عادت مدينة دير الزور في شرق سوريا إلى واجهة الأحداث من جديد. وما زال الغموض يلف سبب اندلاع الاشتباكات بين عشيرة الشعيطات من جهة ومسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسيطر على غالبية دير الزور من جهة ثانية.
وبينما يتحدث البعض عن «مقاومة شعبية» لمواجهة «الدولة الإسلامية » وطرده من المدينة، يتخوف البعض الآخر من أن تعطي هذه الأحداث لـ«للدولة الإسلامية » ذريعة تبرر له ارتكاب مجزرة بالأهالي تمكنه من وأد أي محاولة للانتفاض ضده.
وفور ورود الأنباء عن حصيلة الاشتباكات إلى قيادة «الدلوة الإسلامية» توجه عمر الشيشاني على رأس رتل إلى منطقة الشعيطات حيث طوقها بشكل كامل، وأعطى وجهاء العشيرة مهلة ساعات لتسليم من أسماهم «المشاغبين» الذين قتلوا «جنود الدولة».
وقبل انتهاء المهلة كانت حواجز الشيشاني قد اعتقلت العشرات من أبناء عشيرة الشعيطات من بينهم الرؤوس التي دبرت الهجوم وشاركت بتنفيذه.
ويتجه وجهاء العشيرة إلى تسليم كل من يشتبه «الدولة الإسلامية» بمشاركته في الهجوم، برغم تهديد الأخير بإعدام الجميع، وذلك في محاولة من الوجهاء لتجنيب العشيرة معارك لا تبقي ولا تذر قد يسببها غضب الشيشاني من الغدر الذي لحق بعناصره. ومن غير المعروف ما إذا كان الشيشاني سيكتفي بهذه الإجراءات أم سيعمد إلى التصعيد، لا سيما في ظل أنباء تتحدث عن انتقال عدوى التمرد ضد «الدلة الإسلامية» إلى مدينة الشحيل.
وكان مسلحون ينتمون إلى عشيرة الشعيطات قاموا أمس الأول، بنصب ثلاثة كمائن لمجموعات من «الدولة الإسلامية» يقود إحداها أبو علي الشعيطي وهو إعلامي وقائد كتيبة وأول من بايع «الدولة» من عشيرة الشعيطات قبل حوالي ثلاثة أشهر، وذلك أثناء تحرك هذه المجموعات ذات الطابع الأمني من منطقة الشعيطات (قرى أم حمام وغرانيج والكشكية) باتجاه مدينة البصيرة، ما أدّى إلى مقتل بعض عناصر «الدولة الإسلامية» بينهم الأمير أبو جلبيب الديري، وجرح آخرين وأسر اثنين، بينما نجا أبو علي الشعيطي الذي أصبح أحد أمراء «الدولة» في المنطقة من الحادثة ولم يصب سوى بجروح وصفت بالخفيفة.
وذكرت بعض المصادر الإعلامية المحلية أن من بين القتلى والأسرى مهاجرين اثنين، هما بلجيكي ومصري، إلا ان مصادر «الدولة» أصرت على نفي صحة ذلك.
بعد ذلك، قام المسلحون بالهجوم على المقر الرئيسي لـ«الدولة» في منطقة القهاوي، وقتلوا جميع من كان موجوداً فيه من عناصر «الدولة» قبل إحراق المقر بما فيه. ومن ثم قام المسلحون بنصب الحواجز على مداخل ومخارج المنطقة التي أعلنوها خارجةً عن سيطرة «الدولة الإسلامية»، وسط نزوح لعائلات معروفة بعلاقتها مع التنظيم المتشدد بسبب خشيتها مما يمكن أن يطالها من عمليات انتقام المسلحين.
وتخشى «الدولة الإسلامية» أن يكون انشغال مسلحيها بالقتال على جبهة الحسكة خلال الأسبوعين الماضيين، قد دفع بعض المتضررين من سيطرته على دير الزور إلى استغلال الفرصة للانتفاض ضده والانقلاب عليه، خصوصاً في ظل وجود مؤشرات على قيام بعض هؤلاء المتضررين بتشكيل تنظيمات هدفها التأسيس لمقاومة شعبية ضد وجوده، وأهمها «الكفن الأبيض» الذي أعلن عنه في 27 تموز الماضي والذي ذكر في بيان تأسيسه أن هدفه تطهير مدينة البوكمال ممن أسماهم «مرتزقة البغدادي».
لذلك لم يكن غريباً أن يتولى عمر الشيشاني بنفسه مهمة القضاء على هذا التمرد وسحقه في أرضه قبل أن يتحول إلى ظاهرة يصعب على «الدولة» احتواؤها أو السيطرة عليها من دون أن يتكلف أثماناً باهظة.
“السفسر اللبنانية”