أكّد خبير تركي في القانون الدولي وحقوق الإنسان أنّ نظام الأسد مسؤول عن المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في سوريا، إلا أنّ جزءًا كبيرًا من المسؤولية يقع على عاتق الأمم المتحدة.
وقال الأستاذ المساعد والباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية سلمان أوغوت في حديث لوكالة الأناضول إنّه “تمّ في سوريا انتهاك عدد من القوانين الدولية ويجب أن تكون هناك ‘مسؤولية حقيقية’ على هذا العار”.
دخلت الحرب في سوريا عامها الخامس، ومنذ انطلاق الثورة في آذار/ مارس 2011، كسر بشار الأسد ونظامه كل بند في القانون الدولي لحقوق الإنسان، بقتله أكثر من 220 ألف شخص وتشريده ملايين الرجال والنساء والأطفال.
وفي هذه الأثناء، ليس هناك أي مؤشر على وجود نيّة لدى الأسد في التّنحي، فقد ذكر في مقابلة له مع مجلة “ماتش نيوز” الفرنسيّة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 حين قرّر التّرشح لفترة رئاسية ثالثة، أنّ “الدولة هي مثل السفينة؛ عندما تواجه عاصفة لا يهرب قبطانها ويتركها للغرق”، مضيفًا أنّه “في حال قرّر ركّاب السفينة مغادرتها، يجب أن يكون القبطان آخر شخص يغادرتها، وليس أول شخص”.
وقد دعت عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، إلى التّحقيق في انتهاكات نظام الأسد على أنّها جرائم حرب.
مسؤولية الأمم المتحدة عن تفاقم الوضع في سوريا
ذكر الباحث التركي أوغوت أنّ “أحد أهمّ مبادئ القانون الدولي هو القدرة على التّنبّؤ… ومن ناحية كلٍّ من القانون الدولي والقانون المحلي، فإنّ من يخضع له ينبغي أن يكون مدركًا لنتائج تعرّض حقوقه للانتهاك”، مضيفًا أنّ المنتهِك يجب أن يعرف كذلك أنّ عقابًا ينتظره على الجرائم التي ارتكبها.
وأشار أوغوت إلى أنّ انتهاكات نظام الأسد الواضحة للقانون الدولي يجب أن تنذر البشرية لإيجاد “آلية حقيقيّة” لمنع خرق القانون الدولي، معلّقًا على بنود مسوّدة لجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة المتعلّقة بمسؤولية المنظمات الدولية، التي وصفها بأنّها “عمل عميق وراسخ”، على الرغم من عدم توقيع أي اتفاقية لتفعيلها.
وهذه البنود هي امتدادٌ لعمل دقيق على قوانين مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًّا لعام 2001، والّتي تمّ العمل من خلالها على فترة امتدّت أكثر من خمسين عامًا بهدف سدّ الثغرات في هذا المجال. ووفقًا للمادة الأولى من بنود مسوّدة مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًّا فإنّ “كلّ فعل غير مشروع دوليًّا من قبل لدولةٍ ما تتبعه مسؤولية دوليّةٌ لتلك الدولة”.
وفيما يتعلّق بالمجازر التي ارتكبها نظام الأسد، رأى أوغوت أنّها بكلّ صراحةٍ “أفعال غير مشروعةٍ دوليًّا… وبإيجاز، إنّ قتل المدنيين بطريقة مخالفةٍ للقانون الدولي يشكّل فعلًا غير مشروع دوليًّا”.
وفي الوقت نفسه، توضح المادة الرابعة من بنود مسوّدة مسؤولية المنظمات الدولية أنّ ارتكاب منظمة دولية فعلًا غير مشروع دوليًّا – من خلال الفعل أو الإغفال – بحيث يكون الفعل أو العزوف عنه يُعزى إلى المنظّمة تحت القانون الدولي أو يُعدّ خرقًا لالتزاماتها الدولية.
وفي ما يتعلق بتطبيق هذا البند على الحالة السّورية، أكّد أوغوت أنّه “للأسف مطابقة للكشف عن مسؤولية الأمم المتحدة وفق شروط هذه المادّة”. وأضاف أنّ النّظام السوري هو مسؤول عن الأفعال الدولية غير المشروعة التي يواصل ارتكابها، إلا أنّ الأمم المتحدة لا يمكنها أن تتهرّب من مسؤوليتها عن الأزمة السورية وفقًا للبند الأول من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة.
وفقًا لهذه المادة، فإنّ الهدف الرئيسي من إنشاء هيئة الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين واتّخاذ “التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدّد السلم وإزالتها”، وقمع “أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسّلم”. وأضاف أوغوت أنّمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يلعب “الدور الرئيسي” في استخدام القوة، الممنوع أصلًا عدا بعض الاستثناءات، مثل الدّفاع عن النّفس.
بديل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا في تمرير قرارات ضد نظام الأسد، بسبب نقض روسيا والصين لها، إلا أنّ الباحث التركي رأى أنّ هناك خياراتٍ أخرى.
وفي هذا الصّدد قال أوغوت: “نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام تأكيد خبراء وعلماء على قرار الاتّحاد من أجل السلام، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة وأوضحت فيه أنّ أي قضية يفشل مجلس الأمن في التصرف حيالها كما تتطلب حاجة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، فإنّه ينبغي على الجمعية العامة أن تنظر في هذه المسألة فورًا من أجل إعادة السلم والأمن الدوليين”.
ووفقًا للفصل الثالث من بنود مسوّدة مسؤولية المنظمات الدولية عن الأفعال غير المشروعة دوليًّا، فإنّ المنظمات الدولية مسؤولة عن التعويضات، التي تتضمّن ردّ الحقوق، والتّعويض والتّرضية.
وعلى الرغم من ذلك، رأى الباحث التركي أنّ التّحرك من خلال الحجج التي قدّمها ليست مسألة بسيطة، لأنّ الأمم المتحدة يمكنها ببساطة أن تقول إنّ هذه البنود غير مُلزِمة، وتابع: “برأيي هذه البنود ملزمة وينبغي إعطاؤها قيمتها كما لو أنّها موجودة في المصادر الأولية للقانون الدولي”.
وأشار إلى أنّ “ما أودّ تسليط الضّوء عليه هو مسؤولية الأمم المتحدة كمنظمة دولية، تَعُدّ الحفاظ على السلم والأمن الدوليين واجبًا” أساسيًّا لها. وأضاف أنّه “ليس بإمكان أحد أن ينكر أنّ مسؤولية الأمم المتحدة لم تتمّ الإشارة إليها في القضية السورية”.
ترك برس – ديلي صباح