زار المرشد الأعلى للنظام الإيراني ،علي خامنئي، معرض الإنجازات النووية والتقى بعلماء وخبراء في الصناعة النووية.
ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية أن المرشد الأعلى للنظام ،علي خامنئي، زار معرض الإنجازات النووية يوم الأحد الفائت، والتقى بعد ذلك بعلماء ومتخصصين وخبراء ومسؤولين في الصناعة النووية في البلاد.
وتحدث خامنئي عن هذه القضية تحت عنوان “تحدي 20 عامًا” في لقائه بـ “المسؤولين النوويين”، قائلاً: “إن التحدي النووي الذي دام 20 عامًا لأعداء الجمهورية الإسلامية أوضح الكثير من الحقائق، أهمها ظهور قدرات ومواهب استثنائية للشباب الإيراني وسط تهديدات وعقوبات لا تنتهي”.
وقال خامنئي في جزء آخر من خطابه أنه: “في هذه السنوات، قدمت الأطراف النووية والوكالة العديد من الوعود التي لم تتحقق، وتعلمنا مَن وأين يجب أن نثق أم لا، إنه من المهم جداً بالنسبة لنا فهم هذه القضية؛ كما تعرضنا لضربة في أماكن كثيرة بسبب إهمال هذه المسألة”!
ماذا يقصد خامنئي بـ (تحدي العشرين عاماً النووي)؟!
إن سبب تسمية خامنئي للملف النووي بـ “التحدي” هو على وجه التحديد كشوفات المقاومة الإيرانية قبل 21 عاماً، حيث قامت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بناءً على معلومات موثوقة تم الحصول عليها من مصادرها داخل النظام، بفضح نية خامنئي الشريرة للحصول على القنبلة الذرية بصفتها “ضامن البقاء” للنظام، وكشفت بالوثائق والمواصفات الفنية سير العمل والإجراءات المتخذة لصنع القنبلة الذرية.
كشفت المقاومة الإيرانية في آب/ أغسطس 2001 ، بناء على معلومات مجاهدي خلق، عن برنامج صنع القنابل النووية للملالي، وأصبح العالم على دراية بهذا التهديد، واعترف رئيس الولايات المتحدة آنذاك بما يحصل، قائلاً: “بدأ كل شيء عندما اكتشفنا أن النظام الإيراني كان يخصّب اليورانيوم سراً، وظهر هذا الأمر عندما كشفته المعارضة الإيرانية”.
وقالت السيدة كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي لجورج بوش في هذا الصدد : “إنّ البرنامج النووي للنظام الإيراني فضحته المعارضة الإيرانية وقبل ذلك لم يبلغ أي شيء للوكالة”.
أحد خبراء الشؤون الدولية في النظام، ويدعى محمد قادري، تحدث في 25 شباط/ فبراير 2023 عن الأحداث التي وقعت في العشرين سنة الماضية والتقرير الذي قدمه مجاهدو خلق، قائلاً: “اتهموا إيران بأنها في طريقها لبناء سلاح نووي، وقد غيرت قضية إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية طبيعتها من المرحلة القانونية والتقنية إلى المرحلة السياسية والأمنية التي استمرت حتى يومنا هذا”.
وأكدت محادثة خامنئي مع المسؤولين النوويين نفس النقطة، وذكرها تحت عنوان “التحدي النووي المستمر منذ عشرين عامًا”.
الأهمية الاستراتيجية لـ “النووية” بالنسبة لخامنئي
أشار خامنئي في لقائه بالخبراء النوويين إلى الأهمية الاستراتيجية وفي نفس الوقت “الموضوعية والملموسة” للصناعة النووية واعتبرها أحد المكونات الأساسية لـ “القوة والمصداقية”، قائلاً: “إنّ كلّ من يحب إيران والجمهورية الإسلامية وقوة البلاد وتقدمها ، عليه أن يعطي المصداقية والأهمية للأنشطة العلمية والبحثية والنووية الصناعية”
لكن النقطة المهمة للغاية في الجزء الرئيسي من خطاب خامنئي هي كذبه حول “الخوف من إنتاج إيران للأسلحة النووية” معتبراً هذا أكذوبة من “الأعداء”.
