لقد حذر الشعب حزب العدالة والتنمية ولكنه أثبت للجميع أن حزب العدالة هو الحزب الوحيد المؤهل لحكم تركيا.
ولهذا تركز الضغط على حزب العدالة والتنمية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولكن النتيجة لن تتغير، لأن الامتحان قد انتهى ونجح حزب العدالة والتنمية في الامتحان بموقفه الوطني ومجادلته للدفاع عن قضيته رغم كل المشاكل.
ويرى الكاتب بأنه يتوجب على حزب العدالة والتنمية أن ينظر إلى الغد من خلال الدعم الذي قدّمه له الشعب وبثقته بنفسه، ولكن لا يمكننا أن نقول الشيء نفسه عن المعارضة.
فبجانب أن حزب الشعب الجمهوري لا يتقدم، فإنه يحوي شروخا من قاعدته حتى سقفه. ولقد بدأ الاعتراض عليه منذ اليوم الأول، وبدأ الشعب يقول إن حزب الشعب الجمهوري جاء ليبني نجاحه فوق نجاح الآخرين.
ويمكننا أن نقول نفس الشيء عن حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي اللذان ارتفعت نسبة التصويت لهما قليلا هذه المرة، فكما أن الأصوات التي حصلوا عليها غير مضمونة فهما حزبان لا يملكان أي خطط ناجحة للمستقبل ويتغذيان على بعضهما البعض.
وكلاهما لا يملك أيّة فرصة للوصول إلى السلطة، ولكن الشعب رفع أصواتهم لأسباب مختلفة فساقهم لامتحان كبير.
ويتساءل الكاتب فيما إذا كانوا سينجحون في هذا الامتحان أم لا، لقد استجاب الشعب للمعارضة التي كانت تريد التحالف وتحاول تزيينه في عين الشعب ولكنه تركهم في نقطة لن يستطيعوا فيها اتخاذ أي قرار لإنشاء الحكومة.
ويرى الكاتب بأن أكثر الخيارات تفاؤلا وهو الحكومة المشكلة من حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري رغم أنه لا يبدو سهلا إطلاقا. لأن حزب الشعب الجمهوري يتبع استراتيجية معادية للعدالة والتنمية بشكل قوي كباقي الأحزاب، والآن هم يدرسون كيفية الرجوع عن هذه النقطة. أي أن حزب الشعب الجمهوري أصبح حائرا بين تشكيل الحكومة الجديدة وبين اقناع تابعيه بالإعراض عن هذا.
وفي الحقيقة حتى وإن تجاوز هذه المشكلة فلن يكون هناك ضمان في أن بإمكان التحالف الكبير القيام بما عليه، وسبب هذا؛ هو السياسة السلبية التي يتّبعها، وتجارب التحالفات القديمة في 1991، فذكريات هذه التجربة المريرة لا زالت في الأذهان. فإن لم تدار هذه المرحلة بشكل جيد فتقوية الأطراف القومية لابد منه، وإن لم يعي حزب الشعب الجمهوري هذا الموقف ويتقدم خطوة فسنستيقظ على تركيا جديدة.
وعن التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية يقول الكاتب، بأنه هو الآخر أيضا ليس سهلا، هناك الكثير من المتحمسين لهذا التحالف وخاصة أولئك المنزعجين من التقدم الذي حقّقه الأكراد. ولكنه سيعيق مسيرة السلام وبالتالي سيخالف الرغبة العامة لتركيا.
وحول التحالف بين أحزاب المعارضة الثلاثة… فالجميع يعلم أنه سيقوم على سياسة الكره والحقد وسيستهدف مسيرة السلام.
ويختتم الكاتب مقاله مشبها المشهد التركي بقوله “كأنها مشاهد من تركيا القديمة”، فليت المثل الذي يقول “لابد من خير في كل شر” يحقق لنا ما لا يمكن حدوثه في موضوع التحالف ويبدؤون العمل الجدي بأقرب فرصة.
خيار الحكومة الائتلافية، ووجهة المعارضة التركية
يقول الكاتب “فهمي كورو” في مقال له بصحيفة “خبر تورك” بينما كنا بانتظار الخطوة الأولى لتشكيل الحكومة الائتلافية من حزب العدالة والتنمية، خرج رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض “كمال كيلجدار أوغلو” الأحد الماضي وقال: إن أي حكومة ائتلافية ستقود البلاد لابد أن تحصل على (60) بالمائة من مجموع أعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، وهكذا تطرّق كليجدار أوغلو إلى الحكومة الائتلافية بهذا الشكل.
