لا يخرج كلام وزير الخارجية الأميركي ومن سبقه من المسئولين الأميركيين أو حتى من المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا عن إطار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة التي تقوم على ركيزتين الأولى مصالح الولايات المتحدة بكل جوانبها والثانية امن إسرائيل.
كل ما يجري في العالم العربي منذ أربع سنوات غير بعيد عن هذه الإستراتيجية وان اختلفت التسميات ، الربيع العربي ، الشرق الأوسط الكبير ، الفوضى الخلاقة و.. و.. و .
لقد أطلقت إدارة جورج بوش الأب المشروع المذكور وروجت له كونزاليسا رايس في جولة عربية تعرضت خلالها لشتى الانتقادات وربما دخلت في إطارها حرب تموز الإسرائيلية على لبنان عام 2006 . هلل في ختام تلك الحرب محور المقاومة بالنصر الذي وصفه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالنصر الإلهي حاصدا تأييد ودعم الشارع العربي من المحيط إلى الخليج .
وبما أن المشروع يتعلق بإستراتيجية ،صبرت واشنطن خمس سنوات فلم تغير واشنطن أهدفها بل غيرت الأسلوب، انطلقت ثورات الربيع العربي من تونس في العام 2011 لتنتقل تباعا إلى دول المنطقة. في علاقات الدول هناك مصالح قد تلتقي وقد تتعارض، اختلفت مصالح دول محور الممانعة مع المشروع الغربي ولكنها التقت مع روسيا التي اعتمدت إستراتيجية صد المشروع الأميركي بعد تجربة موسكو المريرة مع دول الغرب في ليبيا فوقفت موسكو إلى جانب النظام السوري وحمته من السقوط الذي كان يتوعده به خصومه .
عندما وصلت النار إلى سوريا وبرز عامل التطرف والإرهاب البعيد عن أهداف الانتفاضة الشعبية، التقت مجددا المصالح المتناقضة ولكنها بقيت خفية، ما ظهر منها بعد أربع سنوات هو حاجة دمشق إلى تفعيل دور التطرف ليكون السد الأول في وجه الانتفاضة العشبية المطالبة بالإصلاح وبمحاربة الفساد ، فأطلقت من سجونها، بحسب ما يتناقله محللون ومطلعون كثر، قيادات إسلامية متطرفة وصمتت واشنطن وسمحت لبعض أنظمة المنطقة الحليفة لها بتسهيل وصولهم إلى المنطقة رغبة واشنطن منها في جمع كل هؤلاء الجهاديين المتطرفين على مساحة جغرافية محددة، تم اختيار العراق وسوريا، لتسهل عملية استهدافهم تماما كما حصل في ثمانينات القرن الماضي عندما فتحت ارض أفغانستان أمام الجهاديين المناوئين للاتحاد السوفيتي آنذاك .
لم تمض سنة على بروز تنظيم الدولة الإسلامية حتى بدا النظام السوري يجني ثمار سياسته ولم تمض السنة حتى حققت واشنطن أهدافها في كشف ساعة المعركة مع الجهاديين حيث يسهل استهدافهم، في المصلحة المشتركة قضى المتطرفون تقريبا على أي دور للمعارضة الموصوفة بالمعتدلة وقدموا عن قصد أو غير قصد الذريعة الأساسية للنظام السوري ليصبح جزء ا من الحل الذي ينشده دي مستوران وضرورة في عملية التفاوض التي يعمل على إعادة بعثها جون كيري.
يخطى بعد ألان من يراهن على نية الولايات المتحدة أو من يجاريها في مصالحها بإنهاء الحرب في سوريا والعراق ما لم تقضي آو تحجم قدرة المتطرفين الذين أصبحوا خطرا دوليا شاملا ويخطئ من يعتقد إن النظام في سوريا سيطلق حربا وجودية ضد هذه الجماعات لأنها لا تزال جزءا من مبررات بقائه القائمة على معادلة انأ أو التطرف.
في ضوء ما يجمع بين هذه المصالح تبلورت أفق الحراك السياسي و العمليات العسكرية في المرحلة المقبلة وهي تقوم على المبدأ الذي حكم النظامين الديكتاتوري والليبرالي، في الأول كل ما هو غير مسموح ممنوع وفي الثاني كل ما غير ممنوع مسموح، ينطبق هذا أيضا على الحلفاء.
المصدر: مونت كارلو الدولية