النصر العزيز الذي حققته قوى الثورة السورية في الجنوب على أرض حوران ، وفي الشمال في حزام حلب الأقرب يشكل تحديا إضافيا ونوعيا وجادا وخطيرا للثورة والثوار في سورية …
خطورة التحدي وجديته ونوعيته تنبع أصلا من طبيعة الانتصار الذي حققه الثوار ، وهوية العدو الذي حققوا انتصارهم عليه ، وقوة الصفعة التي أرغموا بها أنف هذا العدو ، وحجم الخسارة التي كبدوه إياها ، وغور الجرح الذي خلفوه في جبهته ، ولباس الخزي والعار الذي تجلل به هذا العدو أمام القريب والبعيد …
فانتصار الثوار الأحرار الأبطال الساحق في الجنوب والشمال لم يكن هذه المرة على موجة مرتدة من إفرازات الكراهية التي تعودت أن تفرزها عصابات بشار الأسد ، فهذه العصابات قد أصبحت من الوهن بحيث أنها لم تعد قادرة على أي شكل من أشكال الحراك .
الانتصار العظيم الذي تحقق في الجنوب والشمال وفرح به كل السوريين الأخيار الأحرار ورغم به أنف القتلة الأشرار كان انتصارا ساحقا ومباشر على إيران الدولة الإقليمية ( العظمى ) التي كان منذ أيام محلل من محلليها يقارنها بحجمها ومكانتها بالقارة الأوربية بكل ما فيها ومن فيها .
الانتصار العظيم على إيران الإقليمية ( العظمى ) المتحالفة عمليا القطبين الدوليين الأعظمين ، وما حققه هذا الانتصار من واقع على الأرض ، ومن دحر لقوات كانت تأمل وتظن …، وما خلفه من هلكى وصرعى من قيادات وجنود يسمونهم عدوانا وبغيا ( شهداء ) ، في رحلة واضحة للصناديق إلى ضاحية بيروت وإلى العراق ومشهد أو قم طهران بل حتى إلى أفغانستان وباكستان ، وما أوقعه هذا الانتصار من أسرى هم الشهود الأحياء على الجريمة وعلى المتواطئين عليها ، والصامتين عليها ؛ كل أولئك يجعلنا نتوقع أن يشكل الانتصار الجريء الجميل نوعا من التحدي الخطير لما يسمونه عادة النمر الجريح . وإن كان من المتوقع أن ينكر الكثير من السوريين التشبيه بالنمر ويستكثروا على المعنيين التشبيه ( الواوي الجريح ) …
ومع ذلك فإن الحق والأمانة توجب علينا ألا نتوقع أن يعض هذا الواوي أو الذئب أو لنسمه ما شئنا على ذنبه ، وأن يلجأ إلى لعق جراحه النازفة حتى يلحق بمثل هزيمة بشار …
ولم تكن ( الاستهانة ) بالعدو مهما كان حقيرا أو رجيما يوما من فعل الحازمين الراشدين العقلاء . إن أهم ما يجب أن يفكر فيه الثوار بعد الذي حققوا من نصر : كيف يحافظوا على هذا النصر ؟ والمحافظة على النصر في كثير من الأحيان أصعب وأكثر كلفة من النصر نفسه . ثم يأتي سؤالنا الثاني كيف يتم تعزيز هذا النصر وتطويره والسير به إلى غايته . ففي الحرب إما أن تكون طالبا أو مطلوبا . ولا استقرار تحت غير أحد هذين العنوانين .
حقق الثوار السوريون نضّر الله وجوههم انتصارهم العزيز بفعل عوامل عديدة منها صحة العزيمة ومضاء الإرادة والمبادرة السريعة الحاسمة ولاسيما ما جرى في الشمال ففاجؤوا العدو بقوتهم وصعقوه بثباتهم ، والمتوقع اليوم …
مما تتناقله الأخبار عن جسر جوي يحاول فيه الطائفيون الأشرار أن يدعموا ما يعتبرونه ( جبهاتهم ) الساخنة على الأرض . مئات بل آلاف من الجنود المشحونين نفسيا وطائفيا سينصبون خلال الأيام القادمة على الأرض السورية محدثين تغيرا تعبويا يجب على الثورة ورجالها أن يقدروه حق قدره وأن يعدوا لكل أمر عدته ..
وفي الوقت نفسه ومرة أخرى نكرر لن يقعي قاسم سليماني الذئب المسعور ليلعق جراحه . بل يجب أن نتوقع جلسات مكر وتخطيط عليا على مستوى خبراء حرب من كل أنحا العالم وليس فقط من روسية وإيران والموساد والسي أي إيه ؛ يجتمعون لدراسة واقع الهزيمة الذي هزهم جميعا ، وليضعوا الخطط الاستراتيجية والتكتيكية للخروج من الهزيمة والانتصار على تبعاتها .
اجتماعات مكر نراها بالقلب رأي العين بلا شك ولا ريب . وهي تحد يفرض على كل غيور من قيادات الأمة التي تقدر طبيعة المعركة حق قدرها أن ينظموا الطريقة العلمية والتعبوية للرد عليها …
أما تعزيز النصر وتطويره فهو الهدف الأساس لهذه الثورة ، أن تكون لدى حاملي لواء هذه الثورة الرؤية النظرية والعملية للخروج من حالة الجمود ، التي جعل الكثيرون منها ذريعة للتعلل باستحالة النصر….
مركز الشرق العربي – زهير سالم