تشهد هذه الأيام سباقاً مع الزمن يخوضه معظم الراغبين بالهجرة خارج سوريا واللجوء إلى دول أوروبا الغربية، سباقٌ وصفه الكثيرون أنه سباق ٌضد الساعة، ومع اقتراب فصل الشتاء وسوء العوامل الجوية ازداد الخوف في نفوس اللاجئين المتجهين نحو أوروبا.
وقد أوضحت “ميليسا ليمنغ” المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن معدل اللاجئين يتسارع، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى وصول أكثر من 8 آلاف لاجئ الاثنين 19 تشرين الأول إلى اليونان، ويسابق اللاجئون فصل الشتاء للوصول إلى وجهتهم النهائية قبل حلول الصقيع.” وذكرت المسؤولة الأوروبية “أن 27500 لاجئ ومهاجر مازالوا في جزر يونانية بصفة مؤقتة بالقرب من تركيا التي جاءوا منها”.
“لا تنحصر الأسباب التي دفعت بالسوريين إلى التعجيل بالهجرة خارج سوريا و دول الجوار السوري باقتراب فصل الشتاء فقط” حسب قول الباحث الاجتماعي ليث عجوب الذي أضاف قائلاً: “لقد زادت الضربات الجوية الروسية من سوء أوضاع الناس داخل سوريا، ودفعتهم إلى التفكير في حل طويل، وإيجاد مكان آمن لهم، ويتيح لأطفالهم متابعة دراستهم وتأمين مستقبل أفضل”.
وكانت هيئة الأمن الفدرالية الروسية قد تحدثت عن تزايد تدفق اللاجئين الذين يعبرون الأراضي الروسية، في طريقهم إلى النرويج بـ 3 أضعاف منذ أوائل تشرين الأول بالمقارنة مع الأشهر القليلة الماضية.
بدورها أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن العدد الإجمالي للاجئين والمهاجرين الذين وصلوا السواحل الأوروبية عبر البحر تجاوز 650 ألف شخص هذا العام، معظمهم من السوريين، مضيفة أن ما يربو عن 3 آلاف لاجئ لقوا حتفهم، أو مازالوا في عداد المفقودين، وذلك بعد غرق قواربهم في المتوسط.
يعود السيد ليث ليضيف: “إن الخوف من إغلاق الحدود، وتهديد الكثير من الدول الأوروبية بنشر الجيش على طول حدودها للحد من تدفق اللاجئين، يعد أحد العوامل التي تساهم في رفع نسبة المهاجرين خلال الأيام القليلة الماضية، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة السفر وأجور المهربين هذه السنة، والتي لا تزيد عن 1500دولار للشخص الواحد مقارنة بالأجور السنة الماضية حيث يدفع الشخص الواحد أكثر من 5000 دولار”.
أما الشاب رياض عراقي يعيش في مدينة أزمير التركية، ويعمل في مجال تهريب الأشخاص نحو أوروبا يقول: “تلعب الأحوال الجوية دوراً رئيسياً في عملنا، وتكاد تكون الأيام العشرة القادمة هي الأخيرة في هذا الموسم، والتي تسبق التقلبات المناخية وارتفاع أمواج البحر، وبالتالي سيكون من الخطر جداً العمل في ظل هذه الظروف المناخية الصعبة”.
ومن ناحيتها قالت السيدة جميلة الخالد وهي أمٌ لطفليين وموجودة في جزيرة ليسبوس اليونانية، تنتظر أخيها إبراهيم ليكملوا طريقهم نحو أوروبا: “لطالما تمنيت العيش بسلام في بلادي، لكن ومع دخول هذه الحرب عامها الخامس أصبحت الأمور أكثر تعقيداً، وأُجبرنا على البحث عن مكان آمن ريثما تنتهي الحرب وربما نجد في أوروبا ضالتنا، والتي بدأت بإغلاق أبوابها شيئاً فشيئاً”.
أخيراً، تعددت أنواع السباقات التي توجب على السوريين خوضها، فتارة يجدون أنفسهم في سباقٍ مع قذائف وطائرات الأسد وتارة مع موج البحر، وآخرها سباق مع فصل الشتاء ليكمل حلمه بالبحث عن حياة.
محمد عنان ـ المركز الصحفي السوري