نشرت صحيفة “واشنطن بوست” أمس الجمعة 13 تشرين الثاني/نوفمبر تقريراً لكل من لويسا لوفلوك، ميسي رايان ومصطفى سالم، عن مخاوف العراقيين الذي عملوا مع الجيش الأمريكي من استهدافهم، اطلع عليه المركز الصحفي السوري وترجمه.
وتستهل الصحيفة تقريرها بازدياد قلق العراقيين الذين عملوا عن كثب مع الجيش الأمريكي في بلادهم، من احتمال استهدافهم، خوفاً من حصول الميليشيا المدعومة من إيران على معلومات التعريف الشخصية بهم.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تصاعدت فيه هجمات الميليشيات على قوافل الإمدادات للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وبعض القواعد الأمريكية الأخرى في المنطقة، فإن مشاركة معلومات تتعلق بأسماء وعناوين وأرقام لوحات السيارات هؤلاء الأشخاص يمكن أن يشكل تهديداً متزايدا لمئات العراقيين الذين عملوا مع القوات الأمريكية كمترجمين.
وتضيف الصحيفة أن الجيش الأمريكي يعطي هذه المعلومات الشخصية لقوات الأمن العراقية، لتأمين أذن للمترجمين للتنقل في جميع أنحاء العراق، وفقاً للوثائق والمسؤولين العسكريين العراقيين.
وبحسب مسؤولين عراقيين فإن الميليشيات المدعومة من إيران قد تغلغلت في أجزاء من جهاز الأمن العراقي، لدرجة أن المعلومات في بعض الأحيان أصبحت في متناول الجماعات المناهضة للأمريكيين وموظفي الدعم المحليين لهم وحملت السلاح ضدهم.
وبحسب الصحيفة فقد قال مسؤول في مكتب رئاسة الوزراء العراقية “مصطفى الكاظمة” أنه ليس مفاجئاً ان تمتلك الميليشيات هذه الوثائق، لأنهم يعتقدون أنها ستكون معركة طويلة، وهذا يدفعهم لجمع أكبر قدر ممكن من النفوذ على المصالح الأمريكية.
وتضيف الصحيفة أن وكالة صابرين للأنباء التابعة لميليشيات تدعمها إيران نشرت في حزيران/يونيو، قائمة تزعم أنها تحتوي على معلومات شخصية عن عراقيين دخلوا إلى قاعدة الاتحاد الثالث العسكرية ببغداد، المقر الرئيسي للتحالف الأمريكي بقائمة تضمنت أسماء وعناوين وأرقام تعريف السائقين العراقيين وطراز سياراتهم وأرقام لوحاتها، وفي تفاصيل أخرى فإن الوثيقة تحمل شعار التحالف العسكري الأمريكي ووزارة الدفاع الأمريكية – لم تستطع واشنطن بوست التأكد من صحة تلك القائمة.
وفي سياق منفصل، فقد أكد مترجمان عراقيان أنهما شاهدا عناصر تابعة للميليشيات متمركزون بالقرب من نقطة تفتيش عراقية يفتشون بقائمة تحتوي على معلومات شخصية، تم الحصول عليها من مركز تنسيق عسكري تديره قوات الأمن العراقية.
وبحسب الصحيفة يقول أحد المترجمين من بغداد “لقد صدمنا عندما أدركنا مصدر المعلومات فالقائمة تحتوي على كل شيء، أرقام الهواتف، أرقام الهويات وحتى اسماءنا الحقيقية.
ويكمل المترجم ” ستكون مهمة سهلة لمطاردتنا فلديهم كل المعلومات الآن” ويضيف “ماذا لو نشرت القائمة على الانترنت الآن !!” وتشير الصحيفة أن سبعة مترجمين مثله تمت مقابلتهم شريطة أن لا يتم الكشف عن هوياتهم خوفاً من الانتقام.
وتشير الصحيفة إلى تعليق المتحدث باسم التحالف الأمريكي الذي أكد عدم تبادل المعلومات الشخصية الخاصة بالمترجمين مع الجيش العراقي أو الحكومة.
وفي هذا السياق تضيف الصحيفة أن هناك ثلاث وثائق حصلت عليها الصحيفة تظهر أن المعلومات التي قدمها التحالف قد تم تداولها من قبل عناصر من قوات الأمن العراقي خلال العام الماضي.
