هل المسيحيين في سوريا بحاجة لحماية روسية …؟؟؟؟
في الشهر الماضي ، اجتمع مولد أعظم شخصيتين على مر التاريخ، مولد سيدنا المسيح ومولد سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام.
العام الماضي الذي جاء على سورية، ليس كغيره أيضاً من الأعوام، والذي ترافق مع قدوم القوات الروسية الى الأراضي السورية، بحجة حماية المسيحيين (الأرثوذكس) من الإرهاب المشتعل في سورية.
في هذا العام، عندما وجدنا الإيراني يدافع عن الشيعي في سوريا، والروسي عن المسيحي، والتركي والسعودي عن السني، بينما يتمدد إرهاب لا علاقة له بالإسلام ولا بالمسيحية، ألا وهو إرهاب تنظيم الدولة، الذي يحاربه الجميع صورياً، أما حقيقة فهمهم الوحيد تقسيم سوريا، وأبناء شعبها وطوائفها الذين كانوا منذ البدء أيقونة المحبة والتعايش والسلام.
ولعل بداية التقسيم تكمن من أغبى سؤال يسأله مؤيدي التدخل الأجنبي بالأراضي السورية وهو …. من سيحمي الأقليات في سورية ؟
يعتبر هذا السؤال للأسف السؤال الأكثر انتشاراً في أوساط السوريين منذ بداية الثورة وحتى يومنا هذا، إلى أن أصبحت سورية مرتعاً للقوات الروسية المعادية وغيرها من القوات الأجنبية.
وكون تاريخ سوريا مليء بحكايات التعايش المشترك، فقد قررنا أن نجيب على هذا السؤال، لا بالاعتماد على نصوص القرآن والإنجيل الكريمين، بل بالاعتماد على تاريخ سوري، يعتبر بمثابة الأبجدية الحقيقية في التعايش والتآخي بين الأديان.
في البداية علينا أن نسأل صاحب هذا السؤال هل بإمكانه أن يسمي لنا اسم لرئيس جمهورية مسيحي واحد منذ انقلاب عام 1970 وحتى يومنا هذا، وهل بإمكانه أن يسمي لنا اسم رئيس وزراء مسيحي واحد ترأس الحكومة السورية منذ أيام البعث إلى يومنا هذا، وهل بإمكانه أن يعدد أسماء أكثر من خمس وزراء مسيحيين في حكومة واحدة، وأن يذكر اسم وزير مسيحي واحد استطاع أن يتسلم منصب مدير أوقاف المسلمين …
فإذا جاءنا بأسماء كاسم سعيد إسحق أول رئيس جمهورية مسيحي لسورية في العام 1951، وفارس الخوري كرئيس للحكومة السورية لأكثر من خمس مرات، وأن يعدد لي أسماء خمس وزراء فأكثر في حكومة وزارة واحدة ينتمون للديانة المسيحية كما كانت حال الوزارات المتعاقبة منذ الاستقلال حتى الوحدة، وأن يذكر لي أن وزير مسيحي استلم مديراً لأوقاف المسلمين كفارس الخوري أيام وجود حزب الاخوان المسلمين في البرلمان، إذا استطاع أن يذكر لنا أسماء كهذه الأسماء فنحنُ على استعداد أن نصطف معه في خندق واحد ، ونردد معه ذلك السؤال المشين (من الذي سيحمي الأقليات في سورية ….؟)
في أبجديتنا التاريخية، صور رائعة من صور التعايش، فهاهي مجلة اللطائف المصورة المصرية تغطي بكل أهمية خبر قدوم أكبر وفد كنسي برازيلي إلى سوريا في العام 1925 وما دونه ذلك الوفد عن الصورة الرائعة للتآخي الديني في سوريا، واصطفاف السوريين بمختلف طوائفهم وأديانهم في محاربة المستعمر الفرنسي .
لوحة التآخي هذه لم تتغير بعد الاستقلال فهاهم رئيس جمهورية سورية السيد هاشم الأتاسي ورئيس الوزراء السيد سعيد الغزي وعدد من الوزراء يشاركون بكل فخر وسرور باحتفال البطريركية الأرثوذكسية في دمشق باليوبيل الذهبي لغبطة البطريرك (الكسندروس الثالث) بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس .
هذا الخبر الذي نشرته مجلة صوت سورية الرسمية الصادرة في آب 1954 ، جاء فيه :
” أقيم احتفال في الكاتدرائية المريمية بدمشق بمناسبة اليوبيل الذهبي لغبطة البطريرك ألكسندروس الثالث ، بحضور فخامة الرئيس السيد هاشم الأتاسي وسعيد الغزي رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والنواب .
وقد وزع على المشتركين بهذا الاحتفال ميداليات ذهبية وبرونزية نقش على الوجه الواحد منها صورة غبطته وعلى الوجه الثاني تاريخ مدة اليوبيل من تموز 1903 وتموز 1954 وأرفقت كل ميدالية ببراءة كتبت بخط جميل وقعها صاحب الغبطة بيده الكريمة كما تخلل هذا الاحتفال وليمتان سخيتان الأولى في الدار البطريركية في دمشق والثانية في دير سيدة صيدنايا .
وختمت المجلة مقالها بعبارة إننا إذ ننشر صور هذه الاحتفالات العظيمة نرجو لغبطة البطريرك العمر الطويل مقروناً بالسعادة والصحة والهناء ” .
مجلة صوت سورية آب 1954 العدد 19
ونختم مقالنا نحن لنؤكد على أن الديمقراطية التي عاشها السوريون في السابق، لم تكن ديمقراطية الأغلبية على الأقلية بل كانت ديمقراطية التكامل والتآخي، التي أعطت العالم أجمع الصورة الأجمل عن وحدتنا العرقية والدينية.
نختم مقالنا لنقول، أننا لسنا التربة الصالحة لنمو مايسمى الحركات الإسلامية، كحركة “داعش”، وفكر السوري وحكمته وحدها قادرة على دحر تنظيم الدولة هذا، ولكن من دون أي مؤثرات خارجية تؤجج الصراع والفتن، فيصب ذلك بمصلحة الإرهاب لا بمصلحة السلام.
أما دير صيدنايا الغالي، فمنذ الأزل هو مكان يفخر به السوريون على مختلف أطيافهم، ويفتخرون بعراقته الدينية والتاريخية، فإلى أي يريد طارحوا سؤال الطائفية أن يصلوا.
سيريانيوز