حطت طائرة تقل 163 لاجئاً سورياً فجر الجمعة 11 ديسمبر/ كانون الأول 2015، في تورونتو مدشنة بذلك أول عملية لنقل آلاف اللاجئين السوريين إلى كندا، وتريد الحكومة الكندية نقل 10 آلاف لاجئ سوري إليها قبل نهاية العام الجاري.
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو كان في مطار تورونتو للترحيب بهم، وقال قبل أن يرحب بالعائلات ومعظمها سيدات مع أبنائهن “سنتذكر جميعا هذا اليوم”، وأكد أن كندا تعتبر أن استقبال هؤلاء اللاجئين و”منحهم مستقبلا أفضل لهم ولأبنائهم برحابة صدر” يشكل “مصدر قوة”.
وأبلغ ترودو العاملين بالمطار والمتطوعين الذين وقفوا معه في استقبال اللاجئين القادمين “هذه ليلة رائعة حيث جئنا ليس فقط لنري مجموعة من الكنديين الجدد كل شيء عن كندا، بل أيضا لنظهر للعالم كيف أننا نفتح قلوبنا ونرحب بأناس يفرون من أوضاع صعبة للغاية.”
وحطت الطائرة التي تستخدم عادة لنقل الجنود في مطار تورونتو قادمة من بيروت بعد توقف تقني في ألمانيا.
وأصبحت كندا في عهد الحكومة الليبرالية الجديدة التي يقودها ترودو أول بلد في أميركا الشمالية يفتح حدوده للاجئين السوريين.
وبعد أشهر من الوعود وأسابيع من الاستعدادات توجهت أول مجموعة من اللاجئين السوريين إلى كندا أمس الخميس على متن طائرة عسكرية.
تأثير هجمات باريس
وقلصت الحكومة الليبيرالية المنتخبة حديثاً بقيادة ترودو عدد المهاجرين الذين ستستقبلهم بنهاية العام الجاري بعدما أثارت هجمات في باريس القلق من أن الوعد الانتخابي لاستقبال 25 ألف لاجئ بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول الحالي لن يتيح وقتا كافيا للتفتيش الأمني، وكان ترودو قال إن 10 آلاف لاجئ سيتم إعادة توطينهم بنهاية هذا العام، و15 ألفا آخرين بنهاية فبراير/ شباط.
ومن المتوقع أن يصل نحو 300 لاجئ سوري في رحلتين عسكريتين وصلت الأولى إلى تورونتو فجر الجمعة، والثانية تصل إلى مونتريال غداً السبت.
وبالفعل كان قد وصل لاجئون ترعاهم جماعات خاصة على متن رحلات تجارية في الأيام القليلة الماضية في صالة منفصلة عن الجسر الجوي العسكري، وكان في استقبالهم رعاة وكنديون عاديون حضروا إلى المطار للترحيب بالوافدين الجدد.
سعادة اللاجئين واستقبال حافل
أحد العاملين بجماعة إبراهام فيستيفال التي رعت أرملة وأطفالها الـ3 بعد أن عاشوا في مخيم بالأردن لمدة عامين قال “إنهم متعبون للغاية لكنهم سعداء ومفعمون بالأمل.”
وحمل الشاب الكندي شاي ريف (20 عاما) لافتة كتب عليها باللغة العربية “مرحبا بكم في كندا”، وقال “أنا هنا لإظهار التضامن والدعم للشعب السوري الذي يتعرض لإبادة”.
وأطلق رئيس بلدية تورونتو تغريدة ترحيب باللاجئين القادمين وصدرت تورونتو ستار أكبر صحيفة في كندا وعلى صفحتها الأولى عنوان رئيسي باللغتين الإنجليزية والعربية “مرحبا بكم في كندا”.
ويتناقض الترحيب الذي لقيه السوريون عند وصولهم إلى كندا بشكل حاد مع الاستقبال الذي يلقاه أقرانهم في أميركا حيث أثار الخوف من اللاجئين السوريين في أعقاب هجمات باريس في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني معارضة للسماح بدخولهم، وقال حكام بعض الولايات الأمريكية إنهم لن يقبلوا لاجئين سوريين.
استعدادات استقبال السوريين
من جانبها وضعت حكومة أونتاريو برنامجاً متكاملاً لدعم اللاجئين السوريين، كما أنها أوضحت على موقعها الإلكتروني أنها ستقوم باستقبال حوالي 10 آلاف لاجئ سوري في مدنها المختلفة، 50% منهم من الأطفال، ووضعت أسماء الجهات الخيرية التي يمكن تقديم التبرعات لها، وهي الصليب الأحمر الكندي، ووكالة الأمم المتحدة لدعم اللاجئين “UNHCR”، وصندوق دعم اللاجئين السوريين، والمؤسسة المتحدة لشؤون اللاجئين في أوتاوا.
أما بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون برعاية أسرة سورية، فيجب أن يكونوا مجموعة لا تقلّ عن 5 أفراد، وستشارك الجهات الحكومية بدعم هذه المجموعة مالياً للمساعدة في دعم الأسرة السورية.
وأوضح الموقع للراغبين في التبرع أن اللاجئ يحتاج إلى الملابس ولعب الأطفال والأثاث ومفروشات منزلية جديدة أو مستعملة بشكل قليل، بالإضافة إلى التبرع بالمال والتبرع بالعقار لإسكان العائلة السورية.
أما المؤسسات التي ستقوم بتوفير السكن للعائلات السورية في أونتاريو فهي 5 مراكز ومؤسسات في مختلف مدن مقاطعة أونتاريو.
