عادت مضايا وبقين والزبداني المحاصرة بريف دمشق إلى الواجهة أخيراً، بمأساتها الإنسانية وجوعها الذي خطف أرواح أكثر من 65 شخصاً، من أصل أكثر من 40 ألف مدني، معظمهم من الأطفال والنساء، وذلك عبر محاولة “حزب الله” الفاشلة بالسيطرة على نبع بقين للمياه العذبة، مصدر مياه الشرب الوحيد للمنطقة، ضمن سياسة التضييق على المحاصرين.
في هذا السياق، يكشف الناشط الإعلامي من الزبداني، أبو شوكت، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “مقاتلي حزب الله قصفوا أطراف بلدة بقين بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة والمتوسطة، في محاولة منها للسيطرة على نبع بقين، الذي يروي المحاصرين في بلدتي بقين ومضايا”. ويلفت إلى أن “مقاتلي فصائل المعارضة صدّوا الهجوم، ما أدى لمقتل أحد عناصر الحزب وإصابة آخرين”.
كما تفيد معلومات من مصادر مقرّبة من “حزب الله”، أن “الأخير يسعى للسيطرة على النبع كورقة ضغط جديدة في المفاوضات الإيرانية مع جيش الفتح، حول مضايا والزبداني وكفريا والفوعة، المحاصرة من قبل جيش الفتح، من شحّ شديد في المياه”.
في المقابل، يرى أبو شوكت أن “المسألة ليس لها علاقة بأزمة مياه في كفريا والفوعة اللتان تعتمدان على الآبار المحلية، في حين تصلهم المساعدات عبر الطيران، لإضافة إلى ما يدخل لهم مقابل إدخال المساعدات الانسانية إلى الزبداني ومضايا وبقين”.
وترى مصادر معارضة في دمشق، أن “محاولة الحزب الأخيرة للسيطرة على نبع بقين، تصبّ في تعطيل الاتفاق الأخير الذي تم التوصّل إليه تحت ضغوط روسية بين الإيرانيين وجيش الفتح، والقاضي برفع يد الحزب عن مضايا وتدخلها قوات النظام في سياق تسوية عامة، يتم فيها استثناء 50 مقاتلاً مع عائلاتهم في مضايا، وترحيلهم إلى إدلب، فضلاً عن ترحيل 120 شخصاً وهم آخر من تبقّى في الزبداني، التي ستكون تحت يد الحزب. وهذا الاتفاق لا يصبّ في مصلحة الحزب الذي يسعى لوضع يده على كامل منطقة القلمون، ويُرحّل جميع سكانها”.
وتقول المصادر إن “مسألة فك ارتباط كفريا والفوعة عن مضايا والزبداني وبقين، تنعكس إيجاباً على مصالح المدنيين المحاصرين، تحديداً في عملية إدخال المساعدات، واليوم أي منظمة تريد إدخال مساعدات الى بقين، بحاجة إلى موافقة إيرانية وإدخال شيء مماثل لكفريا والفوعة”.
في هذا الإطار، يُحذّر ناشطون من مخططات إيرانية تسعى لتغيير التركيبة الديمغرافية في مناطق دمشق وريفها وحمص، خصوصاً في القلمون، حيث مضايا والزبداني، وفي الغوطة الغربية حيث داريا، وذلك عبر التضييق على سكانها لأبعد الحدود بهدف دفعهم إلى هجر مناطقهم”.
وتفيد مصادر مطلعة من داخل مضايا أن “هناك صراعا حقيقيا على مصير مضايا وبقين والزبداني، بين النظام والحزب، فقد غيّب الأخير القوات النظامية عن إدارة الأرض، وأصبح هو الآمر الناهي. الأمر الذي يثير حفيظة بعض مراكز القوى داخل النظام، والتي بدورها تواصلت عبر قنوات اتصال غير مباشرة مع الفعاليات المدنية للقيام بنشاطات مناهضة لمشاريع التهجير، وذلك قد يعود لخوفه من استفراده بتلك المناطق”.
يشار إلى أن مضايا والزبداني وبقين تعاني من واقع إنساني صعب جدا، في وقت تعاني فيه من عدم دخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، لم تدخل المساعدات إليها منذ مطلع شهر رمضان الماضي، ما جعل معظم العائلات تفتقد في منازلها ما يمنع عنها الجوع، في وقت تقف فيه الدول الفاعلة في القضية السورية والمنظمات الدولية عاجزة عن تخفيف مأساة السوريين.
العربي الجديد