وتشير الصحيفة إلى أن الوثائق الصادرة عن مركز العمليات الوطني برئاسة رئيس الوزراء العراقي تقول أنه تم الحصول على المعلومات من التحالف الأمريكي بالاشتراك مع قوات الأمن العراقية بما فيها ثلاثة معسكرات عسكرية في بغداد، التقسيم الخاص بالمنطقة الخضراء وسط بغداد، ومديرية المخابرات العسكرية وتتضمن الوثائق معلومات شخصية ل 143 موظفاً.
ومن جهته قال أحد الضباط في الجيش العراقي إن الجيش الأمريكي قدم المعلومات حتى يتمكن المترجمون من السفر خارج القواعد العسكرية، وعندما سئل المتحدث العسكري الأمريكي عن تلك الوثائق التي تظهر أن المعلومات التي قدمتها أمريكا قد تم تسليمها إلى مختلف قوات الأمن العراقية، لم يكن لديه أي تعليق.
وتضيف الصحيفة أن المترجمين الذين تم توظيفهم من قبل شركة (Valiant Integrated Services) -خدمات الشجاع المتكاملة- شركة المقاولات في فرجينيا، يمثلون واحدة من أكبر المجموعات من العراقيين الذين يعملون بشكل وثيق مع التحالف الأمريكي وخدم الكثيرون منهم في الخطوط الأمامية مع القوات الأمريكية، وناموا معهم في نفس الخنادق، وخيموا معهم في المباني المهجورة عند احتدام القتال حولهم.
وتضيف الصحيفة أن التهديد الذي يواجه المترجمين قد ازداد في الأشهر الأخيرة، مع تسريح الكثير منهم، بينما تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد تاركة الموظفين المتعاقدين السابقين عاطلين عن العمل وربما دون حماية، وتستشهد الصحيفة بأحد المترجمين في بغداد العاطل عن العمل الآن ويستأجر شقة مؤقتة مع زميلين سابقين للاختباء، إلا أن مالهم ينفد ويقول “نأكل مدخراتنا لنشتري الطعام، وسوف نكون خالي الوفاض في نهاية العام”.
وتكمل الصحيفة أنه بموجب عقدها مع الجيش الأمريكي، تقوم شركة Valiant بتعيين مترجمين، يعرفون رسمياً باللغويين، للعمل في العراق وسوريا وأماكن أخرى. وقامت الشركة بمشاركة القليل من المعلومات حول العمل مستشهدة بقيود العقد.
وتؤكد الصحيفة أن وصول الميليشيات إلى المعلومات الشخصية لموظفي Valiant قد يؤدي إلى تفاقم التهديد الذي شعر به موظفو الدعم العراقي منذ وقت طويل، والذين يخشون في بعض الحالات أن يتم التعرف عليهم من قبل الميليشيات التي تراقب نقاط التفتيش والقواعد العسكرية.
وتضيف أن أحد المترجمين العراقيين الذي ينسق شبكة من موظفي الدعم السابقين يقول إن لديه مترجمون فوريون يتصلون به ليخبروه أنهم تعرضوا للتهديد في البازار أو حتى عندما يغادرون منازلهم، وتم أخبار بعضاً منهم “لا يمكننا أن نمس المواطنين الأمريكيين هنا ولكننا يمكن أن نمسّك”. واستذكر المترجم الذي يعيش في مدينة كركوك الشمالية عندما كان في يغادر أحد المقاهي في الليل كيف أن شخصاً لا يعرفه نقر على كتفه وأخبره أن عليه مغادرة المدينة.
وتضيف الصحيفة أن الجيش الأمريكي رفض الإفصاح عما إذا كان اتخذ أي خطوات لحماية المعلومات الشخصية للمترجمين العراقيين والتصدي للتهديدات التي يواجهونها نتيجة وصول الجماعات المدعومة من قبل إيران إليها.
وأضافت أن المتحدث باسم التحالف الأمريكي أكد أنه اتصل بشركة “فاليانت” وإن الشركة أكدت عدم مشاركة المعلومات التي تعرض سلامة مقاتليها أو زملائهم في الفريق للخطر.
وتصيف الصحيفة أنه على الرغم من مشاركة جماعات من الميليشيات الإيرانية في الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة لإخراج تنظيم الدولة، إلا أن هذه الجماعات المسلحة تصعد هجماتها مؤخراً على المصالح الأمريكية في العراق، وخاصة بعد مقتل القائد الإيراني البارز قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير في بغداد.
