الحكم الأخير في محاكمة حميد نوري، الذي كان مسؤولًا في السجون الإيرانية وكان متورطًا في مجزرة عام 1988 للسجناء السياسيين، يمثل لحظة حاسمة في سعينا لتحقيق العدالة. في 19 ديسمبر، أعلنت محكمة الاستئناف أن نوري، المعروف بأنه مساعد للنائب العام في السجن، ثبت أنه كان مشاركًا في عمليات الإعدام بالتعاون مع آخرين. ووصفت المحكمة هذه المشاركة بأنها “جريمة خطيرة ضد القانون الدولي”.
ولا يفاجئ أن النظام الإيراني أدان الحكم على أنه حكم سياسي مدبر. وفي خطوة حسابية، نظمت طهران محاكمة للمواطن السويدي يوهان فلوديروس خلال 24 ساعة في فرع محكمة الثورة، بهدف عرض قوتها في احتجاز الرهائن. للأسف، ساهمت وسائل الإعلام الغربية في هذا السياق، مما قدم للنظام التغطية التي كان يسعى إليها.
على الرغم من السابقة التاريخية للنظام الإيراني في الحصول على الإفراج عن إرهابيين مدانين أو مشتبه بهم، احتفل الشعب الإيراني ومنظمات حقوق الإنسان بقرار المحكمة السويدية لأسباب تتجاوز حالة حميد نوري بعينه.
تأسست محاكمة نوري كمثلٍ قانوني حاسم، تظهر أنه بالإرادة السياسية والأدلة الكافية وآليات قانونية قوية، يمكن القضاء على الإفلات من العقوبة لجرائم ضد الإنسانية. إقرار الطابع النظامي لمذبحة عام 1988 والتورط المباشر لنوري في عمليات الإعدام يرسخ أسسًا للإجراءات القانونية المستقبلية ضد مسؤولين إيرانيين آخرين متورطين في جرائم مماثلة. هذا الحكم البارز يعيد تأكيد مبدأ أنه لا يُعفى أحد، بغض النظر عن منصبه الرفيع، من المساءلة.
تؤكد المحاكمة على أهمية الولاية العالمية، التي تمكِّن من محاكمة جرائم ضد الإنسانية في أي بلد، بغض النظر عن متى وأين حدثت. تكتسب هذا المبدأ أهمية خاصة نظرًا لرفض النظام الدائم لمحاسبة مسؤوليه، مما يستمر في تشجيع ثقافة الشمولية المتساوية للولاء.
حقيقة أن مسؤولًا إيرانيًّا خضع للمحاكمة وتم إدانته في محكمة سويدية ترسل رسالة قوية بأن المجتمع العالمي لن يتسامح مع الإفلات من العقوبة لمثل هذه الجرائم البشعة. يتحدى هذا التحول الباراديغما التقليدية للحصانة الدبلوماسية ويبرز المسؤولية المشتركة للدول في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الصارخة وتصحيحها.
منذ أطلقت السيدة مريم رجوي حملة وطنية ودولية للعدالة لضحايا مجزرة عام 1988 في عام 2016، تكشف رحلة هامة. أثرت هذه الحركة على انتخابات النظام في عام 2017، مما أدى إلى هزيمة محرجة لإبراهيم رئيسي على الرغم من الدعم السري للزعيم الأعلى.
حيث وجه النظام جهودًا لقمع هذه الحركة، ووضع خطة متقدمة داخليًّا ودوليًّا، وكان إدراج حميد نوري في السويد جزءًا استراتيجيًّا منها. على الرغم من جهود طهران لمنع مشاركة المعارضة الإيرانية في القضية، فإن مؤامرات النظام فككت خلال 113 جلسة محكمة امتدت على مدى أكثر من عامين.
وفي نهاية المطاف، وبناءً على شهادات مقنعة من ناجين مرتبطين بالمعارضة الإيرانية، وتقديم كم هائل من الأدلة، وجهود مخلصة من قبل ممثليهم القانونيين، لم تتبع مكايد النظام الخطة المنويّة. ونتيجة لذلك، يعتبر حكم حميد نوري انتصارًا هامًّا ضد استراتيجية النظام لتحدي الحقيقة ومؤيديها الشرعيين.
على عكس سياسات الاستسلام الغربية والتنازل عن تكتيكات طهران في احتجاز الرهائن، يعتبر ملف نوري ليس نقطة نهاية بل محفزًا للإجراءات القانونية المستقبلية. يشجع الناجون ومنظمات حقوق الإنسان في دول أخرى على اتباع النموذج القانوني السويدي وبدء تحقيقاتهم ومحاكماتهم. يجب أن يستفيد المجتمع الدولي من هذه الفرصة لضمان العدالة لضحايا مجزرة عام 1988 وتأسيس سابقة لمحاسبة مرتكبي جرائم بشعة مماثلة على مستوى العالم.
وبما أن انتهاكات حقوق الإنسان في ظل الأنظمة الاستبدادية كانت حتى الآن مجرد نقاط ضغط سياسية، يرمز السابق القانوني المعتمد، إلى جانب تطبيق الولاية العالمية، إلى عصر جديد في سعينا للمحاسبة عن كبار المسؤولين المتورطين في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.