كم هي عدد المرات التي استوقفتك فيها هذه العبارات؟ لو أحصيت ما قرأت أو شاهدت ستصدم، كثيرون يقعون في هذا المطب… مطب المحتوى الاحتيالي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر وسائل إعلامية منها (أخبار- فيديوهات –تغريدات –صور-وغيرها).
تعد الأخبار الكاذبة من أخطر الأسلحة فتكا بالمجتمعات والدول، وذلك بما تشكله من خطر على عقل ونفسية الإنسان، واستقرار وأمن المجتمع خصوصا مع انتشارها غير المتحكم به في ظل هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي على الحيز الأكبر منها، وهو ما يتطلب حزما في مواجهتها وتوعية الرأي العام بكيفيات التعاطي معها. بحسب “الجزيرة نت”.
في الحقيقة اعتمدت هذا المدخل لكونه مقاربة موضوعية لمخاطر ما نتعرض له أفراد وشعوب وأيضا حكومات، وسيبقى هذا الخطر ماثلا ما دمنا نتعاطى الإنترنت كإعلام جديد، إلى جانب الإعلام التقليدي الذي يتورط أيضا بنشر وبث أخبار مزيفة ومضللة.
الأخبار الكاذبة تاريخا وحاضرا
وجد هذا النوع من الأخبار في القرن التاسع عشر وعرف وقتها بالصحافة الصفراء، التي تستهدف أشخاصا اعتباريين ومؤثرين، وأحزاب وحكومات ومجتمعات لأغراض ومصالح سياسية واقتصادية وأمنية من خلال تشويه الحقائق أو تضخيمها وتشويهها للنيل من الخصوم والدفع باتجاه الحصول على نفع مادي أوسياسي…ولكن لو نظرنا للأمر من ناحية إيجابية لوجدنا أن منصات التواصل الاجتماعي مكنت البشر من الحصول على المعلومات وتداولها فيما بينهم بعيدا عن تأثير الإعلام الرسمي والخاص والحكومي حيث المحررون هم المتحكمون بالأجندات الإعلامية بتوجيه من الحكومات أو الممولين، وأتاحت لهم فرصة المشاركة في صنع رأي عام في قضاياهم الحياتية اليومية سياسية واجتماعية ..لتتحول منصات التواصل إلى مصدر رئيسي للشائعات والأخبار الكاذبة والمضللة، في عصر ما بات يعرف بعصر ما بعد الحقيقة أو عصر المواطن الصحفي.
لاحقا اعتبر كثير من الباحثين أن دونالد ترامب هو من أعاد مصطلح الأخبار المضللة للواجهة عندما صرح لشبكة “سي إن إن” قائلا: لست أنا المسؤول عن اختراع مصطلح الأخبار الكاذبة لكنني جعلتها أوضح، لأن مجتمعنا للأسف يعج بهذا النوع من الأخبار.
بالتأكيد ليس ترامب وحده يكذب ..لكنه فتح الباب لضرورة محاربة تداول المعلومات المضللة عبر منصات فيس بوك وغوغل وغيرها الكثير …. فضولك يحولك لضحية .. لنعد لتعريف هذا النوع من الأخبار كما نشره العديد من الباحثين والأكاديميين ..هي معلومات خاطئة أو مفبركة او تحمل في مضامينها نصف الحقائق وبالتالي هي منظومة من الأفكار المشوهة والزائفة والمغلوطة، لا يمكن تحديد من يقف وراءها وتجعل من عملية محاسبتهم أمرا صعبا، يستخدم مروجو هذه المغالطات والفبركات عناوين جذابة ولافتة، وأكثر الأساليب فعالية للتأثير على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي هي اللعب على مشاعرهم وعواطفهم وحاجاتهم عبر حسابات وهمية متخصصة بالمحتوى الصادم أو المخيف وحتى المبالغ فيه، والذي يثير مشاعر الغضب أو الفتنة ويدعو للكراهية والعنصرية…أصحاب هذه المواقع هم في الغالب ممن تسيطر على عقولهم نظرية المؤامرة ..ينشطون في فترات الحروب والأزمات والانتخابات والأزمات الاقتصادية والجائحة المرضية، عندها يحدث ما يسمى (الوباء الألكتروني) ليغزو العقول المضطربة والخائفة.
نعم نحن في عصر ما بعد الحقيقة حيث يتم خلق حقيقة موازية غير واقعية انتشارها سريع كالبرق، وردود أفعال الناس عليها يجعلها واقعا نتعامل معه رغما عنا، عالم تكون فيه الحقائق الموضوعية أقل أهمية وتأثير في تشكيل الرأي العام.
نحن في تحد حقيقي مع أصحاب الحسابات الوهمية أو أصحاب الأجندات ومحاولاتهم الدائمة طمس الحقائق أو تغييبها، سواء كانوا أفراد أو جماعات فهم يتصيدون من ليس لديه وقت للتحقق من صحة المحتوى… هؤلاء منتهى سعادتهم مراقبتنا ونحن نتألم أو نغضب أما إذا بدأنا بشتم بعضنا بعض فإن العملية تمت بنجاح.
لسنا في أمان رغم الحملات التي يطلقها أصحاب منصات التواصل المتنوعة أنفسهم تحت شعارات محاربة انتشار الأخبار الكاذبة (خاصة أن الوقائع تشير إلى أن هذه الجهود المعلنة قد تتعارض مع مصالح سياسية وتجارية من المؤكد أن لها الأولوية في الغرف المغلقة بينما الشعارات البراقة تحاك في العلن).
في ضوء ما سبق تقع المسؤولية علينا كمستهلكين نشطين لهذه المواقع، بحماية أنفسنا وأطفالنا ومحيطنا من زيف ما يصلنا ومعرفة حقائق علمية عن ذواتنا تبدأ من سؤال مالذي يدفعني للضغط على هذا الرابط ؟ الإجابة ببساطة إنه الفضول لتكتشف أنك وقعت بالفخ وتحولت لضحية.
في مقالات لاحقة سنلقي الضوء قدر استطاعتنا على طبيعة فضولنا وكيفية معالجته وتصحيحه لنكون أكثر أمانًا وأمنًا .
هند بوظو
نقلا عن موقع: أنباء سوريا