قتل، تشريد، تهجير، تعذيب، غرق، حصار، تدمير، مظاهر اجتمعت في سوريا تحت مسمى خطر الموت، سوريا العريقة الحضارة باتت ناراً حارقة تلتهم البشر والحجر، ففي مثل هذا اليوم 10 ديسمبر يحتفل العالم أجمع باليوم العالمي لحقوق الإنسان وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1948، بينما تتلاشى حقوق الشعب السوري بأكملها، فلا حرية أو عدالة أو مساواة، ولاحق بالتعلم والعيش، بل حتى حقوق الأطفال مهدورة.
إن الأصعب في الوضع السوري، أن المستبيح لحقوق المواطنين السوريين هو ذاته الشخص الذي من المفترض أن يؤمن تلك الحقوق لهم، فالحكومة السورية وعلى رأسها بشار الأسد، تتفاخر بأنها دولة الممانعة والمقاومة والمواطنة، في وقت قتلت فيه أكثر من 300 ألف مدني سوري، قابله العدد ذاته للمعتقلين القابعين بسجون الأسد المظلمة، ناهيك عن 4آلاف جريح، و250 ألف مفقود ليس معروفاً إن هم بين عداد الأموات أم الأحياء، وبهذا خرق واضح للحق الأهم ألا وهو حق الحياة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
بالانتقال إلى المرأة السورية التي استطاع النظام أن يساويها حالياً بالرجل في القتل والتعذيب، ويهمش حقوقها سابقاً مقارنة بالرجل في العمل الإداري والسياسي علما أن 16% فقط من نساء سوريا عاملات ومجال عملهن خدمي لا أكثر، وبحسب منظمة حقوق الإنسان نجد أن هناك نحو 19 ألف شهيدة سورية، و 40 ألف معتقلة تتعرض للاغتصاب والتعذيب على أيدي عناصر الأسد، وبذلك تم تغييب حق المساواة الاجتماعية.
فليس الرجال والنساء هم فقط عرضة لإرهاب النظام السوري، فالأطفال أيضاً حرموا من أبسط حقوقهم، فحق التعليم الذي هو أساس لبناء أجيال مثقفة تنهض بالغد السوري، دُفن مع قتل النظام لأكثر من 19 ألف طفل، وتدميره 3000 ألف مدرسة نتيجة قصفه المستمر، فضلا عن 5 مليون طفل يتيمي الأب أو الأم، وفق ما ذكرت منظمة اليونسيف.
حتى الحق بالحرية الدينية أصبح منتهكاً، عندما قام النظام بتدمير قرابة 2500 مسجد في مختلف المحافظات السورية، و عشرات الكنائس، حارماً بذلك السوريين من أداء طقوسهم الدينية الخاصة، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
هذا غير أن تدمير 70% من البنية التحتية الاقتصادية، جعل ثلاثة أرباع الشعب السوري تحت الخطر المحدق للفقر، مما اضطرهم للتخلي عن حقهم بالعيش داخل وطنهم الأم، لأنهم أحسوا بالاغتراب النفسي ضمنه، نتيجة غياب الشعور بالانتماء القومي إليه، وهذا أمر طبيعي في ظل فقدان الأمن و الأمان حتى داخل منازلهم، فقد أوردت منظمة الأسكوا أن قرابة 8 مليون سوري لجؤوا للدول الأوربية لهول الأزمة ببلادهم، يوازيها 9 مليون سوري نازح داخل المدن السورية، وخير مثال على النزوح الجماعي الداخلي خروج أهالي الوعر من محافظتهم حمص مؤخراً إلى محافظة إدلب في الشمال السوري.
ولعل إلقاء الضوء على حملة عدم التمييز التي أقيمت في 10 ديسمبر عام 2009، ومضمونها حماية الفئات الأضعف التي تتعرض للتمييز كالمعوقين، كانت الحرب السورية قد أوقعت مليون معاق سوري بدرجات متفاوتة، بدون أن تولي أية جهة رسمية اهتمامها لهم.
في النهاية لم يكن الشعب السوري يعلم أن مطالبته بحقه بحرية الرأي تجاه النظام الأسدي، سيحرمه من كل حقوقه الأخرى ، ومن خلال أسلوب ممنهج لسلبهم حق العدالة الاجتماعية، فقتله لآلاف السوريين وتغيبهم عن مجالات العمل كافة في مؤسساته الحكومية فقط لأنهم من الطائفة السنية، أكبر دليل على عقلية النظام الخاطئة، وعلى طعنه الصارخ لمعظم الاتفاقيات الدولية الموقعة حول حقوق الإنسان، عندما أقحم بتعامله مع شعبه كافة المعايير الغير الأخلاقية المناهضة لكل المقاييس الدولية.
محار الحسن
المركز الصحفي السوري