لا تتوفر معلومات كثيرة عن “المنفى الدمشقي” لبوتفليقة، لكن بحسب موقع “آخر أخبار الجزائر”، الناطق بالفرنسية، والذي توقف عن الصدور قبل نحو 3 سنوات، فإن بوتفليقة كان في ضيافة الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد، والذي خصص له شقة في دمشق، وراتباً شهرياً بالدولار.
وكان موقف بوتفليقة واضحاً منذ بداية الثورة السورية، فوسائل الإعلام الرسمية الجزائرية، وحتى الخاصة الموالية للسلطة، كانت منحازة بوضوح لنظام الأسد، حين لم يكن الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، بذلك التدهور الواضح.
وحتى بعد الجلطة الدماغية التي ألمّت به، في عام 2013، والتي تلتها فترة علاج طويلة في فرنسا، فإن بوتفليقة حافظ حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي، على بعض الحضور الذهني والإطلاع على أحداث المنطقة بما فيها ما يجري في سورية، وفقاً لما ذكر في الشهادة التي قدمها رئيس المجلس الدستوري الفرنسي المنتهية ولايته في مارس/آذار الماضي جان لوي دوبري، في كتاب بعنوان “ما لم أكن أستطيع قوله”.
وقد كشف دوبري في كتابه أن “بوتفليقة استقبله لمدة ساعة، حينها، وأنه إن كان بدا متعباً جداً، وبالكاد يسمع صوته برغم وضع ميكروفون صغير قرب فمه، إلا أنه بدا مطلعاً على أحداث المنطقة، بما فيها سورية”. وكشف دوبري أن “بوتفليقة حذّر فرنسا من التدخل العسكري في سورية والتورط في الصراع هناك وإرسال قوات برية، فالحلّ في سورية لا يمكن أن يكون عسكرياً، ولا يوجد حل آخر غير الحل السياسي، الذي يجب إشراك بشار الأسد فيه وبالطبع إيران” على حد تعبير بوتفليقة.
وإن كان يبدو الموقف الذي نقله رئيس المجلس الدستوري الفرنسي عن بوتفليقة في الشأن السوري منطقياً بالنسبة للبعض، حتى فيما يخصّ إشراك الأسد في الحل السياسي، فإن تأكيد بوتفليقة على ضرورة “إشراك إيران بالطبع (كما يكتب دوبري)”، يثير التساؤلات. ذلك لأن الجزائر قطعت العلاقات الديبلوماسية مع إيران، بعد انقلاب 1992، وإلغاء الجيش لأول انتخابات تشريعية حرة تعرفها البلاد، التي كان حزب “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، يتجه لتحقيق فوز كاسح فيها. وقد اتهمت الجزائر حينها طهران، بـ”دعم الجماعات المسلحة”، التي تقول الجزائر الرسمية إن “نظام الأسد يحاربها الآن في سورية”.
العربي الجديد