كشف تقرير لموقع راديو “زمانة” الإيراني عن الطرق التي يلجأ إليها النظام الإيراني لاستقطاب الإيرانيين والتأثير عليهم وإرسالهم إلى جبهات القتال في سوريا.
واستعرض التقرير إحدى طرق الدعاية للتحريض على القتال في سوريا في أحد المعارض الداعية للحرب بسوريا، حيث قال: “ابن المدافع عن أضرحة الشيعة سعيد سامانلو ركض ليحتضن والده داخل المعرض، لكنه احتضن مجسما من ورق يشبه والده الذي قتل في حلب!”.
ونشر “زمانه” جزءا من إحدى خطب رجال الدين الإيرانيين الذين يحرضون الشباب الإيراني على التطوع والذهاب إلى سوريا .
ويقول رجل الدين الإيراني محمد أمين كريمان في الخطبة المعروضة، “إن الحرمين الشريفين في خطر، وإن الأعداء لا يرحمون في مقام السيدة زينب بسوريا، وإن (السيدة زينب) في خطر، فكيف يتم منعنا من الذهاب إلى سوريا؟ لا ننسى أن البعض منع أصحاب الحسين من الالتحاق بجيش الحسين في يوم عاشوراء”، منتقدا من يرفض ذهاب ابنه إلى سوريا.
ويعرف محمد أمين كريمان بأنه أحد أستاذة الفلسفة في حوزة قم الشيعية الشهيرة، وقتل في شهر مايو عام 2016 خلال المعارك التي يقودها الحرس الثوري الإيراني ضد المعارضة السورية بمدينة حلب.
وأوضح “زمانه” أن إيران كانت في بداية الأزمة بسوريا تنفي وجود أي عناصر لها في سوريا، لكن الجميع الآن يتحدث عن “مدافعين الحرم” في إيران.
ويطلق الإيرانيون في وسائل إعلامهم على العناصر المقاتلة في الحرب بسوريا لقب “مدافعين الحرم”، في إشارة إلى الأضرحة الشيعية في سوريا خاصة بدمشق.
ولفت تقرير “الراديو” إلى أن شبكة الإذاعة والتلفزيون الإيراني الرسمية باتت تنتج برامج مخصصة للعناصر التي تشارك في الحرب السورية، وتبثها للرأي العام الإيراني بصورة علنية، وصور قتلى عناصر الحرس في سوريا باتت ترسم على جدران المدن، بينما يعمد الرياضيون الإيرانيون الذين يفوزون بالمسابقات الدولية إلى إهداء القتلى المشاركين في الحرب بسوريا والعراق ميدالياتهم بعد الفوز في المسابقات.
وتساءل “زمانه”: “من هم المدافعون عن أضرحة الشيعة؟ ما هي القاعدة الاجتماعية التي يمتلكونها داخل المجتمع الإيراني، وكيف ينظر الإيرانيون إلى العناصر الإيرانية التي تشارك في الحرب السورية والعراقية تحت شعار الدفاع عن الأضرحة الشيعية المقدسة؟”.
وقال الباحث السياسي الإيراني حامد هاشمي لموقع راديو زمانة بأن الرواية الرسمية للحكومة الإيرانية حول مشاركة العناصر الإيرانية للدفاع عن الأضرحة الشيعية في سوريا، هي المهيمنة نسبيا على الرأي العام الإيراني، وأن هذه الرواية أدت دورا رئيسيا في كشف واستقطاب العناصر الإيرانية التي ترغب بالذهاب إلى سوريا على عكس دوافع الأفغان المقيمين في إيران”.
وأضاف الباحث الإيراني هاشمي “الإيرانيون الذين يتقدمون لتسجيل أسمائهم طواعية للذهاب إلى سوريا والمشاركة في الحرب الدائرة هناك، نطلق عليهم وصف المدافعين عن أضرحة الشيعة، أو “مدافعين حرم”؛ لأن عناصر الجيش الإيراني الذين ذهبوا إلى سوريا غير متعاطفين مع الأهداف الإيرانية بسوريا”.
