قالت مصادر للجزيرة إن حرب شوارع تدور على أطراف مدينة سراقب شمالي سوريا بين قوات المعارضة من جهة وقوات النظام المعززة بمقاتلين من شركة فاغنر الروسية وعناصر من المليشيات المدعومة إيرانيا من جهة أخرى.
ونقلت وكالة رويترز أيضا عن مصادر في المعارضة قولها إن الاشتباكات مستمرة في المناطق الغربية من سراقب، في حين قال مراسل التلفزيون السوري الرسمي في سراقب إن الجيش دخل المدينة ويقوم بتمشيطها بعد انسحاب قوات المعارضة منها.
من جهة أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات المعارضة تحاول استعادة السيطرة على سراقب.
وقالت مصادر المعارضة إن طائرات مسيرة تركية تقصف مواقع لقوات النظام السوري على الجبهة في سراقب، وإنها أصابت منصتين للصواريخ على الأقل.
وتبادلت قوات النظام وقوات المعارضة السيطرة على سراقب مرتين في أقل من شهر، وهو ما يعكس أهميتها سواء كبوابة لمدينة حلب التي يسيطر عليها النظام، أو لمدينة إدلب في الغرب التي تسيطر عليها المعارضة.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية أمس الاثنين مقتل جندي تركي وإصابة آخر في قصف لقوات النظام السوري في إدلب، وكثفت تركيا تدخلها في المعارك الدائرة في الشمال السوري خلال الأيام القليلة الماضية ردا على مقتل 34 من جنودها في إدلب.
نشر قوات روسية
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية بدء نشر شرطتها العسكرية في سراقب اعتبارا من الساعة الخامسة عصر أمس الاثنين بالتوقيت المحلي، وهو ما نفاه الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني التابع للمعارضة الرائد يوسف الحمود إن تصريح الروس بشأن وجود الشرطة العسكرية الروسية في مدينة سراقب غير واقعي، وإن القوات التي تقدمت الاثنين في المدينة هي من قوات الرضوان الإيرانية وقوات الفاغنر الأمنية الروسية.
وأضاف أن الصور التي بثها الروس مفبركة، وأن مجموعات من الجيش الوطني والفصائل الثورية ما زالت في سراقب، وأن المعارك مستمرة داخل المدينة بالتزامن مع استهداف الطائرات المسيرة التركية مواقع داخل المدينة وريفها.
وأضاف الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني أنه لا يمكن للروس أن ينتشروا في سراقب، فالقواعد التركية ما زالت موجودة في المدينة، والأعمال القتالية ما زالت مستمرة.
في تلك الأثناء، أفاد مراسل الجزيرة بأن قوات المعارضة المسلحة سيطرت على قرى وبلدات حزارين والبريج ومعارة مخص في ريف إدلب الجنوبي.
وذكر المراسل أن غارات روسية على بلدة الفوعة بريف إدلب شمالي سوريا أدت لمقتل 9 مدنيين.
طائرة مسيرة إيرانية
قالت قوات المعارضة السورية المسلحة إنها أسقطت طائرة مسيرة إيرانية في إدلب، بالتزامن مع استمرار المعارك مع قوات النظام في محاور عدة.
وذكرت وكالة الأناضول نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الطائرة المسيرة -التي أسقطتها المعارضة في منطقة رويحة جنوبي إدلب- إيرانية الصنع من نوع أبابيل 3، وتستخدمها مليشيات داعمة لقوات النظام.
الدعم الأميركي الجوي
من جهة أخرى، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أمس إن الولايات المتحدة تدرس زيادة مساعداتها الإنسانية إلى النازحين في شمال غرب سوريا مع تصاعد أعمال العنف في المنطقة.
وفي الوقت ذاته، استبعد إسبر مقترحا بأن واشنطن ستقدم دعما جويا لتركيا في سوريا.
وأضاف إسبر أنه تحدث مع المسؤولين الأتراك بشأن الأحداث الأخيرة، وعبر عن دعمه لتركيا الدولة الحليفة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد الغارات القاتلة التي استهدفت القوات التركية في سوريا.
