أضحت بادية سوريا على امتداد مساحتها الجغرافية ساحة كسر عظمٍ للقوى الفاعلة في الساحة السورية.
هل يمكن أن تصادر أملاكك دون علمك، كيف يؤثر قانون الإرهاب على المتهمين وعوائلهم؟؟
كشفت شبكةٌ محليةٌ عن دفع ميليشيا حزب الله اللبنانية، صباح أمسٍ، بتعزيزاتٍ عسكريةٍ من مدينة القصير بريف حمص الجنوبي نحو مدينة تدمر بالريف الشرقي، ضمت نحو 17 شاحنةً وعربةً عسكريةً محملةً بالذخائر والمعدات العسكرية المتوسطة والثقيلة بالإضافة لعربتي إسعافٍ، ونحو 50 عنصراً وضابطاً، ضمن دفعة تعزيزاتٍ هي الأضخم للميليشيا نحو المدينة.
وأوضح المصدر أن مدينة تدمر شهدت استنفاراً أمنياً وحظر تجوّلٍ للمدنيين لدى وصول التعزيزات إلى المنطقة التي لم تملك ميليشيا حزب الله اللبنانية تواجداً بهذا الحجم لها في المدينة من قبل، للمشاركة بحملة تأمين طريق حمص- ديرالزور الذي يمر من تدمر.
يواصل النظام وحليفاه روسيا وإيران استقدام التعزيزات العسكرية من عناصر وعتادٍ وذخيرةٍ لمنطقة البادية بغية إحكام السيطرة عليها، دونما جدوى.
وكان قد شن النظام والروس والإيرانيون حملات تمشيطٍ منفصلةٍ للبادية، ازدادت وتيرتها في النصف الثاني من العام الفائت، لعل أبرزها عملية الصحراء البيضاء التي كانت رداً على مقتل الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ في ريف ديرالزور الجنوبي، إلا أنها لم تُفلح وتكبدت روسيا خلالها خسائر ماديةٍ وبشريةٍ فادحةً.
تمتد البادية السورية علي مساحةٍ جغرافيةٍ واسعةٍ تقدر بنحو نصف مساحة سوريا؛ تزيد عن 75 ألف كيلومترٍ مربعٍ من مساحة البلاد البالغة 185 ألف كيلومترٍ مربعٍ، من ديرالزور والرقة شمالاً حتى بادية السويداء جنوباً، ومن حماة حتى الحدود العراقية مروراً بحمص وسط البلاد.
زادت سلسلة الهجمات الدامية في المنطقة، وسط تكهناتٍ بوقوف تنظيم الدولة داعش وراءها ومخاوف من عودةٍ ثانيةٍ للتنظيم عقب الهزيمة التي مُنِيَ بها في سوريا والعراق، كانت آخر جولاتها في آخر معاقله بلدة الباغوز في آذار 2019.
وتتميز البادية بطبيعة تضاريس التي تضم الكثير من المغاور والكهوف، ما يشكل بيئةً ملائمةً لفلول التنظيم للاختباء، وشنِّ الهجمات بالقليل المتوفر لديه من العناصر والسلاح، ما يجعل محاربة التنظيم في هذه الظروف أمراً في غاية الصعوبة.
ولابد من الحديث في خِضمّ هذا الشأن عن التنافس الروسي-الإيراني ومساعي الأولى لسحب البساط من تحت إيران في سوريا عموماً وفي أجزاء واسعةٍ من البادية خصوصاً، الأمر الذي يثير الشكوك حول تورط الطرفين في استهدافاتٍ متبادلةٍ لاسيما تلك التي تقع ضمن مناطقَ محصنةٍ ومؤمّنةٍ من قبل كلٍّ منهما.
كما أن عمليات البادية تفتفر للتنظيم العسكريّ البريّ المشترك بين روسيا وإيران، والذي من شأنه وضع حدٍّ لخلايا التنظيم النائمة، ولكن غياب الثقة والشكوك المتبادلة بين الطرفين في استغلال الأوضاع لتوسيع نفوذ كل منهما تمنع تعاونهما.
ستبقى البادية والأرض السورية ثقباً أسوداً للنظام وحلفائه المتناحرين المتصارعين على النفوذ ونهب مقدرات البلاد.
صباح نجم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع