تكشفت معركة “تحرير ريف الحسكة”، خلال الشهر الماضي، عن هدم عشرات المنازل في المنطقة الممتدة بين بلدتي “تل براك” و”تل حميس” في الشمال وبين بلدة “الهول” جنوب شرق الحسكة، حيث كان هذا المثلث المحاذي للحدود العراقية مسرحاً لأولى الحملات العسكرية لتحالف جديد تحت اسم “قوات سوريا الديمقراطية” يقوده حزب الاتحاد الديمقراطي، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتحدث السكان المحليون، ممن استطاعوا تفقد قراهم، عن تهدم بعض المنازل وتحولها إلى أكوام من التراب والقش على يد القوات المتحالفة، بينما تهدم بعضها الآخر بشكل جزئي في قرى (رجم الطفيحي، العميرية، قبور الفاضل)، وقرى أخرى في المنطقة تقع جنوب بلدة “تل براك” شرق مدينة الحسكة.
القرى المحيطة ببلدة “الهول” ومنها قرية “المويلحات” شمال الناحية من جهة بلدة “تل حميس”، تعرضت لعمليات هدم وتخريب متعمدة من قبل مقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” و”آساييش” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، التي تعمل في الخطوط الخلفية رغم عدم انخراطها بالتحالف الديمقراطي، حسب السكان.
وقال النازحون من “الهول” إلى “الشدادي” إن حواجز حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه تمنعهم من العودة من مناطق نزوحهم جنوب الحسكة إلى منازلهم في “الهول” وقراها في الريف الشرقي، وأعادتهم إلى نواحي ريف الحسكة الجنوبي حيث يسيطر تنظيم “الدولة”، بعد تهديدهم بالاعتقال بتهمة احتضان عناصر التنظيم على مدى أكثر من عام.
من جهته، قال الناشط مجد العبيدي إن عمليات هدم المنازل الأخيرة استهدفت قرى تقع في المنطقة بين بلدتي “الهول” و”تل حميس”، وهو المحور الذي كانت تقاتل عليه ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية” بقيادة حزب الاتحاد الكردي، خلال الحملة العسكرية ضد تنظيم “الدولة”، مضيفاً أن “ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية، تتحدث عن تخليص أبناء الريف الجنوبي والشرقي من ممارسات تنظيم “الدولة”، وبعد انسحاب التنظيم تقوم بمطاردتهم وتدمير قراهم ومصادرة ممتلكاتهم، وتتهم أبناء ريف الحسكة الجنوبي والشرقي بأنهم حواضن للتنظيم، وهذا ينفي شعار تخليصهم من ظلمه، كيف ذلك وهي تقول إنهم جزء منه؟”.
وكانت منظمة العفو الدولية قالت في تقرير لها نشر 13 تشرين الأول/ أكتوبر: إن بعثة المنظمة لتقصى الحقائق في شمال سوريا قد كشفت النقاب عن موجة من عمليات التهجير القسري وتدمير المنازل تُعد بمثابة جرائم حرب نفذتها الإدارة الذاتية بقيادة “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي يسيطر على المنطقة، حيث تُعتبر الإدارة الذاتية حليفاً أساسياً على الأرض للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في قتالها ضد الجماعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم “تنظيم الدولة”.
وأشار التقرير على أن العمليات نُفذت في كثير من الأحيان على سبيل الانتقام اعتقاداً بأن سكان هذه المناطق تربطهم صلات مع أعضاء في تنظيم “الدولة الإسلامية أو غيره من الجماعات المسلحة أو يتعاطفون مع هذه الجماعات.
وقد برر “حزب الاتحاد الديمقراطي” التهجير القسري للمدنيين بأنه كان ضرورياً لحماية المدنيين أنفسهم أو كان إجراءً ضرورياً من الناحية العسكرية.
وفي مقابلة مع منظمة العفو الدولية، أقر قائد قوات “آساييش” بوقوع عمليات تهجير قسري لمدنيين، ولكنه قلل من أهميتها على اعتبار أنها “حالات فردية”، وكرر المتحدث الرسمي باسم “حزب الاتحاد الديمقراطي” الادعاءات القائلة بأن المدنيين قد أُبعدوا حرصاً على سلامتهم.
ميدانيا، انتقلت المواجهات بين تنظيم “الدولة” وبين “التحالف الديمقراطي”، بقيادة حزب الاتحاد إلى المنطقة الفاصلة بين قريتي “الكرامة” و”قانة” على محور الحسكة- العريشة، في حين سيطر مسلحو التحالف الجديد على قرية “سودة” و”عبد” قرب محطة “أبيض” النفطية جنوب جبل عبد العزيز في الجبهة الغربية، بينما دارت اشتباكات على الجبهة الشرقية الممتدة بين بحيرة السد الجنوبي وبين الحدود العراقية، أدت إلى سيطرة القوات المتحالفة مع الولايات الأمريكية المتحدة على مناطق شمال حقول “كبيبة” النفطية والتلال المطلة على قرى (الصاوي والخان والجنبات)، تحت غطاء جوي فعال، حيث شنت طائرات التحالف غارات عدة على مواقع تنظيم “الدولة” هناك، بينما غابت اليوم (السبت) عن سماء المنطقة، حسب مصادر محلية.
وحول جديد التنسيق الأمريكي، ذكر موقع “كوردستريت”، الكردي، أن “القوات الأمريكية بالتعاون والتنسيق مع قوات الكردية تعمل على ببناء مطار عسكري جنوب مدينة رميلان النفطية في قرية “رميلان الباشا” بمساحة 10 هكتار”، مشيراً إلى “إشراف 8 خبراء أمريكيين على المطار، الذي يبنى بأيدي عاملة الكردية”.
يشار إلى أن تحالف “قوات سوريا الديمقراطية”، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، سيطر منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، على ناحية “الهول” بريف الحسكة الشرقي، ضمن حملة عسكرية بدأها بدعم جوي من التحالف الدولي، في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015، بهدف السيطرة على نواحي ريف الحسكة الجنوبي الخاضعة لتنظيم “الدولة” منذ بداية عام 2014.
المصدر: زمان الوصل