العودة إلى سوتشي
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طالب اليوم بانسحاب قوات النظام السوري في شمال غرب سوريا إلى الخطوط التي حددتها تركيا، مضيفا أن الخسائر التي تكبدتها هذه القوات في هجمات تركيا ومقاتلي المعارضة مجرد بداية.
وقال أردوغان -في كلمة ألقاها بأنقرة- “كبدنا النظام السوري أكبر خسارة في تاريخه، وخسائر النظام البشرية والمادية حتى الآن ما هي إلا بداية”، و”إذا لم ينسحبوا إلى الخطوط التي حددتها تركيا في أقرب وقت ممكن فلن تبقى لهم رؤوس فوق أكتافهم”.
وأضاف “سنؤكد لهؤلاء الغافلين أننا دولة كبيرة لا تنحني ولو قطع رأسنا، وأقول لروسيا وإيران مجددا: ليست لتركيا أي مشكلة معكما في سوريا”.
وأشار إلى أن تركيا لا تعتمد في كفاحها على دولة أو مؤسسة معينة، بل تعتمد على إمكاناتها وقدراتها وسواعد جنودها وشجاعتهم.
وفي معرض تعليقه على عملية “درع الربيع” التي بدأت عقب اعتداء قوات النظام السوري على الجنود الأتراك بمحافظة إدلب، قال أردوغان: واجب علينا دحر وتدمير من تسبب في استشهاد جنودنا.
واستطرد “مصممون على عدم السماح للتنظيمات الإرهابية بتهديد حدودنا، وعدم التغاضي عن مطامع نظام ظالم باقتطاع أجزاء من أراضينا وعن محاولات تحميل تركيا أعباء ملايين اللاجئين بشكل مستمر”.
وأكد أردوغان أن أهداف بلاده في سوريا لا تتمثل في اقتطاع أراض من هذا البلد، ولا في إقامة قواعد مذهبية أو إستراتيجية هناك، مبينا أن الهدف هو توفير حماية للسوريين الفارين من هجمات النظام، وتأمين سلامة الحدود التركية.
وتابع “تركيا هي التي تستضيف 3.7 ملايين سوري على أراضيها، وأكثر من مليون سوري قرب حدودها الجنوبية وليست روسيا أو إيران أو دولة أخرى، فمنذ تسعة أعوام ونحن نتحمل أعباء اللاجئين وحدنا”.
لقاء موسكو
وبينما تتواصل المعارك في جبهات القتال شمالي سوريا أعرب الرئيس التركي عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إدلب.
وقال خلال خطاب في أنقرة “سأذهب إلى موسكو الخميس لمناقشة التطورات مع بوتين، وآمل هناك أن يتخذ (بوتين) التدابير الضرورية مثل وقف لإطلاق النار، وأن نجد حلا لهذه المسألة”.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “سيكون دون شك لقاء صعبا، لكن الرئيسين يؤكدان رغبتهما في تسوية الوضع في إدلب”.
وأكد أن موسكو تولي أهمية كبرى للتعاون مع تركيا في محاربة الإرهاب في سوريا.
بدوره، قال وزير الدفاع التركي إن بلاده لا تريد مواجهة مع روسيا، بل دفع النظام السوري لإنهاء المجازر.
الموقف الإيراني
وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي إن بلاده تؤمن بالحلول السياسية لإنهاء الأزمة في إدلب، وترى أن مسار أستانا يعد المسار الأقوى لحلحلة الوضع فیها.
وأضاف موسوي -في مؤتمر صحفي- أن إيران تسعى إلى خفض التوتر في إدلب عبر عقد اجتماع في طهران لرؤساء الدول الثلاث المشاركة في مسار أستانا.
وصرح بأن إيران مستعدة للمشاركة والتعاون في أي إطار وحلول سياسية أخرى لوقف التصعيد في إدلب، مؤكدا أن طهران تواصل اتصالاتها مع الدول المعنية بمسار أستانا بشأن مستجدات إدلب وخفض التوتر فیها.
نقلا عن: الجزيرة