تطابقت تصريحات مسؤولين روس مع نظرائهم في إسرائيل بشأن أن “النظام الفدرالي هو الضمان الوحيد لمستقبل سوريا”، مما يطرح تساؤلات حول طبيعة التنسيق بين موسكو وتل أبيب بخصوص الوضع في سوريا، وأسباب حرصهما على دفع سوريا باتجاه الفدرالية.
فقد صرح سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي مؤخرا بأن موسكو تأمل أن يتوصل المشاركون في المفاوضات السوريةإلى فكرة إنشاء جمهورية فدرالية، وهو المطلب الذي يطالب به الأكراد، كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن “النظام الفدرالي هو الطريق الوحيد لحل الأزمة السورية”، واصفا الدعوات لإعادة توحيد سوريا بأنها “واهمة”.
الكاتب الصحفي السوري بسام جعارة قال إن حرص موسكو وتل أبيب، ومعهما واشنطن، على مسألة الفدرالية يهدف في جوهره إلى تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية، وهذا يعني ضياع مرتفعات الجولان، وعدم قيام دولة مركزية تطالب بها، إضافة إلى محاولة إسرائيل كسب مشروعيتها كدولة يهودية.
وقال إن القصف الروسي الذي استهدف تطهير جبل الأكراد والتركمان كان يرمي إلى التحضير لإقامة دولة علوية لتكون مركز صمام للروس على البحر الأبيض المتوسط، وهو هدف روسي قديم، بحسب جعارة.
كما أن اتفاق موسكو وواشنطن على الهدنة في سوريا هو مقدمة للتقسيم، حيث يسعى الطرفان – بحسب الكاتب الصحفي- إلى التوصل لوقف إطلاق نار دائم ثم بدء ترسيم الحدود السورية.
غير أن جعارة قلل من فرص نجاح تطبيق نظام الحكم الفدرالي في سوريا، لأن الشعب السوري “غير مضطر لبيع بلده” لا لموسكو ولا لواشنطن ولا لإيران، كما فعل الرئيس بشار الأسد. ويواصل المتحدث بأن الذي يقرر شكل النظام السياسي هو الشعب السوري وليس النظام أو المعارضة.
وأشار أيضا إلى أن الحرب الدائرة في سوريا غيّرت الكثير، بدليل أن هناك أربعة ملايين سني في منطقة الساحل، ومليون حلبي (من حلب) في اللاذقية، وأن 70% من الأكراد هاجروا من سوريا باتجاه أوروبا وخاصة ألمانيا.
تفاهمات
ومع إقراره بمصلحة روسيا بقيام فدرالية في سوريا وعدم رفض الأسد لها، فإن الكاتب والمحلل السياسي والخبير في الشؤون العربية يفغيني سيدوروف قلل من فرص نجاح تطبيق الفدرالية بسوريا، وكشف أن الروس طرحوا منذ مدة فكرة الفدرالية على الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدا أن الأخير لم يرفضها.
ومن وجهة نظر سيدوروف، فإن تداخل مختلف القوميات حتى في منطقة العلويين والأكراد يعقد مهمة إنشاء الفدرالية في سوريا بمفهومها الصحيح.
ورجح سيدوروف أن تكون هناك تفاهمات قد يتم التوصل لها مع المعارضة السورية ومع الأميركيين، وقال إنه في حال تم التفاهم بشأن هيئة حكم انتقالي فسيكون هناك لاحقا استفتاء عن شكل الدولة السورية، وهذا سيعفي سوريا -بحسب المتحدث- من كل المشاكل التي تواجهها.
وتجري المعارضة السورية والنظام مفاوضات في جنيف السويسرية بهدف الوصول لحل سياسي ينهي الأزمة السورية.
يذكر أن مسؤولا كرديا سوريّا كشف لوكالة رويترز الأربعاء أنه من المتوقع أن تعلن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد السوريون النظام الاتحادي. وأضاف إدريس نعسان -المسؤول بإدارة الشؤون الخارجية في عين العرب (كوباني)- أن هذه المناطق ستكون تحت اسم “فدرالية شمال سوريا”، والذي سيمثل كل المجموعات العرقية التي تعيش هناك.
الجزيرة نت