ويرى الكاتب بأن الحقيقة تفيد بأن الـ60 بالمائة من أعضاء مجلس الشعب هو ائتلاف الأحزاب الثلاثة المعارضة. أي حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب الشعوب الديمقراطي. وذلك دون حزب العدالة والتنمية. وجرت العادة أن أي جهة تحصل على 59 بالمائة هي التي تكلف بتشكيل الحكومة، ويكلف رئيس حزبها بترأس الحكومة.
ويعتقد الكاتب بأن تشكيل الحكومة مرتبط بعدد أعضاء الحزب في البرلمان، لذلك سيكُلِّف رئيس الجمهورية أردوغان، أحمد داود أوغلو رئيس حزب العدالة والتنمية بتشكيل الحكومة لأن العدالة والتنمية هو الذي يمتلك أغلبية المقاعد في البرلمان.
ويتساءل الكاتب: ألا يعلم “كليجدار أوغلو” أن تشكيل الحكومة سيكلف بها داود أغلو؟ لابد أنه يعلم، ولذلك يجب التمعّن جيدا بخطاب كيجدار أغلو وما الذي كان يرمي إليه!
ويرى الكاتب بأن الحقيقة في نتائج الانتخابات وإرادة الشعب تقول إن الحكومة الجديدة هي من حق العدالة والتنمية، صحيح أن أصواته قلت بالمقارنة مع الانتخابات السابقة لكن الشعب أعطاه مقاعد في البرلمان تخوله بتشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الذي يتفق معه، دون إشراك حزب ثالث.
ويلفت الكاتب إلى نسبة الـ60 بالمائة التي تحدّث عنها كيلجدار أوغلو، هي الحكومة التي لا يتوافق عليها أي حزب من الأحزاب الثلاثة المعارضة، لاسيما الحركة القومية والشعوب الديمقراطي. فالأول حزب قومي تركي والثاني حزب قومي كردي!
ويقول الكاتب بأن العادة جرت في أن الحكومة الائتلافية تشكل عن طريق المفاوضات. وحزب العدالة والتنمية سيختار أكثر حزب يمكن أن يؤيده أو بالمعنى العام يصل معه إلى اتفاق في تقسيم الوزارت فيما بينهم.
ويشير الكاتب إلى أنه وبعد نتائج الانتخابات التشريعية، كان يتوقع أن تشكل حكومة ائتلافية بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، حتى أن الكثير من رجال الأعمال وبعض الدول يتمنون إقامة حكومة ائتلافية بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، لاسيما أن الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري “دنيز بايكال” التقى مع أردوغان عقب صدور نتائج الانتخابات.
لكن تصريحات كيلجدار أوغلو جاءت عكس ما كان يتوقع، وهذه إشارة من كيلجدار أوغلو أنه يفضّل حكومة ائتلافية تجمع ثلاثة أحزاب معارضة، على حكومة ائتلافية تجمعه مع العدالة والتنمية.
ويرى الكاتب بأن تصريح كيلجدار أوغلو، لم يكن ورقة قوة يريد أن يستخدمها أثناء التفاوض مع العدالة والتنمية، والسؤال هنا، ماذا يريد الشعب الجمهوري؟ هل يريد حكومة ائتلافية مع حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي أم حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية؟ ولكي يكون في موقف قوة أمام العدالة والتنمية أثناء المفاوضات، يصرح رئيسه بتصريحات تلمّح لحكومة ائتلافية مع الأحزاب المعارضة.
وبحسب الكاتب فأن احتمالات عدة تتوارد بتجريد العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة الجديدة الآن، وهذا يعني أن الأحزاب الثلاثة يمكن أن تشكل الحكومة الائتلافية، أو حكومة أقلية تضم الأحزاب المعارضة لكن بدعم حزب أو حزبين منها لأحد الأحزاب الثلاثة بتشكيل الحكومة دون العدالة والتنمية، واليوم يبدو أن مؤيدي حزب العدالة والتنمية شرعوا في ملاسنة المعارضين، لأنهم أدركوا أن بطانة الحكومة قد تسحب من تحتهم.