وتابع هاشمي قائلا: “بطبيعة الحال الذين يؤمنون بالرواية الرسمية الإيرانية حول سوريا يذهبون من منطلقات ودوافع وطنية صادقة، ولكن عموما أغلب الذين خرجوا من بيئة شيعية طائفية، ويبدو أن أرقام الإيرانيين المتطوعين ارتفعت نسبتها بشكل كبير جدا، حيث أصبح بين هؤلاء المتطوعين بعض النصابين والمحتالين، وتم اعتقال بعضهم من قبل السلطات الإيرانية بسبب استخدامهم موضوع المشاركة في الحرب السورية، والدفاع عن الأضرحة الشيعية للنصب والاحتيال على المواطنين الإيرانيين”.
يشار إلى أن السلطات القضائية الإيرانية اعتقلت مؤخرا نائب كتائب الإمام علي، الجناح العسكري للحشد الشعبي والمعروف باسم “أبو حر الإيراني” في العراق، الذي برز كـ”بطل وطني إيراني” لمحاربة تنظيم الدولة على شاكلة “أبو عزرائيل” في العراق.
ولفت هاشمي إلى أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد العناصر التي تشارك في الحرب السورية تحت هذا الشعار العريض المسمى الدفاع عن الأضرحة الشيعية، و”لكن يقدر عدد تلك العناصر بنحو 10 آلاف عنصر شبه عسكري من إيران وأفغانستان والعراق واليمن وباكستان ولبنان، ولعناصر كل دولة تسمية خاصة يقاتلون تحت رايتها في الحرب السورية”.
يذكر أن العناصر الإيرانية تشارك تحت قيادة فيلق قدس الحرس الثوري وقوات نخسا (القوات الشعبية الإيرانية) في سوريا، بينما العناصر العراقية تقاتل تحت قيادة مليشيا النجباء والعناصر الأفغانية تحت قيادة لواء فاطميون والعناصر الباكستانية، تحت قيادة لواء زينبيون والعناصر اللبنانية تشارك ضمن قوات حزب الله.
وأشار هاشمي إلى أن هذه العناصر تطلق على نفسها “الجيش الشيعي الدولي”، وكما يقولون فإن هدفهم هو مكافحة الإرهابين والتكفيريين وحماية المقدسات الشيعية في العراق وسوريا، ووفقا لهذا التفسير تكرر وسائل الإعلام الإيرانية بأن “هؤلاء الرجال يموتون خارج الحدود الإيرانية حتى يستطيع الشعب الإيراني العيش بأمن وسلام”، بحسب تعبيرهم
وحول البيئة الاجتماعية والموقع الاجتماعي للعناصر الإيرانية التي تذهب إلى سوريا أجرى عبدالرضا داوري مدير تحرير نشرة التحليل الاقتصادي الشهرية، تحقيقا شمل 51 عنصرا إيرانيا من الذين قتلوا في سوريا ما بين عام 2013 حتى 2015، سلط الضوء على حجم الدخل الشهري والتعليم والأماكن التي يقطنها هؤلاء العناصر، وأظهرت النتائج بأن 55% منهم ينحدرون من الطبقة الفقيرة في المجتمع الإيراني و44% من هؤلاء العناصر، الذين قتلوا بسوريا من الطبقة الوسطى و1% فقط من الطبقة المرفهة في المجتمع الإيراني وفقا للتحقيق.
وقال هاشمي، إن الدوافع “الشيعية والقومية المتطرفة” عند الإيرانيين حفزت مشاركة هذه العناصر للمشاركة في الحرب السورية، كما أن عدم وجود قنوات تواصل بين الرأي العام السوري والإيراني وعدم نقل ما يحدث في سوريا إلى إيران، وفر بيئة ملائمة للرواية الرسمية الإيرانية والترويج لها بين الإيرانيين، مما أقنع نسبة كبيرة من الرأي العام الإيراني بصحة رواية نظامه حول الأوضاع في سوريا.
عربي 21