تميزت السياسة التركية تجاه اللاجئين السوريين والقضية السورية بشكل عام عن سياسات الدول الأخرى ، ولم تذكر أي منظمة دولية أن تركيا تضع معايير أو شروطا معينة لاستقبال اللاجئين على أراضيها، كما فعلت الدول الأوروبية على وجه الخصوص، على حد تعبير الخبير السياسي “خير الدين كرامان”.
جاء تقييم كرامان للسياسة التركية تجاه القضية السورية في مقاله بصحيفة يني شفق “سياسة تركيا تجاه سوريا”، حيث أشار إلى أن تركيا تحملت الكثير من العواقب المتولدة عن سياسة الدعم المفتوح للقضية السورية، ولكنها ما زالت إلى اليوم مصرة على إكمال مسعاها الإنساني إلى أن يُكتب الخير للشعب السوري وثورته العادلة.
ووفقًا لما يورده كرامان في مقاله، فإنه على العكس من النظرة النمطية السائدة حول العالم، فقد تبنّت تركيا رؤية جديدة تجاه الأزمات الملحّة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الإنساني وتدعو إلى عدم تجاهل أوضاع المدنيين من أجل مصالح ضيقة، بل يجب الحفاظ على حياة المدنيين إلى جانب الحفاظ على المصالح، لتكون التجربة التركية مثالًا نموذجيًا لدول العالم.
ومن جانبه، أوضح الخبير السياسي “أفق أولوطاش” أنه قد يعتقد البعض للوهلة الأولى أن الوسائل الدبلوماسية هي سياسة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن على الرغم من كونها من أكثر السياسات مثاليةً، إلا أنها يمكنها تحقيق نتائج إيجابية لصالح الدول التي تطبّقها والأطراف الذين تُطبق من أجلهم، بمعنى تقع في خانة “المحصلة لا تساوي صفر”.
وأشار أولوطاش في مقاله بصحيفة أقشام “السياسة الدبلوماسية والمكاسب الحقيقية”، إلى أن تركيا أرادت من خلال وقوفها إلى جانب الشعب السوري كسب قلوب السوريين بشكل دائم، لاعتقادها بأن العلاقة الوطيدة بينها وبين السوريين ستكون أقوى بكثير من علاقتها المساندة للنظام، التي لن تعود بأي نتيجة إيجابية عليها، بل كان يمكن أن تتسبب لها بوبال تاريخي يلاحقها لفترات طويلة.
ونوّه أولوطاش إلى أن إجبار الاتحاد الأوروبي على التعاطي بشكل جاد في قضية دعم اللاجئين السوريين من خلال توفير الخدمات اللازمة لهم بشكل كامل، يُعد من أبرز المكتسبات التي تبرز نجاعة السياسة الدبلوماسية، كما يعكس صحة الرؤية التركية التي تنص على أن المصاب في نقطة حول العالم هو مصاب للجميع، وفي حال لم يتم التعامل معه بشكل إيجابي في حينها، سيعود بنتائج سلبية على من يتجاهله، وهذا ما حدث مع دول الاتحاد الأوروبي التي امتنعت عن اتخاذ موقف إنساني صريح لوقف المعاناة المريرة التي مر وما زال يمر بها الشعب السوري.
وفي هذا الصدد، بيّن الكاتب السياسي “برهان الدين دوران” أنه في حال موافقة الاتحاد الأوروبي على الاقتراح التركي الذي يقضي باستقبال دول الاتحاد لاجئًا سوريًا مقابل كل لاجئ تعيده أوروبا إلى تركيا، فإن ذلك سيخدم اللاجئين السوريين وتركيا إلى حد كبير، حيث ستتمكن تركيا من مشاركة الاتحاد بتكلفة إيواء اللاجئين السوريين، كما أن اللاجئين ذوي المؤهلات العالية سيتمكنون من الانتقال إلى أوروبا بكرامة ودون مواجهة أي مخاطر، كتلك التي تواجههم أثناء الانتقال إلى أوروبا عبر الطرق غير الشرعية.
وشدد دوران على ضرورة ثبات تركيا على اقتراحها الخاص بتقديم الاتحاد الأوروبي 3 مليارات دولار أخرى لتوفير خدمات أفضل للسوريين المتواجدين في تركيا، بحيث سيكون لدى تركيا 6 مليار دولار خاصة فقط بتوفير خدمات أوسع للاجئين السوريين، مؤكدًا أن هذه الاقتراحات سيتضح مصيرها في القمة المزمع عقدها في السابع عشر من الشهر الجاري، وعلى ما يبدو أن تركيا لن تتراجع عن هذين المطلبين.
هذا ويُذكر أن الأمم المتحدة أشارت إلى أن عدد اللاجئين في تركيا، بلغ ما يقارب مليونين و800 ألف لاجئ.
ترك برس