لابد أن يذوب الصقيع ..ويتكسر الجليد
يتململ البرعم ويمد رأسه من حبة لم تكن تحمل إلا يباسا ..ناشفة كانت وتحمل عطش الرمضاء
يتململ البرعم فينكسر الجليد وتمد رأسها نبتة خضراء خجلة ولكنها عنيدة
تطلق صرختها الخضراء بين الصخور العارية .
وتتلفت باسمة وهي ترى انسياح الجليد الذائب الخجل
انتصبت القامة الخضراء من البرعم المنسي وكانت قامته تستقبل الشمس وتشربها وراح الاخضرار الوليد يخلع عتمته
وتأجج البرعم مثل عريس يتأهب بباب غرفة دخلته
تسرب الولد فيه شعاعا دافئا حاملا نكهة أرض الآباء
( كبرياء وكرامة وموتا زاهيا )
اشتعل الحقد مع أول ضوء
اشتعل الحقد وأضاء فبدت الكراهية عارية وكانت كلها عورة دون تعرية
فلم تصبح أقل بذاءة وقبحا حين تعرت وراحت تدب مشرعة نوامسها القذرة وتقذف بسمومها في وجه الربيع
كأنما ذاب الثلج وبان المرج
وكان المرج مليئا بالزبالة والعشب فاحت الروائح كما تزهزهت الزهور وزهت
كأنه يوم الدينونة يأتي الولد بموته كله وتأتي الكراهية بجشعها كله وقبحها كله ويأتي العشب باخضراره كله
هذه قيامتهم .قامت قيامتهم .ربض الموت الخريفي على أكتاف ولد يانع
وظل الولد يلعب مات وظل يلعب
لم توقف الرصاصة لعبه .كانت أقوى من أن يفلت منها ولكنها كانت أضعف من أن توقف حلما .وكان الولد يمتطي حلما نسيه أبوه أو تغافل عنه
أو اضطر جده للتخلي عنه واهماله
كان الولد وهو لايهتم أو لايدري يغرس حياة في أرض يباب
ولم ينتبه إلى أنه بلعبه كان يثير زوابع غبار تشيل معها زبالة الكلام والوعود والخطابات والانتماءات الخاوية
لم تعد نشوته قادرة على الانحباس فيه وأراد أن يصيح مغبطا :
تعالوا تفرجوا على موتي
ولكن أمه كالعادة ستقول له:
دير بالك يمه
وأحد الكبار سيقول له:
يكفي شيطنه
وسيقول له شيخ حكيم :
ماهذه التربية ..؟ألم نمنعك من اللعب مع هذه الكراهية البذيئة ..؟؟!!!