وتشير الصحيفة إلى أن الميليشيات في العراق تصف المترجمين بالخونة، وأنه تم استهداف العراقيين الذين يقودون القوافل اللوجستية نيابة عن التحالف الأمريكي، حيث شهدت القوافل ما لا يقل عن 30 هجوماً صاروخياً أو بالعبوات الناسفة، قتل فيها شخصان وأصيب ثمانية آخرون، وفقاً للأرقام التي جمعها جويل وينغ الخبير في شؤون العراق ومؤلف مدونة تأملات في العراق التي تسرد التطورات الأمنية والسياسية.
وتضيف الصحيفة أن المتحدث باسم التحالف، ماروتو، أحال الأسئلة المتعلقة بالهجمات على سائقي القوافل للجيش العراقي لأنهم يعملون لدى شركات متعاقدة مع قوات الأمن العراقية.
وتبين الصحيفة أن خطط إدارة ترامب لسحب القوات الأمريكية من العراق، جاءت وسط تصاعد هجمات الميليشيات ضد القوافل الأمريكية بما في ذلك الهجمات الصاروخية المتكررة على القواعد التي تستضيف قوات أمريكية.
وتشير الصحيفة إلى مخاوف مئات الموظفين العراقيين الذين يعملون في دعم البعثة الأمريكية من أن يكونوا عرضة لهجمات انتقامية عند مغادرة القوات الأمريكية بعد تلقيهم رسائل تفيد بإنهاء عقودهم بسبب فقدان التمويل.
وتضيف الصحيفة أنه تم إخبار الموظفين الذين يعملون عن بعد بسبب تفشي فايروس كورونا بعدم العودة إلى قواعدهم، في حين قال الذين مازالوا يعملون في منشآت عسكرية أمريكية إن رحيلهم سيكون منسقاً في وقت قصير.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن التحالف الأمريكي تمركز في العراق منذ عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة، ويقول قائد القيادة المركزية “فرانك ماكنزي” إن خفض القوات من 5200 إلى 3000 يعكس ثقة الإدارة أنه يمكن لقوات الأمن العراقية التعامل مع التهديد المتبقي من مقاتلي تنظيم الدولة في البلاد.
وعن إنهاء عمل الموظفين العراقيين تضيف الصحيفة تعليق أحد المترجمين إنه أصيب بقشعريرة عند تلقيه إشعار إنهاء العمل، ويؤكد أنه علم حينها أن الأمر لا يتعلق بالسؤال عما إذا كان هناك شيء سيصيبه وإنما السؤال سيكون متى.
ويؤكد مترجم آخر عمل مع القوات البحرية على الخطوط الأمامية ضد تنظيم الدولة أن زميله أخبره بإنهاء العقود وطلب منه التحقق من الإيميل الخاص به وعند التحقق رأى إشعار الإنهاء وكان مرعوباً.
وتضيف الصحيفة أن ميليشيا تدعى “أشهب الكهف” خاطبت المترجمين في أواخر تشرين الأول/أكتوبر، في بيان لها مشيرة أنها على استعداد للتسامح وحتى تقديم رواتب لأولئك الذي يعرفون عن أنفسهم بأنهم كانوا يعملون في منشآت عسكرية أمريكية. وجاء في البيان “اليوم نعتقد أنه من الجميل تقديم الصفح لمن أهانوا أنفسهم ودينهم وبلدهم، والذين قدموا خدمات للأمريكيين والإنكليز وأعداء العراق”.
ولكن يرى أحد المترجمين في بغداد أنه فخ ويضيف “مثلما توقعت، لم يأت الأسوأ بعد”.
وتختتم الصحيفة تقريرها أن الخطر تزايد في الوقت الذي كانت إدارة ترامب تزيد من صعوبة انتقال الأشخاص الذين يخشون الحرب والأخطار الأخرى في بلدانهم الأصلية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن البيت الأبيض في تشرين الأول/أكتوبر أنه سوف يخفض الحد الأقصى السنوي لدخول اللاجئين إلى مستوى قياسي منخفض يبلغ أقل من 15000.
ترجمة المركز الصحفي السوري
رابط التقرير
https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/iraq-militias-contractors-translators/2020/11/12/2f2296e0-07d4-11eb-8719-0df159d14794_story.html