كانت أسرة غادة (36 عاما) المكونة من سبعة أفراد من مدينة حلب في شمال سوريا بين مجموعة من اللاجئين الذين اعتقلتهم شرطة إسطنبول قبل أسبوعين وأرسلوا إلى مركز احتجاز في الشطر الآسيوي من المدينة حيث أمضوا أياما تحيط بهم أسوار عالية فوقها أسلاك شائكة.
وقالت غادة وهي تجلس مع أطفالها في شقتها في ضاحية فقيرة باسطنبول حيث تعيش الآن مع أسرة أخرى بعد الإفراج عنهم بمساعدة أصدقاء “كأننا كنا مجرمين.”
وتقول منظمات الإغاثة ومنظمة العفو الدولية إن السلطات التركية تعتقل العشرات وربما مئات المهاجرين السوريين من الشوارع وتستهدف أحيانا المتسولين وترسلهم إلى مراكز الاحتجاز.
وتؤكد المنظمات على أن هذه العملية أسفرت عن ترحيل البعض إلى سوريا رغما عنهم. وقالت منظمة العفو الدولية الشهر الماضي إنها أجرت مقابلات مع 50 أسرة لاجئة احتجزتها الشرطة مضيفة أن السلطات رحلت أكثر من 100 أسرة.
وتنفي تركيا إرغام اللاجئين على العودة إلى سوريا وتقول إنها لا تحتجز إلا سوريين تربطهم صلات بجريمة.
وقال مسؤول حكومي كبير -مشترطا عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع سياسيا- إنه يجري نقل اللاجئين الذين تربطهم صلات بعصابات إجرامية إلى مخيم في منطقة دوزيجي بمحافظة عثمانية جنوبي تركيا حيث تقيد حركتهم للحفاظ على النظام العام.
ووصف المسؤول هذا الإجراء بأنه جزء من “حملة على الجريمة المنظمة” تشمل أقل من واحد في المئة من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 2.2 مليون لاجئ.
الباب التركي
وفي حين لم يكن غالبية العالم الغربي على بينة من حجم أزمة اللاجئين سوى خلال فصل الصيف، عندما غادر مئات الآلاف منهم تركيا باتجاه أوروبا، فقد كانت تركيا تتبع سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السوريين منذ أوائل العام 2011، كما أنفقت أكثر من ثمانية مليارات دولار على مساعدتهم.
وأقامت تركيا مخيمات للاجئين تعد من بين أفضل المخيمات في العالم، ووفرت لهم الرعاية الصحية والتعليم. لكن معظم اللاجئين يعيشون خارج المخيمات حيث لا يسمح لهم بالعمل بصفة قانونية.
وعن مداهمة الشرطة لمنزل أسرتها قالت غادة إنها “كانت تطرق الباب وكأنها تريد كسره. ارتعبنا ولذلك لم نفتحه. ثم عاملونا وكأننا ارتكبنا جريمة. ولم يفسروا لنا السبب أو يقولوا أين كانوا سيأخذوننا”.
وألقت الشرطة في حملتها القبض على آية (25 عاما) التي تقيم أسرتها المكونة من أربعة أفراد في ذات المبنى بالدور السفلي ثم أفرجت عنها دون أي تفسير.
وقالت آية وهي تحمل طفلتها “لسنا مجرمين. لم نرتكب أي أخطاء”. وأضافت أنها تفضل البقاء في تركيا على أن تجرب حظها في أوروبا. ومضت آية إلى القول “نحن نشعر بالفعل كالغرباء هنا. وإذا ذهبنا إلى هناك لا نستطيع أن نتصور كيف ستبدو، لسنا متسولين، نحن بشر نعمل بكرامتنا، نحن فقراء لكننا لا نؤذي أحدا”.
ويتولى حراس سريون ورجال الشرطة وقوات مكافحة الشغب حراسة مركز الاحتجاز الذي كانت الأسرتان محتجزتين فيه، وهو عبارة عن مبنى كبير في حي بنديك العمالية شرق إسطنبول.
وقال مسؤول عند الباب إنه يستخدم “مركز الإيواء السوريين قبل نقلهم إلى مخيم في عثمانية” تقول الحكومة إنه يضم اللاجئين الذين تربطهم صلات بعصابات الإجرام.
من جهته قال صاحب مطعم للوجبات السريعة في المنطقة إن المركز أصبح نشطا منذ عام. مضيفا أن حافلتين على الأقل تأتيان كل أسبوع محملتين بالموقوفين كل أسبوع.
بداية الاهتمام
وقد اكتسبت معاملة تركيا للاجئين السوريين اهتماما دوليا منذ أن جازف نحو نصف مليون لاجئ بحياتهم وغادروا تركيا بحرا سعيا للوصول إلى اليونان هذا العام.
وتحت وطأة تدفق اللاجئين طلب الاتحاد الأوروبي من تركيا تشديد الرقابة على حدودها والحد من أعداد المغادرين، وذلك مقابل مساعدات واستئناف المحادثات بشأن ضم تركيا إلى عضوية الاتحاد.
وقال فولكان جورنداج من منظمة العفو الدولية إن الاعتقالات تزايدت فيما يبدو منذ توصلت أنقرة إلى اتفاق مع بروكسل. وأضاف أن أوروبا عليها التزام أن تضمن أن شركاءها الأتراك لا يخالفون حقوق الانسان، وقال “إنه لأمر صادم أن تستخدم أموال الاتحاد الأوروبي في تمويل برنامج احتجاز غير مشروع وإعادة” اللاجئين.
وقال مسؤول إغاثة مطلع على عمليات الاحتجاز إن كثيرين من المستهدفين كانوا يتسولون في تركيا، وهي وسيلة شائعة يلجأ إليها اللاجئون كي يقيموا أودهم حيث إنهم ممنوعون من البحث عن عمل.
المصدر : رويترز – الجزيرة