ويقول: “إنهم يعلمون أننا لا نبحث عن أسلحة نووية؛ كما اعترفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بالحقيقة عدة مرات، بما في ذلك في الأشهر الأخيرة، أنه لا يوجد مؤشر على تحرك إيران نحو بناء أسلحة نووية”
خامنئي، من أجل التستر على نيته الشريرة لإنتاج القنابل النووية وأسلحة الدمار الشامل “سواء كانت نووية أو كيميائية”، اعتبرها مخالفة للإسلام، وقال: “إذا لم يكن هذا أساساً إسلامياً وكانت لدينا الإرادة لإنتاج أسلحة نووية، لكُنا فعلنا ذلك ويعرف الأعداء أنهم لايستطيعون إيقافنا “.
أخيراً، وضع خامنئي نظرية لخطته المشؤومة للحصول على قنبلة نووية بطريقة تجعل “معارضة التقدم” السبب الحقيقي لمعارضة الأعداء للصناعة النووية للنظام الإيراني، قائلاً: “ان هذه الصناعة هي مفتاح التقدم الكبير الذي تشهده البلاد في مختلف القطاعات، في الوقت نفسه، يخاف الأعداء من الأمم الأخرى التي تتبع طريق وفكر “الأمة الإيرانية” التقدمية”.
لماذا وصل خامنئي إلى طريق مسدود أمام “التحدي النووي”؟
لقد وضعت الأزمة النووية في السنوات العشرين الماضية خامنئي على مفترق طرق:
الطريق الأول: هو الانصياع لمطالب المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويعني التوضيح والتحقق وإلغاء البرنامج النووي نهائيا والذي يسمى في ثقافة نظام ولاية الفقيه بـ “كأس السم النووي”، وهو سم له آثاره المميتة بشكل طبيعي وسيستمر في تعطيل جميع العلامات الحيوية لنظام الملالي. على الرغم من أن خامنئي قد أطلق عليها بالفعل اسم “الانحدار اللانهائي”، وقال: “إن آثار هذا الانحدار اللامتناهي ستنطلق من الطاقة النووية، وستؤدي إلى الصواريخ وحل الحرس الثوري، وأخيراً الإنكار الكامل لولاية الفقيه”. (حزيران/ يونيو 2016).
الطريق الثاني: هو استمرار السباق النووي وعدم الانصياع لمطالب المجتمع الدولي.
وهذا نتيجة الخناق الذي وضع عليه خامنئي إصبعه في لقائه بـ”المسؤولين النوويين”، أي استمرار وزيادة العقوبات والضغوط في ظل وضع اقتصادي كارثي.
هذا هو المعنى الحقيقي لـ “التحدي” الذي يتحدث عنه خامنئي لأنه يرى نظامه في مأزق تام. ويتجلى هذا المأزق في خطاب خامنئي في 11 حزيران/ يونيو عندما قال من جهة: “لا مشكلة في الاتفاق”، لكنه قال في نفس الوقت، وبطريقة معاكسة تماماً: “لكن لا ينبغي المساس بالبنية التحتية للصناعة النووية”!
خامنئي على رأس نظام ولاية الفقيه الذي يسيطر على كل القضايا، إنه يشعر أكثر من أي شخص آخر بخطورة هذا المأزق والتحدي في الوضع الراهن للمجتمع الإيراني، وهو يعلم أنّ أيّ عامل يمكن أن يفجر مرة أخرى برميل البارود من المظالم الاجتماعية ويخلق انتفاضة ستؤدي حتماً إلى الإطاحة بالنظام بأكمله.
إنّ ما أدى إلى استمرار التحدي والمأزق لنظام ولاية الفقيه، وعدم السماح لحيل خامنئي ومناوراته مع تواطؤ المهادنين بأن تصبح غير فعالة، هو الكشوفات المستمرة من قبل المقاومة الإيرانية، والتي تجلت في ضغط الأوروبيين والرأي العام الأمريكي ضد البرنامج النووي للنظام.
وتنعكس هذه الضغوط في قرارات برلمانات الدول الأوروبية والكونغرس الأمريكي ومواقف مجموعة واسعة من الشخصيات السياسية ورجال الدولة، ويتفهم خامنئي معناها بشكل أفضل وأكثر من كل أركان نظامه، ويشعر ويلامس عواقبها بكل أحاسيسه.