تطغى تداعيات الهجوم، الذي أسفر عن قتل سبعة أشخاص في قلب لندن، على كل القضايا الأخرى بما في ذلك الحملات السياسية قبل الانتخابات العامة المقررة الخميس التي يتنافس فيها حزب المحافظين الحاكم مع حزب العمال المعارض.
ويحتل السجل الأمني لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، عندما كانت تشغل منصب وزيرة الداخلية، الحيّز الأكبر من الحملة الانتخابية.
ويواجه حزب المحافظين الذي تتزعمه ماي المزيد من الأسئلة حول إشراف ماي على خفض أعداد رجال الشرطة بعد أن أعلنت الشرطة أسماء المهاجمين وكشفت عن أن أحدهما كان معروفا لدى أجهزة الأمن.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة سورفيشن لصالح “آي.تي.في” أن تقدم المحافظين تقلص إلى نقطة واحدة بنسبة 41.6 بالمئة مقابل 40.4 بالمئة، وكان استطلاع مماثل أشار الأسبوع الماضي إلى فارق يفوق 6 بالمئة.
وأعلنت الشرطة البريطانية الثلاثاء اسم المهاجم الثالث الذي شارك في تنفيذ اعتداء لندن، وسط تنامي الغضب الشعبي قبل يومين من الانتخابات بسبب تمكن الجهاديين من الإفلات من المراقبة وتنفيذ مخططهم.
وأكدت أن المنفذ الثالث لاعتداء لندن هو يوسف زغبة البالغ 22 عاما ويحمل الجنسية الإيطالية ومن أصول مغربية، غداة التعرف على شريكيه خرام شزاد بات (27 عاما)، وهو بريطاني مولود في باكستان ومعروف لدى الشرطة، ورضوان رشيد (30 عاما) الذي كان يعرف نفسه بأنه مغربي وليبي.
وقالت الشرطة إن شزاد بات كان “معروفا لدى الشرطة والمخابرات”، لكن لم تكن هناك معلومات استخباراتية تفترض التخطيط للهجوم. وأضافت أن زغبة “لم يكن موضع اهتمام الشرطة أو جهاز المخابرات البريطاني”، وهو ما يتعارض مع ما ذكرته تقارير إعلامية إيطالية.
وتعالت الأصوات الناقدة بشكل فوري لكيفية تمكن شزاد بات من تنفيذ الهجوم.
وظهر منفذ الاعتداء الذي يتحدر من أصول باكستانية في شريط وثائقي لقناة “تشانل 4” السنة الماضية بعنوان “جيراني الجهاديون”. وبحسب الإعلام البريطاني فإن العديد من الأشخاص الذين لفتتهم وجهات نظره كانوا قد أبلغوا السلطات عنه.
وذكرت تقارير إعلامية إيطالية أن المخابرات الايطالية كانت قد أبلغت الأجهزة السرية في بريطانيا والمغرب حول وضع زغبة كمتطرف محتمل.
وكانت صحيفة “كورير ديلا سيرا” الإيطالية قد ذكرت أن زغبة أوقف في مطار إيطالي لأن السلطات اعتقدت أنه في طريقه إلى سوريا وأن المسؤولين الإيطاليين حذروا نظراءهم منه.
ويأتي اعتداء لندن بعد التفجير الانتحاري في 22 مايو الذي نفذه سلمان العبيدي وأودى بحياة 22 شخصا بينهم أطفال، وكان معروفا أيضا لدى أجهزة المخابرات البريطانية.
وتساءلت صحيفة ذي صن “لماذا لم يوقفوا جهادي التلفزيون؟”، فيما كتبت التلغراف “من المستغرب أن يتمكن أشخاص يمثلون تهديدا بهذا الشكل من عرض أفكارهم المقززة على التلفزيون من دون أي عواقب”.
وأقر وزير الخارجية بوريس جونسون الثلاثاء لهيئة “بي بي سي” بأن على الأجهزة الأمنية أن تقدم أجوبة للناس.
وقال لشبكة سكاي نيوز “الناس سوف ينظرون إلى الصفحات الأولى اليوم وسوف يقولون كيف أمكن لنا ترك هذا الشخص وآخرين يفلتون من الشبكة؟ ما الذي حدث؟ كيف بإمكانه أن يكون على برنامج في القناة الرابعة ثم يرتكب فظائع كهذه؟”. واستؤنفت الحملات الانتخابية الاثنين بعد توقف قصير مع هيمنة موضوع الأمن على السجالات قبل موعد الاقتراع.
وتعهدت ماي بالانقضاض على المحتوى الذي يبثه المتطرفون على شبكة الإنترنت وقالت “لا يمكننا ولا يجب أن نتظاهر بأن الأمور يمكن أن تستمر كما هي عليه”.
وواجهت ماي انتقادات قاسية بسبب سجلها الأمني في السنوات الست الماضية التي كانت فيها وزيرة الداخلية قبل أن تصبح رئيسة الوزراء العام الماضي.
وأجاب زعيم المعارضة جيريمي كوربن عندما سئل على قناة “آي تي في” حول ما إذا كان يدعم الدعوات لاستقالة ماي “بالتأكيد أدعمها”.
وانخفض عدد رجال الشرطة بين عامي 2009 و2016 بحوالي 20 ألف عنصر، أي بما نسبته 14 بالمئة بحسب معهد الدراسات المالية المستقل.
وتعهد كوربن بتوظيف الآلاف من رجال الشرطة من أجل العمل في الأحياء، وحجته أن مقاربة شعبية قد تكبح الجريمة والتطرف.
ويقول المحللون إن النقاش حول الأمن يجعل الأمور تميل لصالح كوربن، الذي يبدو أنه يكسب الأرض قبل انتخابات الخميس.
وردت ماي بأن كوربن نفسه كان ضعيفا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب. فقد تعرض إلى انتقادات لتصويته ضد تشريع لمكافحة الإرهاب وأبدى تحفظات على استجابة الشرطة للهجمات بأسلوب “إطلاق النار للقتل”. ولم ترد ماي على أسئلة متكررة بشأن خفض القوات، لكنها قالت إن ميزانية مكافحة الإرهاب كانت محمية والشرطة كانت لديها السلطات التي تحتاجها.
ودعت ماي إلى إجراء انتخابات مبكرة في 18 أبريل بحجة أن نيلها غالبية في البرلمان يقوي موقفها في مفاوضات بريكست مع الاتحاد الأوروبي.
لكن تركيز الحملة الانتخابية الذي انتقل فجأة من بريكست إلى مواضيع اجتماعية صب في مصلحة كوربن.
وبدأ تراجع تقدم المحافظين قبل هجوم مانشستر وهجمات لندن وبدا أنه مرتبط بدرجة كبيرة بسياسة لا تحظى بتأييد شعبي تتعلق بالرعاية الصحية لكبار السن. واستمر التراجع بعد الهجوميين بحسب أغلب استطلاعات الرأي
العرب اللندنية