«حلب جريحة… وتبحث عن طبيب يعالجها بعدما قُصفت مستشفياتها وأصبحت غير صالحة للملمة الجراح. فقد صعّد الطيران السوري من قصفه على شرق المدينة، ما أخرج كل مستشفيات الأحياء المحاصرة من الخدمة وأغلق المدارس، وبات حوالى ربع مليون شخص عرضة للموت جراء الحصار أو نقص الأدوية أو عدم القدرة على الذهاب إلى مراكز طبية ميدانية، إضافة إلى شعور عناصر الدفاع المدني بالعجز جراء عدم توافر أكياس نايلون لتغطية جثث القتلى بعدما قُتل 150 مدنياً خلال خمسة أيام من القصف المتواصل.
ودفع التصعيد في حلب بالولايات المتحدة إلى إصدار بيان شديد اللهجة (…). وقالت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس في بيان: «تدين الولايات المتحدة بأشد العبارات هذه الهجمات المروعة ضد البنية التحتية الطبية وعمال الإغاثة الإنسانية». وأضافت: «لا عذر في ارتكاب هذه الأفعال الشنيعة. الولايات المتحدة تنضم مرة أخرى إلى شركائنا… في المطالبة بوقف فوري لهذا القصف وتدعو روسيا إلى احتواء العنف وتسهيل المساعدات الإنسانية و(سبل) وصولها إلى الشعب السوري».
وفي الإطار ذاته، قال منسق الشؤون الانسانية في سورية علي الزعتري والمنسق الاقليمي للشؤون الانسانية للأزمة السورية كيفن كينيدي إن «الامم المتحدة تعرب عن شديد حزنها وصدمتها من التصعيد الأخير في الأعمال القتالية التي تجري في مناطق عدة من سورية وتدعو جميع الاطراف الى وقف كامل للهجمات العشوائية على المدنيين والبنى التحتية المدنية».
وبالتزامن مع ذلك، يبدأ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا اليوم الأحد، زيارة إلى دمشق يلتقي خلالها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطة. وأوضحت الصحيفة أن زيارة دي ميستورا «تستمر ليوم واحد». وكان دي ميستورا اقترح أن يغادر عناصر «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) شرق حلب وأن تتولى المعارضة إدارة القسم الشرقي من المدينة من دون دخول الجيش السوري إليها.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن 27 مدنياً قتلوا أمس بقصف جوي ومدفعي طاول كل أحياء شرق حلب. ونشر عناصر الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة (الخوذ البيضاء) على صفحتهم على موقع «فايسبوك» السبت، أشرطة مصوّرة وصوراً تظهر مدى عنف القصف. وفي أحد الأشرطة المصورة، يظهر متطوعون قرب جثة مضرجة بالدماء في أحد الشوارع فيما يقول أحدهم: «لم يعد لدينا أكياس» لتغطية الجثث، ويهتف آخر: «أسرعوا، أسرعوا»، فيما يتطلع المسعفون إلى السماء للتأكد من عدم تحليق مقاتلات فيها. وكتب المسعفون على «فايسبوك» أيضاً: «إنه يوم كارثي في حلب المحاصرة مع قصف غير مسبوق بكل أنواع الأسلحة»، مؤكدين أنهم أحصوا انفجار «ألفي قذيفة مدفعية و250 ضربة جوية».
وكان «المرصد» أفاد الجمعة بأن القصف المدفعي، وبراجمات الصواريخ، غير مسبوق منذ العام 2014 في تلك الأحياء التي اعتادت الغارات الجوية. وأوضح أمس أن «الناس ينامون على دوي القصف ويستيقظون على دوي القصف»، مضيفاً: «إنهم لا يجرؤون على الخروج من منازلهم».
وأعلنت مدارس شرق حلب في بيان تعليق الدروس السبت والأحد «للحفاظ على سلامة التلاميذ والمدرسين بعد الضربات الجوية الهمجية». ومساء الجمعة، تسبب قصف مدفعي لقوات النظام على حي المعادي في شرق حلب بخروج مستشفى عن الخدمة بعد تضرره جزئياً. وقال مراسل لـ «فرانس برس» في شرق حلب نقلاً عن مصدر طبي في المستشفى، إن القصف أدى «إلى تدمير جزئي للمستشفى المتخصص بالأمراض العامة»، موضحاً «أن مريضين قتلا بعد إصابتهما بالقصف، عدا عن إصابة مرضى في المستشفى وأفراد من الطاقم الطبي بجروح».
وجاء استهداف المستشفى بعد ساعات من استهداف مركز رئيسي للدفاع المدني في حي باب النيرب، وخروجه من الخدمة. ووثق «المرصد السوري» مقتل 71 مدنياً على الأقل منذ الثلثاء جراء القصف الجوي والمدفعي على الأحياء الشرقية، بينهم عشرة قتلوا السبت.
وقالت مديرية صحة حلب إن كل المستشفيات في شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة السورية أصبحت خارج الخدمة. وجاء في البيان الذي أرسله مسؤول من المعارضة: «لقد خرجت كل المستشفيات العاملة بمدينة حلب الحرة عن الخدمة نتيجة القصف الممنهج والمستمر لها خلال اليومين الماضيين من القوات النظامية والطيران الروسي. وهذا التدمير المتعمد للبنى التحتية الأساسية للحياة جعل الشعب الصامد والمحاصر بكل أطفاله وشيوخه ورجاله ونسائه من دون أي مرفق صحي يقدم لهم العلاج وفرص إنقاذ أرواحهم ويتركهم للموت».
وتزامن التصعيد العسكري في حلب اعتباراً من الثلثاء مع إعلان روسيا حملة واسعة النطاق في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحمص (وسط).
الحياة اللندنية