يقول زوج مفيدة “الرحلة التي دامت ثلاث ساعات في القارب بدت وكأنها دامت ثلاث سنوات”. ويضيف “كنت أفكر طول الوقت في سؤال واحد: ماذا لو بدأ القارب في الغرق، من سأنقذ أولا، أطفالي أم زوجتي أم أمي؟”.القارب الذي أقل العائلتين كان يحمل خمسين شخصا رغم أن قدرته الاستيعابية لا تتجاوز عشرة أشخاص. أطفال ومسنون تكدسوا وسط الزورق وبينهم والدة عماد عارفة البالغة من العمر 72 عاما التي لا تقوى على الحركة. وقد كانوا يتناوبون على حملها، في رحلة سرية، بين الجبال والسهوب الممتدة على الحدود السورية التركية.
الحرب طاردتهم
عماد كردي من حلب، يقول إنه كان يملك دخلا جيدا وحياة مستقرة في بلده قبل اندلاع الحرب وإن عائلته حاولت الانتقال إلى أماكن أكثر أمانا لكن نيران الحرب لاحقتهم في كل مكان.
أما مصطفى ابن الرابعة والعشرين الذي هرب هو وأخواته من القنابل الروسية، فيقول إن الحرب “جعلتنا نفقد المقربين ونرى الناس تموت من حولنا، ونرى الأطفال جياعا”.
مصطفى كان يدرس إدارة الأعمال في جامعة بماليزيا وعاد مؤخرا إلى سوريا قبل أن يضطر إلى الهرب. وقد درست أختاه رولا ورؤى القانون والعلوم السياسية وكانتا معا على وشك التخرج عندما بدأت الحرب.
تحدث مصطفى عن رحلة الهروب من نيران الحرب في سوريا، رحلة لم تكن سهلة. “إذا حاولت عبور الحدود من سوريا إلى تركيا ستطلق عليك القوات التركية النار. وإذا بقيت في سوريا ستموت وإذا حاولت عبور الحدود ولم يحالفك الحظ قد تموت أيضا”.
يلفت المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين بوريس شيشيركوف إلى أن “الكثيرين يحاولون الالتحاق بذويهم وأقربائهم في المنطقة، ومن العار أنهم لا يستطيعون القيام بذلك بطرق آمنة وهم مضطرون لركوب قوارب وبدء رحلات خطيرة. يجب إيجاد بديل ملائم، ففي غياب ذلك لن يجد الأشخاص اليائسون بدا من اللجوء إلى شبكات التهريب”.
لسبوس
يشار إلى أن أزيد من مليون لاجئ ومهاجر عبروا البحر إلى أوروبا السنة الماضية، 800 ألف منهم عبروا بحر إيجة من تركيا إلى اليونان، ومعظمهم وصل إلى جزيرة لسبوس.
يقول شيشيركوف بهذا الصدد “لحد الآن وصل إلى لسبوس وحدها 70 ألف شخص هذا العام وإذا قارنا ذلك بالعام الماضي فهو عدد مرتفع”.
تشير معطيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن 91% ممن يصلون إلى اليونان ينحدرون من 10 دول هي الأكثر تصديرا للاجئين في العالم. فمعظم الوافدين يهربون من سوريا وأفغانستان والعراق.
ومع إغلاق دول البلقان حدودها أمام اللاجئين، تقطعت السبل بأكثر من 13 ألف شخص على الحدود اليونانية المقدونية. وقد طلبت اليونان من الاتحاد الأوروبي 480 مليون يورو على نحو طارئ للمساعدة في إيواء مئة ألف لاجئ. وحذر مسؤول أممي كبير من أن عدد اللاجئين العالقين في اليونان قد يصل إلى 70 ألفا في الأسابيع المقبلة.