تنتشر في جميع أنحاء محافظة إدلب, وفي جميع المدن والبلدات التابعة لها محال تجارية من نوع خاص تمتهن تجارة جميع أنواع المواد المستعملة, حيث بات تواجدها ملحوظاً وبشكل كبير خلال السنتين الأخيرتين, ويكون انتشارها إما كمحال تجارية متفرقة في جميع أسواق المدينة أو البلدة, أو كعدة محال تجارية متلاصقة ومجاورة إلى بعضها البعض في السوق نفسه, وينحصر اهتمام الناس في محافظة إدلب بنوعين من محال المواد المستعملة:
النوع الأول: هي المحال التجارية التي تبيع الألبسة والأحذية المستعملة أو ما يعرف باسم “محلات البالة” وهي عبارة عن محلات جملة ومفرق.
النوع الثاني: هي المحال التجارية التي تقوم بشراء وبيع الأدوات المنزلية والأثاث المكتبي والخاص بالبيوت وتشهد اليوم حركة تجارية نشطة.
كيف نشأت وتطورت هذه المهنة.
نتيجة للحالة الإقتصادية المتردية والتي كانت من أهم منعكسات الحرب في سورية على جميع السوريين وباختلاف مناطقهم, إضافة للصعوبة الكبيرة التي تعاني منها الحركة التجارية في الداخل وخصوصا نقل السلع التجارية من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق الثوار, إضافة لقيام العديد من السوريين المهاجرين ببيع مقتنياتهم الخاصة قبل رحليهم ومغادرتهم سورية, تشكلت ما يسمى بأسواق المستعمل في عموم المناطق المحررة.
“فواز الزالق” 43 عام ابن مدينة معرة النعمان, ويمتهن اليوم بيع وشراء الأدوات المنزلية المستعملة يقول لنا:” كنت موظفاً في دمشق, وبعد مغادرتي لوظيفتي وقدومي للمعرة, بدأت أشتري بما توفر لدي من نقود بعض الادوات المنزلية التي يضطر أصحابها لبيعها كالبرادات والغسالات وأجهزة التلفاز وغيرها, ثم قمت باستئجار “دكان” ووسعت عملي وأصبحت أشتري وأبيع”.
لماذا يقبل المواطن على شراء المستعمل؟
إذن لخّص لنا فواز ببضع كلمات كيفية نشوء فكرة شراء وبيع المواد المستعملة منذ البداية وظهر جلياً من حديثه أن الحاجة للهجرة والنزوح هي التي دفعت الناس للبيع, وحاجة الشخص العاطل عن العمل هي التي دفعته لخوض غمار هذه التجارة.
ولكن يلخص لنا الشاب “محمد مواس” 25 من قرية بسقلا التابعة لريف المعرة بعض الأسباب التي تدفع الناس لشراء المستعمل بالقول:” أنا أحد الشبان المقبلين على الزواج, أعمل في مجال الديكورات ولكن وبسبب الحرب الدائرة كادت هذه المهنة أن تنقرض!, لذلك أعاني وكثير من الشبان من سوء الأحوال المادية, لذلك فأنا مضطر اليوم لشراء كل ما يلزمني لبيتي الجديد من سوق المستعمل لأنه أقل ثمنا من الأشياء الجديدة كأدوات المطبخ مثلاً, يراودني شعور بأنها ليست متينة”.
إيجابيات لا تخلو من السلبيات:
لا شك أن أحد أهم إيجابيات الأغراض المستعملة هي توفرها, وتدني ثمنها مقارنة بالجديدة التي يعاني الكثير من التجار استجلابها من مصادرها في المناطق الأخرى بسبب الظروف الراهنة, ولكن من أبرز سلبياتها هي صعوبة التعامل بها وغموض مصدرها في بعض الأحيان حيث يصفها البعض “بالمسروقة”.
“أبو علاء” 55 عاما هو من مدينة النعمان يمتهن تجارة المستعمل, وفي معرض حديثه عن هذه النقطة بالتحديد قال لنا:” أصبح لدي الخبرة الكافية التي تمكنني من تمييز مصدر هذه البضائع المستعملة إن كانت مسروقة أم لا, لذلك أصبحت أتعامل مع أشخاص محددين أثق بهم وبتجارتهم يشترونها من الأهالي ويبيعونها لي بدورهم حتى نتقصى الحلال في رزقنا”.
ولا يخفى على الجميع أن كثيراً من هذه المواد المستعملة, وخصوصاً الأدوات المنزلية تعاني من القدم والأعطال, وهذا ما سبب العديد من المشاكل بين الباعة والزبائن بسبب غياب “الكفالة” لهذه الحاجيات, ولكنها عموماً حلَّت العديد من المشاكل فعوضاَ عن اقتناء تلفاز جديد ب200 دولار أصبح المواطن يشتري تلفازاً مستعمل ب40 دولار, ومن هذا المنطلق نستطيع القياس على العديد من المواد..
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود