كشفت صحيفة تلغراف البريطانية عن برنامج لحزب الله اللبناني لإنشاء “جيوش إلكترونية” في سوريا ودول عربية، وتدريبهم على إدارة حسابات كثيرة وتجنّب الرقابة التي تفرضها شركات وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح تحقيق التلغراف بأن حزب الله يجري منذ عام 2012 تدريبات لآلاف الناشطين المقربين من إيران، على كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتعامل مع الصور رقمياً، وإدارة أعداد كبيرة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، وإنشاء مقاطع فيديو، وتجنب الرقابة على فيسبوك ونشر المعلومات المضللة وبث الرعب والانقسام لدى أي طرف يعارضه على الإنترنت بشكل فعال.
وقال “محمد” للصحيفة، وهو شاب عراقي شارك في إحدى التدريبات التي استمرت لمدة 10 أيام، بأن الدورات التدريبية شارك فيها ناشطون من العراق والسعودية والبحرين وسوريا، وأُجريت في مبنى مكون من ثلاثة طوابق في ضاحية بيروت الجنوبية، “يبدو من الخارج متهالكاً لكنه من الداخل مليء بأدوات التكنولوجيا المتقدمة”.
وبحسب محللين فإن هذه الدورات “تسلط الضوء على نفوذ إيران الخبيث في المنطقة، والطرق غير المشروعة التي تعتمد عليها لنشر أيديولوجيتها في الشرق الأوسط، المنطقة التي تزداد انقساماً”. في حين أشار محمد إلى أنها هذه التدريبات تدرّ على حزب الله ملايين الدولارات.
وأشارت الصحيفة إلى أن سياسيين ومحللين ومتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي، وعضواً في وحدة العمليات النفسية العسكرية العراقية وعضواً في المخابرات العراقية وعدة أعضاء سابقين متخصصين بالتجييش الإلكتروني، شاركوا في هذه التدريبات بتقديم أكثر من 20 محاضرة.
ولاحقاً بات الشاب محمد مدرباً لناشطين آخرين بعد تلقيه عدة تدريبات كان أولها عام 2015. وأضاف “عندما وصلت بيروت، كنت متوتراً بسبب السرية الشديدة.. لكن عندما قابلت المدربين المتخصصين وأدركت كيف كانت الدورة تقنية ومعمقة، أصبحت متحمساً للغاية”.
أما عبد الله (اسم مستعار)، وهو سياسي في أحد أكبر الأحزاب السياسية في العراق، وقد شارك شخصياً في إرسال أفراد إلى بيروت للتدريب على كيفية إنشاء وإدارة ملفات شخصية وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، فقال: “أصبحت تجارة لحزب الله، الأشخاص الذين أرسلناهم طوروا مهاراتهم في بيروت وعندما عادوا بدؤوا في تدريب الناشطين داخل العراق”، مضيفا أن تدريباً مماثلاً يتم تقديمه في إيران لكن ليس بنفس الشعبية وسهولة الوصول إليه.
وكذلك تلقّت جماعة عراقية شبه عسكرية لها علاقات وثيقة مع حزب الله في لبنان، تدريبات مماثلة، لتنفّذ بعدها حملات على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع خلال عام 2019 باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بها، مثل توزيع مقاطع فيديو عالية الجودة تستهدف بقوة الشخصيات العامة التي يُنظر إليها على أنها “معادية” لإيران.
ووفقاً للتحقيق، فإن من الأساليب الشائعة التي تستخدمها هذه الجيوش الإلكترونية هي إنشاء شبكات كبيرة من الحسابات المزيفة التي تضخم رسائل معينة عن طريق الإعجاب والتعليق ومشاركة منشورات بعضها البعض.
ويرى مهند السماوي رئيس مركز الإعلام الرقمي العراقي، وهو مركز مستقل لرصد وتحليل وسائل الإعلام، أن تأثير المعلومات الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي في دول الشرق الأوسط مثل العراق، التي تفتقر إلى المؤسسات الحكومية والصحفية القوية، أكبر بكثير من أوروبا والولايات المتحدة.
وتابع “التصريحات والرسائل الكاذبة التي تحرض على العنف، والتي تنتشر عبر الإنترنت يمكن أن تؤدي بسهولة مباشرة إلى العنف المميت في الحياة الحقيقية في العراق. نشر المعلومات الكاذبة يضر بشدة بالعراق”.
وأثار مقتل الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي في السادس من تموز الماضي، غضباً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعاد آلاف العراقيين نشر الرسائل التي كانت تطالب بتصفيته، وحمّلوا فيسبوك وتويتر جزءاً من المسؤولية عن وفاته.
ويصنّف حزب الله كمنظمة إرهابية في 18 دولة، بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
وشاركت ميليشيا الحزب في دعم قوات النظام في سوريا وقتل المتظاهرين والمدنيين منذ بداية انتفاضة السوريين عام 2011، وتنامى نفوذه بعد التدخل الإيراني في سوريا لاحقاً بعشرات الميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية وغيرها المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
نقلا عن تلفزيون سوريا