مدينة القصير وهي مركز منطقة القصير, تتبع إدارياً لمحافظة حمص, وتتمتع بموقع جغرافي هام وتاريخ عريق وذلك نظراً لقربها من نهر العاصي, حيث شهدت منذ القدم موقعة معركة قادش الثانية بين الفراعنة والحثيين والتي تم خلالها توقيع أول معاهدة سلام في التاريخ, حيث يعود نشوء المدينة الحديثة إلى القرن الثامن عشر.
تبعد هذه المدينة عن مركز مدينة حمص حوالي 35 إلى الجهة الغربية منها, وعن الحدود اللبنانية حوالي 15 كم إلى الجهة الشرقية منها, وتتمتع بسهول منبسطة وفيها بعض التلال بسيطة الارتفاع, وأغلب السهول الزراعية فيها مروية من نهر العاصي, ونحتوي أيضاً على نشاطات صناعية وتجارية مختلفة.
وبعد اندلاع أحداث الثورة السورية في درعا سارع أهل مدينة القصير للالتحاق بها ودعمها واتخذ هذا الدعم مسلكين أساسيين:
المسلك الأول: عن طريق تنظيم المظاهرات السلمية التي عمت أرجاء المدينة بمشاركة واسعة من سكانها.
المسلك الثاني: عن طريق انشقاق عدد كبير من أبناء المدينة العاملين في السلك العسكري والأمني وتشكيلهم كتائب تابعة للجيش الحر.
وقد ساهم موقع مدينة القصير الاستراتيجي وقربها من الحدود اللبنانية في تأجيج نار الثورة في مدينة حمص, ومساعدة الثوار في تأمين الدعم اللوجيستي لهم إلى داخل المدينة.
وبعد أن أصبحت مدينة القصير رقماً صعبا في حسابات النظام إثر خروجها عن سيطرته وسلطته, وتمكنت كتائب الجيش الحر المتشكلة من أبناء المدينة من السيطرة عليها لحماية المدنيين والمظاهرات السلمية من بطش قوات النظام, وكان لابد للنظام من اقتحامها، حيث دخلت قواته العسكرية المدينة في 6-7-2011م.
استمرت المقاومة في مدينة القصير بعد إصرار ثوارها على استمرار ثورتهم, وعادت كتائب الجيش الحر إلى الواجهة مرة أخرى وسيطرت على المدينة, وهنا دخلت معركة القصير مرحلة جديدة مع دخول قوات حزب الله اللبناني المساندة للنظام والمدعومة من إيران لتنفيذ مخططاتها في سورية, فوضع الحزب عينه على المدينة نظراً لموقعها الاستراتيجي الهام, حيث أدركت هذه الأطراف مجتمعة باختلاف مصالحها أن إنهاء الثورة في مدينة القصير ستكون المرحلة الأولية لإخضاع محافظة حمص بالكامل.
وبدأت معركة القصير الكبرى في 19-5-2013 واستمرت 18 يوم, حيث بدأت المعركة بقصف المدينة بالطائرات والمدفعية وقذائف الهاون, ما أسفر عن سقوط العديد من الشهداء المدنيين والثوار واستمرت حملة القصف العنيف في الأيام التالية مصحوبة بقيام أعداد كبيرة من قوات النظام وحزب الله اللبناني باقتحام المدينة من عدة اتجاهات, انتهت تلك المعركة بسقوط المدينة وخروج الثوار والمدنيين منها بعد صمود كبير وأصبحت ضمن خطة التغيير الديمغرافي التي ينتهجها النظام, ومنذ ذلك الحين غابت أحداث مدينة القصير عن واجهة الثورة ولكنها بقيت في الذاكرة على أمل عودة أهلها إليها..
فادي أبو الجود – مجلة الحدث.