تشتهر سوريا منذ القدم بالزراعة، إلا أن الحرب التي عصفت بالبلاد خلال الأعوام الخمسة أتت على كل شيء، حيث كانت سوريا تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح بل وتصدر أحياناً لبعض الدول، لكن هذا الأمر تغير كلياً بعد اندلاع الأزمة.
لم تستورد سوريا القمح من أي دولة خلال الـ15 عام الأخيرة، إلا أنها اضطرت في عام 2012 لاستيراد القمح لأول مرة وذلك بسبب تضرر المحاصيل في المناطق الساخنة والتي تشهد اندلاع معارك بين كتائب الثوار وعناصر النظام، فقد كانت سوريا قبل الحرب تنتج قرابة 4 ملايين طن من القمح وتحوي على 32 صومعة للتخزين إلا هذه الكمية انحدرت بشكل كبير في عام 2012 لتبلغ مليون و 600 ألف طن.
“أبو محمد” أحد مزارعي سهل الغاب يقول: “لم أتمكن من زراعة الأرض خلال الأعوام الثلاثة الأولى من الحرب بسبب الحواجز الكثيرة والتكلفة الكبيرة مع العلم محصولي السنوي من القمح يبلغ قرابة ثلاثة أطنان”.
ولم تسلم الأراضي الزراعة من همجية ووحشية النظام فكانت عناصر النظام تقوم عند اقتحامها للمناطق بقطع الأشجار وتدمير المحاصيل الزراعية مما دفع الكثير من المزارعين للعزوف عن زراعة القمح ضمن أراضيهم وتحويلها لتزرع بأي شيء آخر كالمحاصيل العطرية من كمون وكزبرة بالإضافة لعدم دفع النظام للمزارعين أسعار القمح بما يتناسب مع التكلفة.
خالد مزارع من ادلب يقول: “تعرض محصولي خلال العامين الماضيين للحرق بسبب قذائف متفجرة مصدرها عناصر النظام المتمركزة في مدينة
ادلب، فاضطررت لعدم زراعة الأرض بالقمح و أصبحت أزرعها بالخضراوات كبديل للعمل وكسب الرزق”.
في حين شهدت زراعة القمح خلال عام 2015 انخفاضا كبيرا في الإنتاج فقد بلغ المحصول أقل من 500 ألف طن مما استدعى المؤسسة العامة لتصنيع الحبوب والتجارة في سورية لشراء 200 ألف طن من القمح الروسي ضمن مناقصة قالت بأن سعر الطن 170.25 يورو مشمولة مع أجور الشحن حسب ما أفادت وكالة “رويترز” كما أن روسيا قامت بإرسال 100 ألف طن كمساعدة للدولة السورية.
“أبو رائد” مواطن من حلب يقول: “يقوم تجار الأزمات بشراء محاصيل القمح وتهريبها إلى الدول المجاورة لبيعها بأسعار أفضل من الأسعار ضمن سوريا متناسين أبناء بلدهم بأنهم بحاجة للطحين من أجل الخبر خلال هذه الحرب أكثر من أي وقت سابق”.
لم تكن الزراعة هي القطاع الوحيد الذي تأثر بالحرب في سورية فكافة القطاعات تأثرت بالأوضاع وشهدت تراجعاً وخسائر كبيرة خلال الأزمة ليبقى السؤال هل سيشهد العام الجديد تحسناً في القطاع الزراعي كافٍ لتأمين احتياجات المواطنين أم سيبقى في تراجع؟
المركز الصحفي السوري ـ مصطفى العباس