حلقة الموت تزداد إحكاما حول عنق النظام الإيراني!
لا تُلام ي دولة على صفتها القومية أو الدينية، إذا كان أساس شرعية الحكومة في بلد ما قائمة على حق الإختيار الحر لشعب ذلك البلد، وتقوم شرعية أي عضو في المجتمع الدولي، على أساس الإلتزام بالتعايش والامتثال للمبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أما فيما يتعلق بإيران فهناك شكلين من الإنتهاكات الجسيمة، حيث لا وجود للديمقراطية في إيران ولا وجود للتعايش السلمي مع العالم، وعليه فإن نظام ولاية الفقيه الحاكم نظاما غير شرعيا على نحو مضاعف ويجب إزالته،
ويجب رفضه داخل إيران من قبل الشعب والمقاومة الإيرانية، وخارج إيران من قبل المجتمع الدولي، ذلك لأن هذا النظام لا يمثل الشعب الإيراني، ولا يضمر ودا مع شعوب العالم أيضا!حلقة الموت تزداد إحكاما حول عنق النظام الإيراني!
كل دولة وحكومة هي عضو من مجتمع أكبر بهذا العالم، ولن يكون لنهج اللامبالاة تجاه باقي الأعضاء في المجتمع الدولي عواقب سارة، ذلك لأن المجتمعات تؤثر على بعضها البعض عمليا في مساراتها العلمية والمنطقية والتقدمية، وأيضا تملي على كل دولة بأن تتماشى معها، فعلى سبيل المثال لا يمكن إستثناء أي مجتمع من مسار وباء فيروس كورونا أو التطور العلمي كالكمبيوتر، ذلك لأن العصر الحاضر هو عصر مزيد من التبادل والتأثير والتأثر بين المجتمعات.
في هذا السياق أدانت الحكومات وتدين حتى الآن وفي كل عام، انتهاكات حقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني، وفي السويد وبلجيكا كشفت الأجهزة القضائية لهاتين الدولتين الستار مؤخرا، عن الجرائم الكبرى التي اُرتُكِبَت من جانب النظام الإيراني، وحُكِمَ على اثنين من آلاف المجرمين الحاكمين لإيران بعقوبة شديدة، لمشاركتهم في مجزرة الإبادة الجماعية لأكثر من 30 ألف سجين سياسي في إيران، أو بسبب العمل الإرهابي لصالح هذا النظام خارج حدود إيران، من الذين كانوا يعتزمون تفجير الاجتماع السنوي للمقاومة الإيرانية.
الرسالة الأساسية في الوضع الجديد، هي أنه عندما يتم إغلاق الطريق في وجه سياسة الإسترضاء والمهادنة مع نظام الملالي، فإن كل ما يتعلق بإيران سيكون على خط العدل والتعايش والأمن والاستقرار!حلقة الموت تزداد إحكاما حول عنق النظام الإيراني!
بعد أن كانت سياسة الاسترضاء مع نظام الملالي، هي الجانب المهيمن في التحركات السياسية والاستراتيجية لفترة رئاسة جو بايدن، التي شكلت سلسلة من الإخفاقات المشككة جديا في مستقبله، ووضعته تحت الإستفهام باستثناء حالات قليلة، اضطر فيها إلى النأي بنفسه عن سياسة الاسترضاء، بسبب عوامل خارجية ومن بين هذه الحالات كان الاستمرار بإبقاء تسمية ما يسمى بـ “الحرس الثوري” في قائمة الإرهاب.
وقع السيد بايدن خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، في لقائه برئيس وزراء إسرائيل بيانا مختلفا تماما، عما أعلنته إدارة باراك أوباما في فترة إدارته، وفي بيان فيما بينهما تحت مسمى “بيان القدس”، شدد البلدان على منع الحكومة الإيرانية من امتلاك أسلحة نووية، وفيه تم التأكيد على أن إيران “لن تمتلك أبدا” أسلحة نووية، ويتعارض هذا التأكيد مع رؤية الاتفاقية النووية الأولية، التي وقعتها دول الخمسة + واحد، لأنه بموجب ذلك الاتفاق كان بإمكان النظام الإيراني عاجلا أم آجلا، أن يكون قادرا على امتلاك السلاح النووي، أكد جو بايدن بعد هذا البيان أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة كآخر سلاح، لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية، وكذلك أكد جو بايدن على إبقاء اسم الحرس الثوري الإيراني في القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وقال إن الحرس الثوري الإيراني سيبقى على قائمة الإرهاب حتى لو انهار الإتفاق النووي المشترك.
