بقيت العقوبات المفروضة على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس بسبب تعاونهما مع حزب الله ودعم أنشطته محور الحركة السياسية في لبنان، مع ترقّب للشخصيات الجديدة التي قد تطالها مثل هذه العقوبات وخصوصاً من يدورون في فلك رئيس الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني الحر”.
وقد سأل البعض في بيروت عن تأثير هذه العقوبات على عملية تشكيل الحكومة وإذا كانت ستفرمل اندفاعتها، وهل العقوبات على خليل كوزير مال سابق هي رسالة إلى الرئيس المكلّف مصطفى أديب لعدم منح حقيبة المال إلى الثنائي الشيعي؟
الرد الأولّي على هذه الخطوة جاء من قبل “حركة أمل” بعد اجتماع طارىء لهيئة الرئاسة في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري، حيث صدر بيان وصف قرار العقوبات على الوزير علي حسن خليل بأنه “فرمان” يستهدف لبنان وسيادته، ويربط بينه وبين عملية ترسيم الحدود.
ومما جاء فيه:
أولا: إن هذا القرار لن يغيّر من قناعاتنا ومن ثوابتنا الوطنية والقومية على الإطلاق.
ثانيا: إن حدودنا وحقوقنا السيادية في البحر والبر نريدها كاملة ولن نتنازل أو نساوم عليها مهما بلغت العقوبات والضغوطات ومن أي جهة أتت. وكشفاً للحقيقة إن اتفاق السير بترسيم الحدود البحرية في الجنوب اللبناني اكتمل مع الولايات المتحدة الأمريكية ووافقت عليه بتاريخ 9/7/2020 وحتى الآن ترفض توقيت إعلانه دون أي مبرر.
ثالثا: إن “فرمان” وزارة الخزانة الأمريكية والذي جاء في توقيت كان فيه اللبنانيون بغالبية قواهم السياسية والبرلمانية قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى حكومة جامعة يُعوّل عليها أن تعمل على إخراج لبنان من أزماته، فهل هذا القرار للقول لنا إن الذي يدفعنا هو “أحرف الجر؟”… مخطىء من يعتقد ذلك.
رابعا: ان استهداف الأخ النائب علي حسن خليل ليس استهدافاً لشخص شغل لفترة زمنية محددة موقعا وزاريا، إنما هو في الحقيقة استهداف للبنان ولسيادته وللخط وللتنظيم السياسي الذي ينتمي إليه، خط حركة أمل، خط الدفاع عن لبنان وعن وحدته وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وعن عروبته وعن حقنا في الدفاع عن ثوابتنا وحقوقنا وحدودنا”.
وختم البيان بالقول “أنتم مخطئون في العنوان وفي الزمان وفي المكان!! ولكن وصلت الرسالة”.
أما رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه فعلّق على القرار الذي طال أحد أبرز معاونيه يوسف فنيانوس، معتبرا أن القرار “هو قرار اقتصاص لموقفه وقناعاته وموقعه”. وأوضح، في بيان، “نحن كمردة لم ولن نخجل يوماً بمواقفنا بل نفتخر ونجاهر بها من منطلق إيماننا بأرضنا وسيادتنا وهويتنا. وعليه نعتبر القرار قراراً سياسياً ما يزيدنا تمسكاً بنهجنا وخطّنا”.
وكان عضو “كتلة التنمية والتحرير”، النائب قاسم هاشم، أكد “تمسّك حركة أمل بوزارة المال لأن التوازن السياسي يفرض ذلك وهو من الأعراف”، مشيرا إلى أن العقوبات “رسالة سياسية اعتدنا عليها من الإدارة الأمريكية وتتجاوز الاستهداف الشخصي وهي بمثابة العصا لكلّ من يتعاطى مع نهج المقاومة وخيارها”.
وفي وقت لاحق، علّق حزب الله على القرار الأمريكي الذي وصفه بـ”الجائر”، ورأى أنه “وسام شرف للصديقين العزيزين ولكل من تتهمه الإدارة الأمريكية بأنه مقاوم أو داعم للمقاومة”، وأكد أن الإدارة الأمريكية “سلطة إرهابية تنشر الخراب والدمار في كل العالم وهي الراعي الأكبر للإرهاب الصهيوني والتكفيري في منطقتنا ولا يحق لها أساساً أن تصنّف الشرفاء والمقاومين وتصفهم بالإرهاب وكل ما يصدر عن هذه الإدارة مدانٌ ومرفوض”، مشيراً إلى أن سياسة العقوبات الأمريكية هذه “لن تتمكن من تحقيق أهدافها في لبنان ولن تؤدي إلى إخضاع اللبنانيين وإجبارهم على التنازل عن حقوقهم الوطنية السيادية، بل ستزيدهم تمسكاً بقرارهم الحر وكرامتهم الوطنية وسيادتهم الكاملة، وإن المواقف الصادرة عن هيئة الرئاسة في حركة أمل وعن رئيس تيار المردة تؤكد هذه الحقيقة”.
من جهته، استنكر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العقوبات على خليل وفنيانوس، ووصفها بأنها” قرار سياسي جائر يمسّ السيادة اللبنانية ويتحدّى إرادة الشعب اللبناني وقواه السياسية”. وأعلن وقوفه “وراء الرئيس نبيه بري، داعياً “الخزينة الأمريكية إلى التراجع عن قرارها لما يحمله من تبعات خطيرة، وهو يشكّل اعتداء على الحريات ومحاولة فرض شروط سياسية بذرائع مختلفة”.
وطلب رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الخارجية شربل وهبه المصاب بكورونا إجراء الاتصالات اللازمة مع السفارة الأمريكية في بيروت والسفارة اللبنانية في واشنطن للاطلاع على الظروف التي دفعت وزارة الخزانة إلى فرض عقوبات على الوزيرين السابقين وذلك كي يُبنى على الشيء مقتضاه.
بموازاة ذلك، لفتت تغريدة للمنسّق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيش، عبر” تويتر”، يغمز فيها على الأرجح إلى مواقف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة، إذ كتب “يجب ألا يسمح لبنان بأن يُساء استغلاله عبر استخدامه كمنصّة لشن أعمال أو خطابات عدوانية من أي جزء من أراضيه”. ورأى أن” لبنان يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الاستقرار من أجل الإصلاح وإعادة الإعمار والعناية بأهله وباللاجئين، وليس إلى الاستفزازات أو التهديد بإشعال الصراعات”.
من ناحيته، تمنى وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان للبنان أن يستعيد عافيته “بعيداً من الميليشيات الطائفية والتدخلات الخارجية”. وأشار إلى أن “إيران تشكّل أخطر التهديدات التي تواجه منطقتنا العربية”.
نقلا عن القدس العربي