دوما الجريحة قصة مؤلمة تنسجها خيوط الصمود لتشرق شمس التحدي، كان لهذه المدينة لمستها الخاصة وحكايتها المميزة في الثورة السورية منذ انطلاقها، وهي أكبر مدن الغوطة الشرقية في الريف الدمشقي تتألق بطعم الحرية، تشتهر المدينة بكثرة دور العبادة فيها تحوي على أكثر من 80 مسجداً وجامعاً منها مساجد تاريخية.
رامي يروي قصة مدينته فيقول: “خرج أهالي المدينة في أذار 2011 لتكون أول مظاهرة لهم أمام مبنى البلدية أدى خلالها المتظاهرون صلاة الغائب عن أرواح شهداء درعا، بعدها نادوا بالإصلاحات والحرية، وقد سقط أول 8 شهداء في المدينة في أول نيسان على أيدي قوات الأمن لتبدأ بذلك قصة جديدة في المدينة”.
بدأت قوات الأمن السورية بإطلاق النار على المتظاهرين في الأيام الأولى للثورة، بهدف إخماد شرارتها التي أخذت بالاشتعال أكثر والتمدد يوماً بعد يوم لتشمل عدة مناطق في سوريا، بسبب وسائل النظام القمعية وجرائمه بحق المدنيين.
يكمل رامي قائلاً: “لم تكن ممارسات الأمن كافية لتخمد شرارة الثورة، بل زادها اشتعالاً بسبب إصرار أبنائها، بدأ النظام بتطوير أساليبه القمعية، فاستعمل دباباته ومدفعيته، وبعد استخدام طائرات ازداد عدد الشهداء ومعاناة الشعب السوري مع تقدم وتطور الأحداث”.
ارتكب النظام العديد من المجازر في المدينة، ومنها مجزرة دوما الكبرى، راح ضحيتها أكثر من 110 شهداء بعد قصف طائراته للسوق الشعبي في المدينة في يوم الأحد بتاريخ 16 أغسطس 2015.
صمدت المدينة في وجه كل السياسات التي اتبعها النظام ضد أهلها، وتابعت طريقها في سبيل الحربية وإنهاء حكم النظام القمعي، الذي قتل وشرد واعتقل الملايين في سبيل البقاء في الحكم، فكان نصيب المدينة أكبر من غيرها من حقد النظام ليعلن المجلس المحلي في المدينة، أنها مدينة منكوبة في أب من هذا العام، بعد سلسلة من المجازر اليومية، ودمار هائل لحق منازلها ومعالمها.
يقول “أبو إياد الدوماني”: “أدى القصف اليومي والمتواصل بمختلف أنواع الأسلحة ومنها الصواريخ الفراغية، وصواريخ الأرض أرض، التي استهدفت المدينة، لدمار هائل في منازلها ومعالمها ومنها مسجد المدينة الكبير، وأنا أحد الأشخاص الذي تهدم منزله ودكانه”.
بعد فشل النظام بالسيطرة على المدينة وخسر العديد من قواته وألياته، ما كان منه إلى اللجوء إلى سياسة الحصار والتجويع، لتشهد المدينة حصار خانق أدى لشح كافة المواد الغذائية والأدوية وغيرها، ما دفع أهلها إلى الاعتناء بأرضهم الزراعية بشكل أفضل، لأنها أصبحت مصدر الغذاء الوحيد في المدينة، التي حلت عليها كارثة إنسانية كبيرة.
“أبو محمد” أحد سكان المدينة يقول: “قمت بحراثة أرضي وزراعتها وقد من الله علينا بها وبخيراتها الوفيرة، لإطعام العديد من العائلات فقد أصبحت مصدر الغذاء الوحيد لنا ولا خيار أخر لنا سوى الاعتناء بها لسد رمق العيش”.
مع كل ما شهدته المدينة في ظل أعوام الثورة، من محن ومعاناة، وما لاقته من نظام الأسد وحلفاءه صمدت بقوة لتتحدى بإرادة وعزيمة أبنائها اللامتناهية كل المصاعب والإعاقات وتستمر في الحياة بأمل منقطع النظير.
المركز الصحفي السوري ـ إبراهيم الإسماعيل