برزت إيران كمورد بديل للنفط لتركيا في العام 2016، مما مكّن أنقرة من تخفيض كمية النفط الخام التي يتم شراؤها من روسيا بدرجة كبيرة. وكانت ايران قادرة على الاضطلاع بهذا الدور الحيوي لتركيا بسبب الطفرة الكبيرة التي حققتها في إنتاج النفط الإيراني منذ تنفيذ خطة العمل المشترك الشاملة في شهر يناير، وهو الاتفاق بين ايران ودول 5+1 الذي أدى إلى رفع العقوبات الدولية عن صناعة النفط الايرانية. ومع ذلك، بالنسبة لإيران ولكي تستمر في لعب هذا الدور الاستراتيجي للتخفيف من وطأة اعتماد تركيا على صادرات النفط الروسية، سوف تحتاج طهران إلى زيادة إنتاج النفط. وتعتمد قدرة إيران على القيام بذلك والجدول الزمني لتنفيذ هذا الأمر – إلى حد كبير – على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وعلى الرغم من أن العراق كان أكبر موردي النفط الخام إلى تركيا في العام 2015، بنسبة 46 % من واردات النفط التركية، جاءت كل من إيران وروسيا في المرتبة الثانية من قائمة أكبر مصدري النفط الخام إلى تركيا، بنسبة 39 % من واردات النفط الخام التركية. وبحسب هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، شكّل النفط الإيراني 20 % من واردات النفط التركية في العام 2015 ، في حين شكلت واردات روسيا 19 %. ومع ذلك، انخفضت واردات النفط التركية من روسيا إلى 10.5 % في الربع الأول من العام 2016، في حين ارتفعت الواردات القادمة من إيران إلى 23.5 % من مزيج إمدادات النفط المستوردة لتركيا.
وعلى الرغم من زيادة واردات تركيا النفطية أيضا من المملكة العربية السعودية، إلا أن مساهمة طهران من الامدادات النفطية إلى تركيا تشكل أكثر من ضعف امدادات الرياض. حيث أصبحت طهران في موقف يمكنها من زيادة الصادرات إلى تركيا بسبب الارتفاع الكبير في انتاج النفط الايراني بعد رفع العقوبات. وقبل فرض عقوبات العام 2012 على طهران، كانت إيران تنتج حوالي 4.4 مليون برميل يوميا. وفي شهر يناير، بلغ إنتاجها النفطي حوالي 2.8 مليون برميل يوميا، أو 64 % من مستوى الانتاج قبل فرض العقوبات. ومنذ رفع العقوبات في شهر يناير بموجب تنفيذ خطة العمل المشترك الشاملة، زادت ايران انتاجها من النفط الخام ليبلغ 3.8 مليون برميل يوميا، ويتم تصدير حوالي 53 % من هذا الانتاج، وتسير بخطى ثابتة نحو الوصول إلى مستوى انتاج 4 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام 2016.
وفي الربع الأول من العام 2016، بدأت تركيا في استيراد النفط الخام من الكويت لتصبح بذلك خامس أكبر مورد نفط إلى تركيا بنسبة 8.3 % من واردات النفط التركية. وبذلك، عوضت واردات النفط الكويتية الجديدة إلى حد كبير انخفاض كميات النفط التركية المستوردة من الموردين التقليديين: العراق ومصر وكازاخستان وإيطاليا.
ومع ذلك، لازالت مساهمة إيران في إمدادات النفط إلى تركيا أكبر من المملكة العربية السعودية والكويت مجتمعتين. ومع ذلك، لكي تستمر ايران في امداد النفط إلى تركيا، يعتبر الاستثمار الأجنبي هو المفتاح الرئيسي لكل من تعزيز انتعاش حقول النفط الإيرانية القديمة، وتطوير حقولها الجديدة، ويتأثر الإطار الزمني لكل منهما بالانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية .
وفي حين تحتاج إيران إلى تحسين شروط نماذج تعاقدات النفط الجديدة لجذب المستثمرين وشركات النفط الدولية الأوروبية (شركات النفط العالمية)، وخاصة أن بعض هذه الشركات التي كانت موجودة في قطاع الطاقة الإيراني مثل بريتش بتروليم وايني وريبسول وشل وستات أويل وتوتال، حريصون على الاستثمار في ايران. ولكن تنتظر هذه الشركات العالمية لترى مدى توافق سياسات الرئيس الأمريكي المقبل مع سياسات الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما. ومع تصريحات أحد المرشحين الرئيسيين للرئاسة بأنه سوف “يعيد التفاوض” على شروط الاتفاق مع إيران، تتردد الشركات الأجنبية كثيرا في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في إيران.
سوف تبدأ فترة ولاية الرئيس المقبل في 20 يناير 2017، وسوف تتبلور سياسته تجاه إيران على الأرجح في غضون الاشهر الثلاثة الاولى من توليه الرئاسة. وإذا ما استمرت السياسة الأمريكية تجاه إيران على المسار العام الحالي، يمكن أن يتم الانتهاء من قرارات الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني بحلول نهاية العام 2017 أو في عام 2018.
وفي الوقت الذي تسعى فيه تركيا للحفاظ على مستوى منخفض من واردات النفط من روسيا، سوف يتحدد توجه علاقات النفط التركية نحو إيران أو نحو دول الخليج العربي إلى حد كبير عن طريق صناديق الاقتراع الأمريكية.
إيوان 24