شر رئيس الوزراء التركي السابق البروفيسور أحمد داود أوغلو، مناشدة يدعو من خلال قادة الدول والمنظمات الإسلامية إلى تأجيل مشكاكلهم اليومية “التي لا معنى لها” والخروج عن صمتهم لإظهار جبهةً مشتركة فيما يتعلَّق بقضية القدس المباركة بفلسطين، “حتى لا يبقى المسجد الأقصى دون جماعةٍ يوم الجمعة”.
وقال داوود أوغلو، في بيان، إن إسرائيل “تقوم بواحدٍ من أكثر الاحتلالات الممنهجة في التاريخ على مرأى من البشرية كلها، مغتصبةً أرض المسلمين شبراً شبراً. وفي هذا الإطار، فمن غير المقبول أن تصل الآن السياسات القمعية والدموية التي تتزايد يوماً بعد الآخر في القدس إلى المسجد الأقصى”.
وأضاف: “من المؤسف أن تكون ضمانة إسرائيل في ارتكابها لتلك الجرائم هي أنَّ الدول الإسلامية عالقة في مشكلاتها، تماماً كما رأينا في الأزمة الخليجية. وستطمأن إسرائيل بسبب غياب أي ردٍ حقيقي على عمليات القتل، والمنع، والقمع التي استمرت في التزايد حول المسجد الأقصى والقدس الشرقية في الأسابيع الأخيرة”.
ودعا داود اوغلو منظمة التعاون الإسلامي، التي تأسَّست بسبب القدس والمسجد الأقصى، إلى أن تخرج عن صمتها. وباعتبارها أكبر منظمة جامِعة للدول الإسلامية، فعليها أن تجتمع بأسرع وقتٍ ممكن للبحث عن حلولٍ بشأن الأحداث الحالية في القدس.
ولابد من تنحية المشكلات الداخلية للجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والصراعات بين أعضاء كلٍ منها، والتركيز على مشكلتنا المشتركة، ألا وهي القدس. ولا يجب أن يُكرِّر أحدٌ أخطاء الماضي ويتحمَّل عار البقاء مُتفرِّجاً بسبب المشكلات الداخلية، بينما تفعل إسرائيل ما يحلو لها بأماكن المسلمين المُقدَّسة.
وتابع البيان.. لا يمكن لأحدٍ أن يتنصَّل من المسؤولية إذا ما سمح باحتلال المسجد الأقصى على نحوٍ مشابه لما رأيناه في الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل.
قد يكون للحُكَّام أولوياتٌ مختلفة. لكنَّ أولوية الشعوب المسلمة هي القدس. وقد ينسى الحُكَّام. لكنَّ الشعوب المسلمة لن تنسى القدس أبداً.
إنَّني أناشد الجميع حتى لا يبقى المسجد الأقصى دون جماعةٍ يوم الجمعة. يتعيَّن على الدول الإسلامية أن تؤجِّل مشكلاتها اليومية التي لا معنى لها، وأن تُظهِر جبهةً مشتركة فيما يتعلَّق بقضية القدس.
إنَّني أناشد القادة، ومنظمات المجتمع المدني، والمثقفين الذين يحترمون القانون الدولي وحقوق الإنسان، وحرية الاعتقاد والعبادة في العالم. كلنا ندفع ثمن البقاء صامتين على عمليات القتل الفجَّة الطائشة وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل.
ولابد للولايات المتحدة أن ترى عِظم حجم المشكلة حين لا تشرف إدارتها على تحقيق التوازن بين الطرفين، ولابد لها أن تتعلَّم الدرس مما يحدث. لقد أساءت إسرائيل استغلال كل شكلٍ من أشكال الدعم الذي تلقَّته، ودفعت داعميها للتأسُّف على ذلك الدعم.
ولم يترك الانحياز المتهوِّر لصالح إسرائيل تلك المشكلة دون حل لسنواتٍ وجعلها حتى أكثر صعوبة فحسب، بل سيشوِّه أيضاً سُمعة الغرب أكثر، لا سيما الولايات المتحدة، في أعين الشعوب المسلمة.
وفي هذا الإطار، يجب على الأمم المتحدة أن تتحرَّك وتُفعِّل كافة الآليات، بما في ذلك لجنة القدس، التي تتمتَّع تركيا بعضويتها.
ويجب على كل شخصٍ في موقع السلطة بالعالم الإسلامي أو على الساحة الدولية أن يفعل ما بوسعه؛ ولابد من اتخاذ خطواتٍ لتجنُّب نشوء أزمةٍ لا يمكن السيطرة عليها.
قد يُنظَر إلى عملية السلام في الشرق الأوسط على أنَّها قضيةٌ بين فلسطين وإسرائيل. ومع أنَّ قضية اللاجئين هي مسؤولية مشتركة للبشرية جمعاء، فربما يُتوقَّع أن تكون المجتمعات العربية وإسرائيل قادرة على حلها فيما بينهم. لكنَّ القدس ليست القدس فحسب. وقد أظهر التاريخ في مراتٍ عديدة أنَّ ما يحدث داخل حدود الأقصى لن يبقى مقتصراً على ذلك المكان.
إنَّ لديّ احتراماً عميقاً لأشقائي الفلسطينين والفلسطينيات الأعزاء الذين رعوا وحموا، أحياناً بمفردهم، القدس والمسجد الأقصى لعقودٍ على حساب حياتهم. وسيجد نضالهم المُنفرِد، لكن الجدير بالاحترام، بكل تأكيد الثواب العادل في وجود الله. ويجب أن يعلموا أنَّهم ليسوا بمفردهم.
لقد خانت إسرائيل تاريخ يهودييها، الذين عاشوا في ظل الحكم الإسلامي منذ الفتح الإسلامي للقدس في سنة 636 ميلادية فصاعداً. وبعد 830 سنة من إحلال صلاح الدين النظام مرةً أخرى في القدس، وبعد 500 سنة من تسليم القدس للعثمانيين، وبعد 100 سنة بالتمام منذ انسحابهم منها، تحاول إسرائيل تحويل تلك المدينة المُقدَّسة بالنسبة للأديان الثلاثة إلى مدينةٍ يهوديةٍ تماماً.
إنَّ تسهيل إرساء السلام في المنطقة وحماية حقوق أشقائنا الفلسطينيين والفلسطينيات هو إرثٌ تاريخيٌ لنا.
إنَّ القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين. والمسجد الأقصى هو موقعٌ إسلاميٌ مُقدَّس. والقدس هي روح التاريخ، وهي الاسم المشترك للسلام. وعلينا أن نقف يداً بيدٍ ضد تدمير روح التاريخ وقتل السلام.
ترك برس