يبدو أن الأزمة الحاصلة جرّاء انقطاع المحروقات ونقصها وتباين أسعارها, هي حالة عامة في كل الأراضي السورية باختلاف مناطقها, ولكنها اليوم تعود إلى الواجهة بقوة خصوصاً في مناطق سيطرة النظام الذي ما انفك مسؤولوه عن الوعود الموجه لجموع المواطنين السوريين القاطنين في مناطقهم بتأمين مواد المحروقات الأساسية “كالمازوت والبنزين” وبأسعار منخفضة, ولكنها بقيت مجرد وعودٍ حتى اللحظة وأزمة توفر مواد المحروقات في تصاعد مستمر.
بدأت أزمة انقطاع مواد المحروقات واضطراب أسعارها مع ارتفاع حدة الصراع في مختلف انحاء سورية, وخصوصاً بعد دخول الثورة السورية عامها الثاني بداية العام 2012م, حيث خسر النظام مساحات واسعة من المحافظات السورية التي تعتبر أراضيها المصدر الرئيسي للثروات النفطية وخصوصاً في محافظتي دير الزور والحسكة, ساهم ذلك في تراجع كبير لمستوى الإنتاج المحلي من النفط الخام حتى وصل لأدنى مستوياته في مطلع العام 2015م, فضلاً عن توظيف هذه المواد بشكل كبير, ووضعها في خدمة الآلة العسكرية للنظام وخصوصاً مادة الديزل “المازوت” التي تعتبر العصب الرئيسي لحركة العربات الثقيلة من المجنزرات والدبابات وناقلات الجند المصفحة, وقد أثر هذا التوظيف على سير القطاعات الإنتاجية المدنية الأخرى التي باتت تعمل باضطراب مع نقص مادة الديزل وغلاء سعرها في حال توفرها, سيما بعد أن بدأت حكومة النظام تستورد هذه المادة الرئيسية والتي تعتبر عصب الحياة من الخارج, خصوصاً من تلك الدول المساندة للنظام في حملته العسكرية ضد الشعب السوري.
تذمر جديد من حلول حكومة النظام:
اعتبر عدد من الصناعيين الذين مازالوا يدعمون اقتصاد النظام قرار السماح للقطاع الخاص باستيراد المازوت أفرغ من هدفه الأساسي الرامي لدعم العملية الإنتاجية في مختلف المنشآت بعد اعتماد من قام بالاستيراد المازوت أسعاراً مرتفعة.
فقد وصل سعر المازوت المستورد براً من قبل القطاع الخاص “المحسوب على دوائر ضيقة متحالفة مع النظام” الى سعر مرتفع جداً في مناطق النظام مقارنة مع الحالة الاقتصادية المتردية عند أغلب الناس القاطنين هناك, حيث وصل سعر الليتر الواحد منه لمبلغ 365 ليرة سورية, في حين ارتفع أكثر في أسواق عرضه ليصل الى سعر يترواح ما بين قيمتي 385 و410 ليرة سورية لليتر الواحد, الأمر الذي سينعكس وبشكل كبير على سير العملية الإنتاجية نحو الأسوأ مع محاولات الصناعيين استيعاب الأزمة واستمرار وعود وزراء حكومة النظام, وبالتالي سترتفع تكاليف الإنتاج وسيجد الصناعيون أنفسهم عاجزين عن مجاراة هكذا أسعار, ويذكر أن الشكاوي جاءت من الصناعيين الكبار والصغار على حدٍ سواء, فيما اعتبره أصحاب منشآت حرفية وزراعية كارثياً.
حلول إسعافيه ولكنها غير مجدية:
حاولت حكومة النظام في دمشق جاهدة منذ بداية أزمة المحروقات استيعاب المسألة بعدة حلول إسعافيه, ولكنها لم تثمر بل زادت المسألة تعقيداً, فاستمرار توظيف المحروقات لخدمة الآلة العسكرية للنظام مستمر حتى اللحظة, ومعظم آبار النفط هي خارج فبضة النظام, وتكاليف إنتاج النفط المستورد مرتفعة, والسوق السورية عاجزة عن استيعاب تكاليف استيراده, لذلك لجأت حكومة النظام لإعطاء الضوء الاخضر لتجار كبار في القطاع الخاص بالقيام بهذه المهمة نيابة عن الحكومة.
حتى هذه الخطوة لم تفلح لأن معظمهم حول استيراده لتجارة “سوداء” عبر التحكم بسعره ورفعه لمستويات قياسية بات أي صناعي غير قادر على طرح منتجاته في السوق بأسعار منافسة نظراً لارتفاع التكلفة.
اللافت للأمر عندما يوجه إعلام النظام رسائل مقصودة للسوريين المقيمين في المناطق المحررة ليلفت انتباههم لبؤس الحياة التي يعيشونها ومن ضمنها غلاء وانقطاع المحروقات عن مناطقهم, متجاهلاً حقيقة أن هذه الحالة المزرية في مناطق المعارضة هي من انتاجه وصنيعته كأسلوب قديم جديد لتركيع السوريين وارضاخهم, ومتناسياً في نفس الوقت معاناة السوريين في مناطق سيطرته من مخلفات حربه الطويلة, وخصوصاً منعكساتها على حالتهم الاقتصادية في صورة معبرة فعلاً عن الشعار الذي رفعته “قوات النظام” في بداية الثورة “الأسد او نحرق البلد”..
المركز الصحفي السوري-حازم الحلبي.