع تطورات الأحداث في منطقتهم.
وأكد اليبرودي أن سيطرة النظام على القلمون مؤخرا كانت حدثا مفصليا بالنسبة لمعظم شبابها وبالأخص الموالين منهم للثورة، فلم يعد بإمكانهم البقاء في مدنهم التي باتت تحت سيطرته، وأجبروا على النزوح إلى الجرود أو إلى قرى وبلدات لبنان الحدودية.
يذكر أن المعارضة السورية المسلحة سيطرت على منطقة القلمون مطلع 2012، وبقيت مركزا لها مارس/آذار 2014 حينما دخلتها قوات النظام السوري مدعومة بحزب الله اللبناني، وبعدها نقل معظم الشباب نشاطهم العسكري إلى قمم الجبال في جرود القلمون، أو انتقلوا للعمل المدني والإغاثي بتشكيل تجمعات شبابية تعنى بأحوال النازحين في مخيمات عرسال.
منظمات شبابية
وقال الإعلامي بالهيئة العامة في يبرود باسل أبو جواد، إنهم لم يتأخروا بعد نزوحهم من يبرود إلى عرسال اللبنانية عن القيام بتجميع عدد من الشباب الجامعيين ممن تركوا دراستهم بسبب ملاحقة النظام السوري، للبدء بأعمال تطوعية لصالح النازحين.
وقد قاموا بإنشاء “فريق شباب يبرود” للاستفادة من طاقات الشباب في خدمة النازحين، وبدأ الفريق عمله بمساعدة باقي الجمعيات في توزيع الحصص الإغاثية، بالإضافة لمساعدة المجالس المحلية بأعمال ترميم المخيمات المتضررة.
وأشار أبو جواد إلى أن الفريق لم يكتف بذلك، بل طور نفسه وأصبح يملك فريقا للدعم النفسي ينشط في المدارس، إضافة إلى إصداره مجلة شهرية فكرية، ويسعى لتنظيم دورات تعليمية ومحاضرات توعوية ومشاريع إنتاجية.
المصدر: الجزيرة