وعلى طريق هذه التحركات هناك فرص لا ينبغي إضاعتها من اليد ذلك لأنها نادرة، ولأنك إن لم تفعل ما يجب عليك فعله، فإنك ستتلقى ما لا يمكنك أن تتلقاه!
وتزامنا مع الأخبار المتعلقة بزيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، لم يستطع النظام إخفاء مدى خوفه من هذه الزيارة، ووصفها بأنها “محاولة لعودة أمريكا رسميا إلى المنطقة”، وأعلن النظام فيما بعد أن “الرئيس الأمريكي ينوي حضور اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي، بشأن الحديث عن تشكيل إئتلاف عربي – عبري مع الحكام العرب”.
مؤتمر جدة يوجه تحذيرا للحكومة الإيرانية
استضافت المملكة العربية السعودية يوم السبت 16 يوليو 2022 ججتماع جدة للأمن والتنمية، بمشاركة قادة دول الخليج بالإضافة إلى دول مصر والأردن والعراق، وقد حضر رئيس الولايات المتحدة والوفد المرافق له في هذا المؤتمر، وأكدوا في هذا الاجتماع الذي تضمن إدانة إرهاب النظام الإيراني، الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة على مواجهة تحديات المنطقة والحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط ، وطالبوا النظام الإيراني بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول المنطقة.
أما الأمر الذي كان أكثر إخافة ورعبا بالنسبة للنظام الإيراني، هو إعلان جو بايدن وقوله إننا لن نسمح بخلق فراغ بالسلطة في الشرق الأوسط، وأن أميركا لن تنسحب من منطقة الشرق الأوسط، مما سيخلق فراغا في السلطة وتريد دولاً مثل إيران أو روسيا أو الصين تعبئة هذا الفراغ في المنطقة.
وهنا يجب أن يكون هذا الإعلان صادما بالنسبة للنظام الإيراني، ذلك لأنه في السنوات الأخيرة وخاصة بعد المناورات الخطيرة، التي أظهرها بشأن الاتفاق النووي وكذلك الأزمة الأوكرانية، واقتراب نظام ولاية الفقيه بتقديراته الخاطئة الكبيرة من روسيا والصين، حتى يتمكن من تلبية مطالبه والجلوس كرسي رأس الاتفاقية النووية!
وجدير بالذكر إلى أنه بسبب الدور الموفق لانتفاضات الشعب الإيراني وأنشطة المقاومة الإيرانية، التي لا بديل ولا مناص عنها، أصبح النظام الإيراني ضعيفا وهشا أكثر من أي وقت مضى، وبالمنطقة خاصة في العراق باتت هيمنة النظام في وضع الانهيار، وتم فتح القضايا العالقة لهذا النظام في مختلف مجالات كـ إنتهاكات حقوق الإنسان، والإرهاب، وقد اتخذ الصراع مع هذا النظام وجها قبيحا أمام الرأي العام العالمي، وتم التخلي جديا عن سياسة الاسترضاء.
اقتربت الآن فترة الرئاسة الأمريكية من نهاية عامها الثالث، ولا بد أن السيد بايدن قد اقترب من حقيقة أن النظام المتسلط على إيران ليس أهلا للتفاوض، ولا يوجد مستقبلا قابلا للتصور بشأنه، ذلك لأنه قد سئم العالم والشعب الإيراني منه على جانبي حدود هذا البلد، وإذا كانت هناك في البداية تصورا يفيد بأنه يمكن إيقاف توسع وإرهاب النظام من خلال سياسة الاسترضاء والتنازلات، وأنه يمكن منعه من الحصول على أسلحة نووية، فإن هذا التصور ليس له أي أساسٍ واقعيٍ الآن، وأما الطريق الوحيد الأوحد للحل هو الاعتراف رسميا بالمقاومة الإيرانية كمقاومة مشروعة للشعب الايراني.
مقال رأي / عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع