روسيا مستعدة لمشاركة «أوبك» في قرارها للحد من الإنتاج وفق قول فلاديمير بوتين في إسطنبول أمام المؤتمر العالمي للطاقة. وأبلغ إيغور ستشين رئيس شركة «روسنفت» Rosneft والمقرب من بوتين العالم أمس، أن شركته لن تخفض إنتاجها ولن تجمده في إطار اتفاق تعاون مع «أوبك»، وستشين أقوى نفوذاً حتى من وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك. ويمثل إنتاج «روسنفت» ٤٠ في المئة من إنتاج روسيا من النفط. وعلى رغم تصريحات بوتين بأنه سيتعاون مع «أوبك» إلا أن كل تاريخ المنظمة مع روسيا يشهد على أنها لم تتعاون يوماً مع دول «أوبك» في إدارة الإنتاج. وإن وعدت فهي لم تلتزم. لكن بوتين يريد الآن وهو ينفذ إلى جانب النظام السوري مجزرة في حلب ويساهم في جرائم حرب، أن يظهر روسيا لاعباً أساسياً ليس فقط في سورية وفي المنطقة العربية ولكن أيضاً على الساحة الاقتصادية، خصوصاً السوق النفطية العالمية. فروسيا هي فعلاً من بين أكبر منتجي النفط والغاز في العالم وهي مؤثرة في السوق العالمية وكان هذا الغاية من تصريح بوتين يوم الإثنين برفع سعر البرنت الذي اقترب من ٥٤ دولاراً للبرميل. لأن روسيا تعاني من أزمة اقتصادية ومالية كبرى بسبب أسعار النفط والغاز المنخفضة ودينها المرتفع وكلفة حربها في سورية. لكن بوتين استطاع من خلال دعمه بشار الأسد أن يستعيد لروسيا دوراً أساسياً في الشرق الأوسط وفي العالم رغم مشاكل روسيا الداخلية. وهذا أعطاه دوراً عالمياً وإن كان بمثابة جزار. وجميع قادة أوروبا يراعون العلاقة معه.
اختار أوباما أن يعتمد التفاهم مع بوتين حول سورية، لكنه فشل لأن سورية ليست في أولوياته. وعلى رغم ذلك ذهب الجميع إلى موسكو للتحدث مع بوتين إما عن سورية أو أوكرانيا وحتى عن لبنان كما فعل عدد من اللاعبين الأساسيين على ساحة النفط العالمية، ولكن من دون جدوى. فقد استطاع أن يفرض نفسه كقوة العظمى في وجه الولايات المتحدة عبر ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري. الكل في الغرب يقول أنه ينبغي التحاور مع روسيا. والتحاور مستمر منذ ٢٠١١ ولم يؤدِّ إلا إلى تدخل عسكري في بلد عربي قرر أن يستقر فيه مع إنشاء قاعدة عسكرية دائمة، والكلام عن تعاون روسي في شأن إدارة الإنتاج النفطي مماثل لكلام بوتين ولافروف عن التسوية في سورية. إنه بمثابة فرض نفوذ على جميع الصعد على حساب الإنسانية والقيم الأخلاقية. روسيا بلد شاسع وغني بموارده من غاز ونفط وصناعاته، لكن الفقر والبؤس والفساد تهيمن على المجتمع الروسي وبوتين يلهي شعبه عن المشاكل الداخلية بفرض القوة في الخارج. ولسوء حظ القادة الغربيين فهم يعتقدون أنهم سيقنعونه بالحوار علماً أن التحدث معه غير مجد لأنهم ليسوا موحدين في موقفهم في وجهه. فالمستشارة الألمانية أنغيلا مركل تحتاج إلى روسيا لأن تبادلها التجاري واسع مع هذا البلد. وفرنسوا هولاند يضع شروطاً على زيارة بوتين فرنسا وبوتين يؤجلها، لكن هولاند تحت ضغط معارضة فرنسية ترى أنه ينبغي التحدث مع الرئيس الروسي رغم ما ينفذه من جرائم في حلب مع شريكه الأسد. أمأ جون كيري فتأخر في ملاحظة أن الحوار مع نظيره الروسي على سورية عقيم في ظل إدارة أميركية متراجعة. فاليوم ومعظم إدارات العالم تتبدل مع انتهاء عهد أوباما وهولاند في أيار (مايو) المقبل وبان كي مون وغيرهم، سيبقى بوتين فارضاً ما يريده على الساحة الإقليمية مع محاولة الحصول على شيء من الصدقية على الصعيد الاقتصادي في أسواق النفط العالمية.
رندة تقي الدين_الحياة