في تطور مفاجئ سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة تدمر شرق حمص، وهو يواصل تقدمه غرب المدينة والسيطرة على حقول النفط واقتحام قطع عسكرية داخل مطار التيفور، مما أدى إلى تجدد الجدل بشأن الانهيار السريع لقوات النظام وروسيا وحصول تنظيم الدولة على أسلحة وذخائر بعد انسحابها.
وكانت سيطرة النظام على المدينة الأثرية في نهاية مارس/آذار الماضي قد تطلبت جهدا عسكريا بدعم روسي استمر شهورا، كما يبقى السؤال معلقا عن أفق هذه المعركة وسبب توجه تنظيم الدولة إلى تدمر في ظل استمرار الحملة الدولية على مناطقه في سورياوالعراق.
عمق إستراتيجي
ويرى المحلل العسكري فايز الأسمر أن تنظيم الدولة الذي خسر كثيرا من مناطقه بالعراق وسوريا يبحث عن مناطق جديدة تشكل له عمقا جغرافيا آمنا، وهو ما توفره له منطقة البادية السورية وجبال القلمون شمال دمشق، نظرا لاتساع المساحة ووعورتها، مما يسمح له بالتحصن هناك إن خسر الرقة ودير الزور.
ويقول الأسمر إن تدمر تشكل نقطة وصل مهمة لأنها تربط منطقة الحماد في ريفي حمص وحماة، وتسمح بالوصول إلى منطقة القلمون وصولا للحدود اللبنانية، كما ترتبط بدير الزور والرقة وصولا إلى التنف على الحدود العراقية.
ويستبعد الأسمر انسحاب قوات النظام وروسيا من تدمر لتسليمها إلى تنظيم الدولة من أجل التعمية عن حلب، ويضيف أن التنظيم موجود أصلا على بعد كيلومترات من المدينة ولم تتوقف هجماته الاستنزافية ضد النظام وحلفائه حتى جاءت الضربة الأخيرة التي أدت إلى السيطرة على المدينة، الأمر الذي سيقدم لمؤيديه ومقاتليه دفعا معنويا كبيرا و”يقلب” حسابات المجتمع الدولي.
دفع معنوي
من جهته، يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية يوسف قبلاوي للجزيرة نت إن تنظيم الدولة بات يتقن لعبة التحصن في المثلث الآمن الناجم عن الصراع بين الكبار (أميركا وروسيا)، حيث تختلف وجهة نظر البلدين في مواجهة تنظيم الدولة في سوريا، كما أن التنظيم نجح الآن بسحب “ورقة النصر الوحيدة” من يد الروس منذ بدء حملتهم في سوريا نهاية سبتمبر/أيلول 2015.
ويضيف أن تنظيم الدولة يبحث من خلال سيطرته على تدمر عن إعادة تسويق نفسه وكسب حاضنة شعبية، ولا سيما بعد تراجع المعارضة في حلب، حيث يقدم نفسه على أنه الوحيد القادر على تحقيق انتصارات ضد النظام وحلفائه.
ويرى قبلاوي أن تنظيم الدولة يبحث عن مناطق جديدة تعوض انحسار مناطقه في العراق وسوريا، وأنه يعيد انتشار مقاتليه ويرسم خريطة سيطرته، ولم يستبعد الباحث أن يكون النظام قد انسحب من تدمر “حتى يظهر من جديد على أنه ضحية للإرهاب في ظل الجرائم التي يرتكبها في حلب بدعم الروس”.
من جهة أخرى، نقلت وكالة الأناضول اليوم الاثنين عن مصادر أمنية تركية أن قوات النظام وروسيا تعمدت ترك مضادات دروع وطيران عالية النطاق لتنظيم الدولة قبل انسحابها من تدمر، وذلك بهدف تسليح التنظيم ضد فصائل المعارضة التي يشتبك معها في مناطق عدة.
وذكر مقربون من تنظيم الدولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن التنظيم استحوذ في تدمر على ثلاثين دبابة وست ناقلات جنود والكثير من مضادات الدروع وأربعة مستودعات أسلحة وذخائر.
كما أكد ناشطون من تدمر أنهم لم يرصدوا سوى غارة روسية واحدة ضد تنظيم الدولة أثناء تزود عناصره بالوقود.