المطلوب من اللاجئ السوري
كل ما هو مطلوب من اللاجئ السوري العمل والدراسة واحترام الأنظمة والقوانين، واحترام عادات وتقاليد المجتمع، والاندماج فيه، والعمل على خدمته والسعي لتطويره؛ لأن هذا البلد سيقدم له خدمات له ولأسرته وأطفاله ومميزات لم ولن يحصل عليها حتى في بلده الأصلي.
أهم المميزات التي تنتظر اللاجئين
الحكومة الكندية ستقوم بتوفير السكن للاجئين وأسرهم بما يتناسب وحجم الأسرة، وهي مَنْ ستقوم بدفع تكاليف الإيجار أو المؤسسات الخيرية التي ستكفل اللاجئين.
أيضاً ستدفع كندا مصاريف الطعام لكل لاجئ بما يتناسب وعدد أفراد أسرته وتمنحه امتياز الحصول على الطعام من بنك الطعام والمؤسسات الخيرية والكنائس.
كما ستوفر الأثاث اللازم وما يحتاجه اللاجئون من مفروشات، وسيتم منحهم بعض الملابس وحتى ألعاب الأطفال، كما سيحصل على مساعدة مالية في العام الأول لوصوله.
الناحية الطبية
وتتكفل الحكومة الكندية بكل أنواع العلاج، وسيكون للأسرة طبيب مختص تزوره الأسرة متى احتاجت للعلاج أو الفحص.
كما أن أي فحوصات أو تحاليل أو أشعة في المستشفيات والمراكز الصحية ستكون مدفوعة الأجر من قبل الحكومة بعد أن يحصل اللاجئ على الكارت الصحي، وهذا يستغرق تقريباً 3 شهور من تاريخ وصوله لكندا.
حتى أن الأمراض الخطيرة كالسرطان أو الإعاقات المختلفة ستتكفل الحكومة بها، بالإضافة إلى ثمن الدواء.
ويمكن للاجئ وأسرته الحصول على علاج الأسنان، ولكن هذا بالنسبة للأشياء الرئيسية والضرورية مثل خلع وحشو وتنظيف الأسنان، بالإضافة إلى فحص النظر والحصول على النظارات الطبية.
وإذا كان اللاجئ قد تمكّن من شراء سيارة، فسيعطى له مبلغ محدد للبنزين، وإذا لم يكن فيعطى بطاقات نقل له ولأسرته، شرط أن يسجل ويدرس اللغة في المراكز والمدارس المخصصة.
وبعض المدن لديها برامج لاستيعاب اللاجئين ومشاركتهم في الفعاليات الرياضية في القاعات والملاعب الرياضية دون اشتراك مادي.
المدارس وتعلم اللغة
أما عن الأطفال فيتم إدخالهم المدارس مجاناً، وإذا كان سكن الطفل قريباً فيذهب ماشياً، وإذا كان بعيداً يُنقل بالباص مجاناً، هذا للأطفال تحت سن 18 عاماً، ومن هم فوق الـ18 يتم منحهم بطاقات نقل.
أما بالنسبة للأم والأب فيلتحقون بمدارس ومراكز لتعلم اللغة الإنكليزية بالمجان على عكس دول غربية أخرى يتم فيها دفع نقود مقابل ذلك.
الحكومة الكندية تتكفل بهذه المصاريف شرط أن يلتزم اللاجئ بالدراسة، فإن لم يدرس فسيحرم نفسه من مميزات كثيرة جداً.
وبالنسبة للأم التي لديها أطفال ولا تستطيع الذهاب للمدرسة، فإذا كان لديها القدرة على التعامل مع الكمبيوتر فسيتم تسجيلها في برامج لدراسة اللغة عبر الإنترنت وهي في بيتها، وإذا لم تكن كذلك فيتم تخصيص معلمة تحضر لمنزلها.
وإذا كان لديها طفلان أو أكثر بعمر أقل من 5 سنوات فيتم تسجيلهم بدور الحضانة، ورغم أن مصاريف دور الحضانة غالية جداً، فإنه بمجرد أن تقدم الأم الإثباتات بأنها تدرس، يتم دفع رسوم التسجيل من قبل الحكومة.
وبمجرد أن يدخل اللاجئ إلى كندا يحصل على “كارت الإقامة”، وعندها يتمتع بحقوق المواطن ويمكنه العمل والدراسة.
مساعدات مالية للأطفال
تحسب هذه المساعدات من يوم الدخول إلى كندا، ولكن قد يستغرق دفعها من 3-4 أشهر لحين إكمال المعاملات، ويتم الحساب بأثر رجعي منذ أن وطأت قدما اللاجئ المطار في كندا.
هذه المساعدات ترسل إلى الأم وليس إلى الأب، فالمرأة في كندا تتمتع بحقوق وامتيازات عالية، وتعتبر كندا أفضل دولة عالمياً في هذا المجال.
وتحسب المساعدات حسب عمر الطفل ودخل الأسرة المالي، وبما أن اللاجئ ليس لديه دخل في عامه الأول، فتكون هذه المساعدات عالية جداً، وتمنح لكل طفل.
وتستمر هذه المساعدات للطفل حتى بلوغه عمر الـ18 عاماً، وكلما زاد عدد الأطفال زاد المبلغ الذي يرسل إلى الأم.
وبعد انتهاء السنة الأولى يتم تحويل اللاجئ وأسرته إلى برامج اجتماعية أخرى تقدم الدعم المالي والاجتماعي والصحي بحيث يعيش عزيزاً.
هافنغتون بوست