رأى الكاتب والصحفي في قناة الجزيرة القطرية، أحمد منصور، أن الاجتماع الذي دعا له الأكراد في ريف الحسكة لإعلان دويلتهم لن يكون سوى بداية لمرحلة جديدة لا تقوم على تقسيم سوريا فحسب وإنما ضرب تركيا وإيران والعراق.
وقال منصور في مقال له نشرته صحيفة الوطن، تحت عنوان “الغرب والروس يساعدون الأكراد للانفصال في سوريا”، إن الحرب التي شنتها روسيا طوال ستة أشهر في سوريا، ساعدت الأكراد بشكل مباشر على زيادة رقعة المناطق التي يسيطرون عليها.
وأشار إلى أن الأكراد تمددوا شمالا وشرقا وغربا وجنوبا على حساب الفصائل التي تقاوم النظام السوري وكذلك على حساب تنظيم الدولة “داعش”، وأصبحت حركة المجتمع الديمقراطي التي تضم خمسة أحزاب برئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة صالح مسلم تقيم إدارة ذاتية في المناطق الكردية التي يسيطرون عليها.
وأوضح الصحفي المصري بأن “هذا المجلس يدار فعليا من حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبره الأتراك امتدادا لحزب العمال الكردستاني وتعتبر قوات “حماية الشعب” الكردية ذراعه العسكرية، وقد لوحظ بعد اجتماع مسؤولين أميركيين وأوروبيين مع قيادات الاتحاد الديمقراطي داخل سوريا قبل أسابيع والإعلان عن ذلك الاجتماع إعلاميا أن الحزب يحظى بدعم عسكري وسياسي أميركي أوروبي مباشر”.
ولفت منصور أنه “رغم استنكار أنقرة بشدة لهذا الاجتماع والدعم إلا أن الحزب أخذ يعد بعدها بشكل علني لإعلان استقلال المنطقة التي يسيطر عليها كأول دويلة لسوريا المقسمة وبدا واضحا أن هناك تنسيقا أميركيا أوروبيا روسيا بخصوص عدم ضرب مناطق الأكراد بل والسماح لهم بالتمدد مما يعني أن الدويلة الكردية التي أعلنها الفرنسيون في شمال غرب سوريا عام 1920 و1921 خلال سنوات الانتداب والتي رفضها الشعب السوري آنذاك وأفشل مخططاتها يتم تحقيقها اليوم بدعم أميركي- روسي – أوروبي بعد ما يقرب من مائة عام على المحاولة الأولى”.
وبيّن أن “مخططات الغرب لتمزيق سوريا لم تتوقف رغم مرور عشرات السنين وتغير الشخصيات التي كانت تقوم بعمليات التقسيم والتجزئة، لكن الإضافة هنا أن عمليات التقسيم أصبحت تصب الآن بشكل مباشر في مصلحة إسرائيل التي يسعى الغرب وروسيا لحمايتها عبر تقسيم وتجزئة الدول المحيطة بها وعلى رأسها سوريا والعراق ومصر بعدما تلاشت الأهمية الاستراتيجية للنفط التي كانت العامل الثاني لاهتمام الغرب بالمنطقة”.
وتابع قائلًا: “قامت سياسة الولايات المتحدة والدول الغربية تجاه المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية على محورين، الأول هو أمن إسرائيل والثاني هو نفط العرب، وقد أصبح أمن إسرائيل مكلفا بالنسبة لهم في ظل استراتيجية الولايات المتحدة للانكماش والانسحاب من كثير من قواعدها الخارجية وسحب أساطيلها، لذلك قامت استراتيجيتها منذ سقوط الشاه في العام 1979 على تفتيت دول المنطقة وإشغالها ببعضها البعض وإذكاء الصراعات الطائفية والعرقية واستخدام الأكراد القوميين أداة لتحقيق أهدافهم والتلويح لهم بقرب تحقيق حلمهم الأبدي بإقامة دولة كردية لهم تضم الأكراد في تركيا والعراق وسوريا وإيران، لذلك فإن الاجتماع الذي دعا له الأكراد في ريف الحسكة لإعلان دويلتهم لن يكون سوى بداية لمرحلة جديدة لا تقوم على تقسيم سوريا فحسب وإنما ضرب تركيا وإيران والعراق”.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت في وقت سابق عن مستشار الرئاسة المشتركة بحزب الاتحاد الديمقراطي -الحزب الكردي الأهم في سوريا- أنه “تم إقرار النظام الفدرالي في روج آفا شمال سوريا”، مشيرا إلى أنه “تم الاتفاق على تشكيل مجلس تأسيسي للنظام ونظام رئاسي مشترك”.
يشار إلى أن المناطق المعنية بالنظام الفدرالي هي المقاطعات الكردية الثلاث: عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي، وعفرين في ريف حلب الغربي، ومنطقة الجزيرة في محافظة الحسكة، بالإضافة إلى المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية مؤخرا، خصوصا محافظتي الحسكة وحلب شمالي سوريا.
وأكدت أنقرة على خلفية ذلك، دعمها وحدة الأراضي السورية، وبطلان أي خطوة منفردة كإعلان فدرالية من جانب واحد فيها، وذلك على خلفية إعلان “حزب الاتحاد الديمقراطي” (الذراع السوري لتنظيم “بي كي كي” المصنف إرهابيًا في تركيا)، المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، اعتزامه تطبيق النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتها يوم الأربعاء.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية في تصريح لوكالة رويترز للأنباء، إن تركيا تدعم وحدة سوريا وإن أي خطوات منفردة مثل إعلان اتحاد من جانب واحد باطلة، مشيرًا أن شكل الحكومة والهيكل الإداري في سوريا ستقرره كل قطاعات الشعب السوري في دستور جديد.
ترك برس