كشفت سلسلة وثائق رسمية مدى التخبط الذي يعيشه نظام بشار الأسد، وبالتحديد وزارة داخليته، التي عانت انشقاقات متتالية، دلت على ضعف “الضبط الأمني” في الوزارة، رغم إنها تمثل رأس الوزارات الأمنية!، كما أوقعت النظام في إشكالات دفعته لتجديد تشكيل لجان في الداخلية مرات عديدة، نتيجة الانشقاقات المتتابعة.
انشقاق المخبر والمخبر عنه!
نبدأ من قضية العميد “أحمد طلاس” الذي انشق مطلع آب 2012، تاركا منصبه الحساس جدا كرئيس لفرع العقود بوزارة الداخلية، وهو الفرع الذي يتولى اقتراح الصفقات وإبرامها، بما فيها صفقات التسليح.
وتظهر أولى الوثائق التي عالجت قضية “طلاس” أن وزارة الداخلية فوجئت تماما بما أقدم عليه العميد، وقد وضحت الوثيقة المؤرخة في 2/8/2012 أن الرائد حسام منعم رئيس قسم العقود الداخلية بفرع العقود، أخبر اللواء حميد أسعد المرعي مدير إدارة الشؤون الإدارية بـ”تغيب العميد أحمد محمد طلاس رئيس فرع العقود عن دوامه الرسمي”.
وذكر اللواء المرعي في برقيته الموجهة إلى مكتب وزير الداخلية أن بحوزة العميد طلاس مجموعة من الأسلحة والذخائر، هي:
1- بندقية آلية عيار / 7,62 / مم تحمل الرقم / 10 – 1968 – R – 415 / مع مذخر عدد / 2 / و / 150 / مائة وخمسون طلقة عيار / 7,62 / مم.
2- مسدس نوع براوننيغ عيار / 9 / مم يحمل الرقم / 23879 / مع مذخر للمسدس عدد / 2/ وخمسون طلقة عيار / 9 / مم.
وأعلنت الوثيقة أنه “سيتم إذاعة البحث عن العميد طلاس، وعن السلاح المسلم له فور مضي ستة أيام على غيايه”.
لكن “الداخلية” لم تنتظر 6 أيام ولاحتى يوما واحدا، ففي نفس تاريخ الوثيقة أعلاه، صدر أمـر إداري عن مدير إدارة الشؤون الإدارية بتشكيل لجنة مهمتهما “فتح مكتب العميد أحمد طلاس رئيس فرع العقود والمتغيب عن الدوام منذ تاريخ 31/7/2012 وجرد محتوياته بموجب محضر جرد رسمي”.
وكلف الأمر الإداري الرائد حسام منعم من فرع العقود، برئاسة اللجنة، وهو نفس الضابط الذي أسندت إليه لاحقا رئاسة فرع العقود، خلفا لـ”طلاس”، لكنه انشق بعد أقل من 4 أشهر كاشفا عن هشاشة منظومة الأمن والتحري في النظام، ومدثا مزيدا من البلبلة في الوزارة.
ففي كتاب مؤرخ في 12/ 12/ 2012، طلب اللواء المرعي إلى مدير إدارة شؤون الضباط “العمل على تكليف العميد عبد مناف أحمد رئيس فرع الأشغال بتسيير أمور فرع العقود إضافة لعمله ريثما يتم تعيين رئيس فرع أصيل”.
وأوضح الكتاب الرسمي أن هذه الخطوة تأتي لـ”ضرورة الخدمة وحسن سير العمل، ونظراً لفرار الرائد حسام منعم المكلف بتسيير أمور فرع العقود”.
وفي وثيقة أخرى مؤرخة في 15/12/2012، وتحت عنوان: ورقة عقوبة ضابط، فرض العميد محمود رضا زكريا مدير إدارة الشؤون الإدارية “تكليفاً” عقوبة “التوقيف الشديد مع الإعدام، بحق العميد أحمد طلاس”.
واكتفت الوثيقة المختصرة جدا بتعليل العقوبة المفروضة بحق طلاس موضحة أنها جاءت بسبب “إهماله في الإشراف على عمل الفرع -فرع العقود- و تقصير بواجبه الوطني”، دون أن تقدم مزيدا من التفصيلات.
تعديلات تحت ضغط “الفرار”
وفي سياق متصل تقول وثيقة صادرة عن اللواء حميد المرعي مدير إدارة الشؤون الإدارية بتاريخ 5/1/2012، ومرفوعة إلى معاون وزير الداخلية، إنه “إشارة للأمر الإداري رقم / 65 / ص تاريخ 14/11/2012 المتضمن تشكيل لجان لجرد المستودعات بتاريخ 13/12/2012 . ونظراً لإحالة العميد مصطفى عنان من مرتب إدارة التفتيش– رئيس لجنة الجرد الثانية على المعاش التقاعدي. وفرار العقيد زياد بديوي من مرتب إدارة التنظيم والإدارة – عضو لجنة الجرد الثالثة. ولتتمكن اللجان المذكورة من القيام بالمهام الموكولة إليها. نرفق ربطاً مشروع أمر تعديل للأمر الإداري رقم / 65 / ص تاريخ 14/11/2012″.
وفي وثيقة أخرى مؤرخة في 22/9/2012، يعرض اللواء المرعي على وزير الداخلية مشروع أمر إداري جديد يتضمن تسمية العميد عبد الهادي الصليبي رئيس فرع الوقود رئيسا للجنة التسعير “نظراً لفرار العميد أحمد طلاس رئيس اللجنة. ولتتمكن اللجنة من متابعة عملها”.
*زمان الوصل